تساؤلات كثيرة طرحت تلتها تخوفات حول "المنطقة الآمنة" التي تحدث عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما قال في خطابه سنعيد أكثر من مليون سوري إليها، فما هي الظروف التي ستخلق في هذه المنطقة؟ ومن سيساهم في إنشائها؟ وكم تحتاج من الوقت؟ وما طبيعة المشاريع التي تحتاجها لتضمن عودة طوعية كما يقول المسؤولون الأتراك؟
كل هذه الأسئلة وغيرها طرحناها على ضيف الثلاثاء الاقتصادي لهذا الأسبوع الدكتور سنان حتاحت الباحث في منتدى الشرق ومركز عمران للدراسات الاستراتيجية.
الحديث عن "منطقة آمنة" ليس بجديد، لكن هذه المرة كان الزخم الإعلامي أكبر من سابقاته والحديث أخذ منحى جديا أكبر بعد قرار وزارة الخزانة الأميركية استثناء بعض مناطق الشمال السوري من العقوبات والسماح للشركات بالدخول والاستثمار، إضافة إلى الضغط الشعبي التركي قبل مرحلة الانتخابات، وتغير الحالة الاقتصادية في البلاد، فبحسب حتاحت "لا يمكن الحديث في هذا الموضوع قبل تأمين المنطقة بنسبة مئة في المئة كخطوة أولى وبعدها نتحدث عن النظام الحوكمي والقانوني الذي يجب أن يحكم الصناعيين والتجار".
ويتابع "أما في النظر للبنية التحتية نجد أن المنطقة فقيرة ولا يغنيها سوى الحدود مع تركيا فهي خارج الخدمات كلها (كهرباء -مياه-مواد أولية -خدمات).
ما هي المشاريع التي تحتاجها "المنطقة الآمنة"؟
إذا ما هي المشاريع التي تحتاجها "المنطقة الآمنة"؟ يوضح ضيفنا أنه "يجب أن نفصل بين المشاريع المتوقعة والتي بدأ تنفيذها والمشاريع التي تحتاجها المنطقة بشكل كبير.. فعلى سبيل المثال الحكومة التركية اتجهت للمشاريع الإسكانية فقط وبعض مراكز البريد.. لكن ما يمكن أن يسد الفراغ هو الشركات الخاصة سواء تركية أوسعودية أو قطرية إلا أنها مربوطة بتأمين المنطقة أولا, حيث كانت لشركات الكهرباء الخاصة التي بدأت بالعمل في الداخل السوري تجربة فاشلة بحسب الأهالي، وهي تستجر الكهرباء من الأراضي التركية وتبيعها بأسعار باهظة بالنسبة لسكان المنطقة، لكن المشاريع المطلوبة اليوم هي المشاريع المنتجة التي لا تكتفي بالسوق المحلي وإنما تصدر منتجاتها وهذا تحدٍ كبير كون السوق غارقة بالبضائع التركية وأسعارها تنافسية".
فبحسب الدكتور سنان فإن هذا كله يعتمد على تركيا والدول المتعاونة والمجتمع الدولي في الاستثمار في مشاريع البنية التحتية بعد عودة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ودول الخليج.
فمن هي الفئة التي ستعود من تركيا إلى "المنطقة الآمنة" والفئة الأكبر هم عمال ونسبتهم 750 ألفا إلى 950 ألفا بحسب منظمة العمل الدولية فهل هي الفئة المستهدفة للدخول؟ يقول ضيفنا "ليس بالضرورة أن تكون هذه الفئة المتوقع دخولها رغم الاستفادة الكبيرة من خبراتهم لكن مربط الفرس هو المنتج التركي بحد ذاته والمواد الأولية والتقنيات المستعملة لأن الظروف المتوافرة للعمال في تركيا غير موجودة في سوريا وهذا ما يجب العمل عليه كخطوة أولى".
أما فيما يخص ترابط مناطق النفوذ المختلفة ببعضها ذكر "د.حتاحت" فإن هذا التعامل سيُشرعن بطبيعة الحال بعد قرار أوفاك الذي أقرته وزارة الخزانة الأميركية والتساهل بالحركة بين المناطق لأن الترابط الاقتصادي موجود بالأصل بطريقة غير شرعية والحركة التجارية موجودة، وهذا ما سيخفف من اللوجستيات التي تحتاجها تلك العمليات، إضافة لإمكانية استيراد السوق المحلية من السوق الدولية، وهذا يفتح المجال للتحرر من القيود التي كانت مفروضة سابقا على العمل في الداخل. ولكن كل ما ذكر يحتاج إلى عقد كامل لإنجازه، حتى تستطيع الناس العودة بشكل طبيعي، كما يقول ضيفنا.