تعمل الميليشيات والفصائل التابعة لإيران على استقطاب ما أمكن من الشباب السوريين وزجهم على جبهات القتال لصالحها، أو في حراسة منشآت ومجمعات تابعة لها أو طرقات يسلكونها، مقابل حماية المطلوبين منهم من شبح الاعتقال أو السوق إلى التجنيد الإجباري في قوات النظام، وتقديم وعود لهم بتسوية أوضاعهم وكأنهم مجندون في جيش النظام.
وتقدم الميليشيات الإيرانية للمتعاقدين معها رواتب وطعاما، وتؤمن مواصلاتهم من أماكن إقامتهم إلى أماكن انتشارهم، وتعد الرواتب للمقاتلين في صفوف القوات الإيرانية أكبر من الرواتب التي يتقاضاها العساكر المجندون في صفوف قوات النظام، وتمتاز الأطعمة المقدمة لمتعاقدين مع الميليشيات الإيرانية بجودتها مقارنة بالـ "سخرة" في جيش النظام، كما تقدّم الميليشيات الملابس العسكرية بشكل مجاني.
رواتب قليلة.. فرار من الميليشيات الإيرانية
تقول مصادر خاصة لموقع تلفزيون سوريا على دراية بأوضاع المتعاقدين مع الميليشيات الإيرانية إنه مع تدهور الأوضاع الاقتصادية في مناطق نظام الأسد وفقدان الليرة جزءا كبيرا من قوتها الشرائية، لم ترتفع رواتب المتعاقدين مع الميليشيات الإيرانية، تماشيا مع متطلبات الوضع المعيشي وجنون الأسعار.
كما تراجعت جودة الطعام بشكل عام الذي تقدّمه ميليشيات إيران، إضافة إلى أن هذه الأخيرة لم تنفذ وعودها بتسوية أوضاع المتعاقدين، بل على العكس باتوا يُعدّون أنهم مجندون في صفوف قوات النظام، بعد أن كان أحد الوعود يشمل احتساب فترة تعاونهم مع الميليشيات من فترة الخدمة في جيش النظام.
وتضيف المصادر أنه أمام هذه المعطيات قرر كثير من المتعاقدين مع الميليشيات الإيرانية من أبناء حمص وريفها، ترك العمل معها.
محمد العزو (اسم مستعار) لأحد المتعاقدين مع ميليشيا "فوج التدخل السريع" التابع لإيران في مدينة حمص، يقول لموقع تلفزيون سوريا، إن ما لا يقل عن 150 شابا تركوا العمل مع الفوج لعدم رفع الرواتب تماشيا مع الأوضاع المعيشية المتدنية.
وأوضح أن كل متعاقد يتقاضى 127 ألف ليرة سورية، كما أن هذه الرواتب وفق قوله لم تعُدْ توزع بطريقة منتظمة عليهم من قبل الميليشيات، يرافق ذلك معاملة السيئة من قيادة الفوج مع المتعاقدين.
ويضيف أن مستوى الطعام تراجع إلى مستويات غير مقبولة، مع تشديد المراقبة الأمنية عليهم، وعدم السماح للمتعاقدين بحمل هواتفهم إلى "أماكن العمل" في البوكمال.
وعلى الرغم من هذه الحال، يقول "العزو" عن نفسه إنه لا يستطيع الفرار من صفوف الميليشيا لأنه مطلوب لفرع "الأمن العسكري" في حماة، ووجوده مع الميليشيات الإيرانية يسهل حركته ويجنبه الاعتقال.
معاناة من الاعتقال وتسوية جديدة
ويعاني الشبان العازفون عن القتال مع الميليشيات الإيرانية من الملاحقة من قبل العناصر الأمنيين في الميليشيات الإيرانية، حيث يوجد في كل ميليشيا مدعومة إيرانيا ما تسمى بـ "سرية مداهمة"، مهمتها ملاحقة العناصر الفارة ومداهمة منازلهم أو اعتقالهم خلال سيرهم في الشوارع، واقتيادهم إلى مدينة البوكمال مكان عملهم وعدم السماح لهم بالعودة إلى منازلهم في حمص لمدة طويلة.
يونس المحمد (اسم مستعار) وهو أحد الفارين من صفوف ميليشيا "فوج التدخل السريع"، يقول لتلفزيون سوريا، إنه يضطر للتواري عن الأنظار خشية المداهمة والاعتقال من قبل العناصر الأمنية في الفوج.
ويضيف أنه يتجنب الحديث عن الموضوع قدر الإمكان لأن من لا يتحدث عنهم يتركوه وشأنه أحيانا، وفق تقديره.
ويؤكد أنه من يكثر الحديث عن أسباب الفرار من الميليشيات الإيرانية في حمص، تتم ملاحقته بشكل مكثف حتى يتم اعتقاله وإعادته لـ"الخدمة".
وبدأت ميليشيا "فوج التدخل السريع" مطلع نيسان الجاري، وهي مدعومة إيرانيا، ويوجد غيرها عدة ميليشيات عاملة في حمص، حيث يشكل شبان من حمص وحماة عمودها الفقري، بدأت بإجراء تسوية لعناصرها البالغ عددهم ما يقارب 2200 عنصر في "وزارة الدفاع" في حكومة نظام الأسد.
مراحل عملية التعاقد مع أبرز ميليشيات إيران في حمص
تبدأ عملية التجنيد (التعاقد) مع الميليشيا بداية بالتحاق المتعاقدين في صفوف جيش للنظام ومن ثم ندبهم إلى ميليشيا "فوج التدخل السريع"، الذي يتبع إداريأ للواء 47 المتمركز جنوب شرقي حماة.
وأمام حالة العزوف، يحاول قياديو الفوج ضبط حالة الفرار في صفوف الميليشيا عن طريق إغراء عناصرهم بتسوية أوضاعهم واعتبارهم عساكر نظاميين في جيش النظام.
وليد الآغي (اسم مستعار)، من مقاتلي الفوج قال لتلفزيون سوريا إن القادة في الفوج يشرفون على إصدار دفاتر عسكرية من شعب التجنيد لمن لا يملك دفترا.
ويضيف أنه بعد ذلك يؤخذ المتعاقد إلى مركز السوق الأول في مدينة النبك، حيث يتم عرضه على لجنة من ثلاثة ضباط، يتم في اللجنة سحب الهويات المدنية ودفاتر العسكرية، ومنح هويات مؤقتة على أن تصل الهويات الدائمة بعد ستة أشهر.
ويتابع "كثير من الفارين عادوا مع التسوية، لكن التسوية لا تشمل من هم مطلوبون لأي فرع من الفروع الأمنية، وإنما لأصحاب الفيش النظيف فقط".