icon
التغطية الحية

علامات تامة في طرطوس واللاذقية.. بتدخل مباشر من الأمن السياسي

2024.07.26 | 07:45 دمشق

آخر تحديث: 26.07.2024 | 08:23 دمشق

577777777777777
امتحانات الثانوية العامة في سوريا
دمشق ـ سامي جمعة
+A
حجم الخط
-A

يشعر عبد الحكيم المحمود بالقلق فمجموع علاماته ربما لا يؤهله لدراسة هندسة الزراعة، لأن معدلات القبول الجامعي ارتفعت نسبياً في السنوات الأخيرة، كما وأن الجامعات الخاصة باتت حكراً على فئة محدودة جداً في سوريا بعد أن باتت رسوم التسجيل بملايين الليرات السورية لا تتناسب إطلاقاً مع متوسط دخل الفرد الذي يعتبر الأدنى تقريباً عالمياً.

لكن شعور عدم الرضا لدى عبد الحكيم تضاعف عندما علم بمجموع صديقه عادل مرهج، الذي تجاوزه بعلامات كثيرة، يقول عبد الحكيم: "أنا وصديقي عادل درسنا معاً في مدرسة الحسن بن الهيثم بحي الميدان في دمشق منذ المرحلة الابتدائية، وجلسنا في مقعد واحد حتى المرحلة الثانوية في مدرسة فايز منصور، لكن عادل انتقل في الفصل الثاني لهذا العام إلى طرطوس، وكانت المرة الأولى التي يتجاوزني عادل بعلامات كثيرة، وأنا الذي أعرف إمكاناته الدراسية".

ويضيف عبد الحكيم لموقع تلفزيون سوريا: "بالتأكيد أنا لست معترضاً على المجموع المرتفع الذي حققه عادل، لكنني أعرف مستواه جيداً ومن خلاله أستطيع أن أدرك مدى التسيب الحاصل في بعض المراكز الامتحانية والذي يتم الحديث عنه في المواصلات العامة وفي كل مكان لكن الوزارة تغض الطرف عنهم لأسباب لا نعلم ما هي".

إياد حجازي مدرس لمادة الرياضيات في حمص يقول: "اللاذقية وطرطوس باتتا مقصداً لتقديم الشهادة الثانوية للطلاب أصحاب المحسوبيات لأنه لا يسمح لأي طالب بالنقل خلال العام الدراسي في مرحل الشهادات الأساسية من مكان سكانه إلى مدينة أخرى، لكن بعض أبناء الضباط ينتقلون إلى هناك باستثناء من وزير التربية حصراً للحصول على النجاح أو لتأمين علامات عالية لأن تسريب الأسئلة متفش جداً في تلك المحافظتين، وكل شيء بثمنه".

ويضيف حجازي لموقع تلفزيون سوريا: "في العام الدراسي الماضي حصل ثمانية طلاب من ثانوية واحدة في اللاذقية على المجموع التام في الفرع العلمي وكانت فضيحة كبيرة لأنه من أصل 20 طالباً على مستوى القطر حصل نحو 14 طالباً من طرطوس واللاذقية على علامات تامة، واعتزمت وزارة التربية حينئذ على فتح تحقيق رسمي بالثانويات المتورطة حول حالات غش مفضوح ووجود أوراق إجابات معدة مسبقاً كما شاع بين الطلاب وبوجود شهود عيان، لكن لسبب ما حال دون فتح أي تحقيق!".

الحادثة تكررت هذا العام لكن في الصف التاسع حيث حصل خمسة طلاب من مدرسة واحدة في طرطوس على العلامة التامة.

علامات تامة

وتساءل أحد المدرسين عن غرابة العلامات التامة التي حصدتها طرطوس في التعليم الأساسي بـ12 طالباً في حين أن دمشق التي يتجاوز عدد طلابها عشرة أضعاف عدد الطلاب في طرطوس حقق طالبان فقط العلامة التامة.

وفي 22 من تموز الحالي، أصدرت وزارة التربية نتائج امتحانات شهادة التعليم الأساسي (الإعدادية) بفروعها لدورة العام الحالي، إذ تراجعت نسب النجاح عن العام الماضي من 77.11% إلى 66.07 هذا العام.

زين – اسم وهمي - لطالب من ثانوية منذر حسن علي في اللاذقية، حصل على علامات تؤهله لدراسة كيات الهندسة بمختلف الاختصاصات يقول "لقد كنت محظوظاً جداً لأن ابن أحد ضباط فرع الأمن السياسي في اللاذقية كان معنا في القاعة نفسها وكانت الحلول تصل إليه بعد مضي نصف وقت الامتحان عبر شخصين مسلحين بلباس مدني، وكان هذا الطالب يسمح للجميع بالاستفادة ولكن بالإجابة عن سؤال أو سؤالين ليس أكثر وكان يوصينا أن حديث أحدنا للتجاوز الحاصل سوف يورّط الجميع".

يقول زين لموقع تلفزيون سوريا: "في الواقع لن أسجل في أي فرع هندسة لأنني أعرف جيداً إمكاناتي ولن أتمكن من متابعة دراسة الهندسة لذلك سوف أدرس أي فرع أدبي مكتبات أو آثار ومتاحف أو معهد تعويضات سنية".

ريثما تصدر المفاضلة الأولى للقبول الجامعي سيبقى القلق ملازماً لعبد الحكيم، لأنه وعد والدته بتحقيق حلمها ودراسة فرع يمكنه من إعادة افتتاح صيدلية والده الزراعية الذي توفي بعد أن تم اختطافه عام 2019.

ويختم مدرس الرياضيات كلامه "المفارقة أن العلامات التامة فقط في محافظتي طرطوس واللاذقية وحتى في باقي المحافظات تكون غالباً لأبناء ضباط من تلك المدينتين وانتقلوا بحكم عملهم إلى دمشق أو محافظة أخرى، كل ذلك يحصل في وقت تعيش فيه البلاد أسوأ الأوضاع، حيث لا كهرباء ولا خدمات وهناك فقر مدقع، وهجرة للكوادر التعليمية".

نصف الأطفال السوريين بلا تعليم

وتقدم أكثر من 558 ألف طالب وتلميذ لامتحانات الشهادات العامة هذا العام في المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري، وذلك بحسب رئاسة مجلس الوزراء.

ولا تشمل هذه الأرقام الطلاب والتلاميذ الذين ينخرطون في مؤسسات تعليمية بمناطق خارج سيطرة النظام السوري، في شمال غربي وشمال شرقي سوريا.

ولا يزال قرابة نصف الأطفال في سن الدراسة البالغ عددهم 5.5 ملايين طفل (نحو 2.4 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة) خارج المدرسة، بحسب أرقام منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).

وأعطى وزير التربية السابق، دارم طباع، صورة عن الوضع التعليمي في سوريا عبر عدة إحصائيات، في تموز 2023، منها أنه من إجمالي 22 ألف مدرسة عاملة قبل عام 2010، يوجد 14 ألف مدرسة عاملة، تضرر عدد منها أيضاً بسبب كارثة الزلزال في شباط 2023، وأن ميزانية التعليم قبل عام 2010 بلغت 14%، بينما وصلت حالياً إلى 4% أو 4.5% من الموازنة العامة.