لم تعد مصادر البروتين النباتية والتي تعتبر أرخص المصادر في متناول الأسر السورية، وعقب ارتفاع الأسعار أصبحت العائلات عاجزة عن تأمين البروتين من هذه المصادر، ما يهدد النظام الغذائي الخاص بها وخاصة للأطفال.
"لم أعد قادرا على تأمين أي من مصادر البروتين اللازمة لأطفالي، حتى المصادر الرخيصة باتت خارجة عن قدرتي اليومية"، يقول سيف الدين لموقع تلفزيون سوريا وهو رب عائلة مكونة من 3 أولاد، مضيفاً "أرخص مصدر للبروتين النباتي كلفته في اليوم 10 آلاف ليرة".
من حصة يومية إلى أسبوعية
أوقف عسّاف حصة أطفاله من البيض اليومي صباحاً قبل الذهاب إلى المدرسة، وبات هذا النمط الغذائي "نوعا من الترف" من وجهة نظره، قائلاً "ليس من المعقول أن أدفع مع كل فجر نحو 6 آلاف ليرة لأطفالي الثلاثة، فسعر البيضة ارتفع إلى 2000 ليرة ولو أردت أن أطعمهم يومياً بيضةً على الأقل فأنا بحاجة 180 ألف ليرة في الشهر، وهذا المبلغ كبير جداً خاصةً أن الطفل بحاجة إلى سندويشة للمدرسة ومواصلات ثم وجبة غداء وعشاء في المنزل، وبالتالي لن يكفي راتبي ثمن طعام".
يقول عسّاف إنه خصص بيضة لكل طفل في الأسبوع كي لا يحرمهم نهائياً من مصدر مهم للبروتين على حد تعبيره، بينما يحاول تمرير وجبة فول أو حمص مرة يوم الجمعة أيضاً، مشيراً إلى أن هذا ما يستطيع على تأمينه حالياً، بينما اللحوم خرجت من قائمة مشترياته منذ مدة.
أيضاً كوب الحليب بات من المستحيلات بالنسبة لكثير من الأسر السورية، فقد وصل سعر كيلو الحليب الفرط الناشف إلى 100 ألف ليرة، وهو بالكاد يكفي لـ15 يوماً لطفلين، بحسب مزين الذي قال إنه أيضاً غير قادر على تأمين كوب من اللبن الرائب يومياً بعد أن وصل سعر العبوة التي تزن 800 غرام إلى 6 آلاف ليرة وهي بالكاد تكفي لـ3 أكواب.
وارتفع سعر كيلو الفول المسلوق إلى 10 آلاف ليرة، ومثله كيلو الحمص، بينما ارتفع سعر كيلو الجبنة الشلل إلى 60 ألف ليرة جبنة البقر إلى 40 ألف ليرة وكذلك اللبنة، بينما وصل سعر صحن البيض إلى 60 ألف ليرة.
بيع أجزاء من الفروج لم تكن مطلوبة سابقاً
أغلب الأسر استبعدت خلال السنوات الماضية اللحوم من موائدها، ومنها من أبقت على وجبة لحم واحدة في الأسبوع، لكن مؤخراً، خرجت شريحة أوسع من الأسر التي كانت قادرة على تأمين اللحم بالحد الأدنى مرة في الأسبوع، حيث وصل سعر كيلو لحم الغنم الهبرة إلى 180 - 190 ألف ليرة حسب نوع القطعة، وكيلو لحم العجل إلى 160 – 170 ألف ليرة.
الدجاج الذي كان الخيار الثاني بالنسبة للأسر التي لا تستطيع تأمين اللحم الأحمر، ارتفاع ليلامس الـ50 ألف ليرة لكيلو الشرحات، ما دفع بعض اللحامين إلى بيع أجزاء من الدجاجة لم تكن مطلوبة سابقاً بسعر يتراوح بين 8 – 10 آلاف للكيلو، وهو جزء الرأس مع الرقبة والعمود الفقري والمؤخرة.
وأكد أكثر من بائع لحم دجاج، أن هناك إقبال على شراء هذا الجزء من الفروج الذي كان يباع لمربي الحيوانات الأليفة أو يستخدم في صناعة التشكن برغر وكباب الدجاج وغيرها بعد طحنه، مشيرين إلى أن هذا الجزء لا يحتوي على لحم سوى القليل القليل لكنه قادر على منح الطبخة نكهة الدجاج مع قليل من البروتينات.
ودق برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة بداية العام الجاري، ناقوس الخطر في بيان له أكد أن 70 في المئة من السوريين ربما لا يتمكنون في المدى المنظور من توفير الطعام لعائلاتهم، علماً أن أسعار الغذائيات كانت حينها أقل بأكثر من 100% عن ما هي عليه اليوم.
في كانون الثاني الماضي، كان سعر صحن البيض 21 ألف ليرة، وكان سعر كيلو الهبرة العجل بـ70 – 75 ألف ليرة، وهبرة الغنم بـ90 – 100 ألف ليرة، وكان سعر عبلة اللبن 2500 – 3000 ليرة.
وأضاف بيان برنامج الغذاء العالمي حينها، أنه "بعد 12 عاما من الصراع، والاقتصاد العاجز نتيجة للتضخم الجامح، والانهيار القياسي للعملة المحلية والارتفاع غير المسبوق لأسعار المواد الغذائية، هناك 12 مليون سوري لا يعرفون من أين تأتيهم الوجبة التالية من الغذاء، و2.9 مليون آخرين معرضون لخطر الانزلاق إلى الجوع".