صدر من ترجمته حديثاً كتاب (ثوابت الطبيعة.. من ألفا إلى أوميغا)، وهو من تأليف "جون د. بارو". وكذلك كتاب (سادة البشرية.. المواقف الأوروبية من الثقافات الأخرى في العصر الإمبراطوري) من تأليف "فيكتور كيرنان".
ويشير المترجم، عدنان حسن، إلى أن الكتاب الأول "يأخذنا في رحلة ممتعة إلى عالم الظواهر الكونية، واستكشاف فيزياء الكون والقوانين الناظمة له، التي تكفل بقاءه على هذا النحو منذ نشوئه ضمن التوازن الدقيق بين قوى الطبيعة، لكن الفكرة الأهم التي يسعى الكتاب إلى استنتاجها هي أن نشوء الحياة كان مصادفة بحتة خلقتها هذه الثوابت في تاريخ الكون. في حين يعنى الكتاب الثاني (سادة البشرية) بانطباعات وآراء الأوروبيين وغير الأوروبيين حول بعضهم بعضاً، ما قبل الحرب العالمية الأولى، الحقبة التي كانت فيها أهمية أوروبا في العالم هي الأعظم. وقد اعتبره الراحل إدوارد سعيد مؤثراً مركزياً في تطوير كتابه (الاستشراق)".
ويؤكد حسن أنه يحرص بدقة على اختيار الكتب التي يعمل وسيعمل على ترجمتها، ويتم اختياره لكتبه وفقاً لمعيارين، الأول: جدة الموضوع، أي أن يكون موضوع الكتاب جديداً وغير مطروق سابقاً، وأن يقدم الكتاب خدمة معرفية وتثقيفية للقارئ، وهو يفضل الموضوعات الشائكة المثيرة للجدل. كما يفضل الكتب التي "ترمي حجراً في بركة الفكر الراكد والتي تثير الأسئلة أكثر مما تجيب عليها.
أما المعيار الثاني فهو المعيار "الإيديولوجي"، أي المنهج الفكري الكامن وراء تأليف الكتاب. وفي بعض الأحيان يعطي الأولوية للجانب المعرفي على الجانب الأيديولوجي. وكثير من الكتب التي ترجمها لا يتفق إيديولوجياً مع مؤلفيها، لكنها تحمل قيمة معرفية تستحق الوصول إلى القارئ العربي: "ومن أهم الكتب التي اخترتها وترجمتها: كتاب الاستشراق جنسياً، لغز العقل، ما بعد الكولونيالية، الطهر والخطر، أطوار التطور الرأسمالي، الجغرافيات الافتراضية، وكتاب الماضي الخرافي: التوراة والتاريخ، وذلك لأن كل واحد من هذه الكتب يضيف مخزوناً معرفياً وثقافياً في مجاله واختصاصه".
آليات وصعوبات
وحول آليات وصعوبات الترجمة عامة، وما مر معه خلال تجربته خاصة، يقول حسن: "في العادة لا أقرأ الكتاب كله قبل الترجمة بل أختار مقاطع وفقرات عشوائية تعطي فكرة عن موضوع الكتاب ومنهجه وذلك بهدف الحفاظ على عنصر التشويق في أثناء الترجمة ومنعاً للملل. ثم أبدأ بترجمته كلياً ترجمة أولية ثم أعيد مراجعة الترجمة أكثر من مرة حتى تأخذ شكلها النهائي. أما الصعوبات التي قد ألاقيها في الترجمة فهي وجود مصطلحات لا مرادف لها في القواميس الموجودة، عندئذ يكون دوري هو نحت مرادفات للمصطلحات الجديدة وهذه مسؤولية تستدعي الدقة والأمانة".
ويوضح المترجم أن لكل كاتب لغته الخاصة وأسلوبه البلاغي والبياني الخاص به الذي يميزه عن أي كاتب آخر. "أما أصعب الترجمات التي مرت بتجربتي فهي كتاب (العرب في جزيرة العرب) من تأليف المستشرق الإسكتلندي، روبرت هويلاند، وذلك بسبب صعوبة الوصول إلى الأصول العربية للاقتباسات الشعرية والنثرية التراثية المستخدمة في النص الإنكليزي. وفي أثناء ترجمتي لهذا الكتاب اضطررت إلى السفر من اللاذقية إلى دمشق للبحث في مكتبات حي (الحلبوني) عن ديوان شاعر جاهلي مغمور من أجل بيت واحد فقط. كما أن كثيراً من مراجع الكتاب هي مخطوطات نادرة لا توجد إلا في المكتبات والمتاحف الأوروبية".
والكتاب الثاني الذي عانى من تعقيدات في ترجمته كان (الملكية الإسلامية) من تأليف عزيز العظمة، والسبب هو صعوبة معرفة المصطلحات العربية الأصلية التي ترجمها المؤلف إلى الإنكليزية و إرجاعها في النص المترجم. ويقول حسن: "عندما كلفني الناشر بترجمة الكتاب اشترطت عليه أن يقوم المؤلف العظمة بنفسه بمراجعة الترجمة. وهذا ما حصل. وكم كانت فرحتي كبيرة عندما بعث إلي العظمة رسالة تهنئة على نجاح الترجمة مع بعض الملاحظات والتعليقات، ثم صدرت الترجمة بعد مراجعته وتدقيقه لها وبذلك رفع عني مسؤولية كبيرة".
اللغة الثالثة
تباينت الآراء حول الترجمة من لغة ثانية إلى ثالثة، ويقول البعض: "لا ريب في أنَّه من الأفضل الترجمة عن اللغة الأصليّة كأساس"، وبعضهم يقبل بذلك مضطراً. ويرى آخرون أن ذلك يرجع إلى تمكن المترجم من اللغة الأولى وتمكّنه من اللغتين الثانية والثالثة. ولكن ثمة إجماع عند كل المترجمين على أنه لدينا مثال مهم على مدى روعة ودقة أعمال تُرجمت عبر لغة ثانية، وهي ترجمة الراحل "سامي الدروبي" لأعمال دوستويفسكي من الفرنسية إلى العربية.
من الصعب جداً الحفاظ على الروح الحقيقية للنص الأصلي، وهنا تكون الترجمة نوعاً من الخيانة الأدبية وخاصة في الشعر. أما في الدراسات الفكرية والعلمية والفلسفية فلا يكون الاختلاف كبيراً وتكون الأمانة مصانة تقريباً
أما المترجم حسن فيقول: "لا مانع لدي في ترجمة كتاب مترجم عن لغة أخرى إلى الإنكليزية. وقد مارست هذا بالفعل إذ ترجمت (لغز العقل) لـ سرجيو مورافيا، المترجم عن الإيطالية، و(حمى الأرشيف الفرويدي) لـ جاك ديريدا عن الفرنسية، و(تقشير البصلة) لـ غونتر غراس عن الألمانية، و(المفكرة) لـ خوسيه ساراماغو عن البرتغالية، و(علم الشرق) لـ دوراكوفيتش عن البوسنية، و(اعترافات عربي طيب) لـ يورام كانيوك عن العبرية".
أما عن مستوى اللغة، فيشير حسن إلى أنه يختلف بالتأكيد، وخاصة عند ترجمة الأجناس الأدبية الحساسة كالشعر والرواية والقصة القصيرة حيث يكون "من الصعب جداً الحفاظ على الروح الحقيقية للنص الأصلي، وهنا تكون الترجمة نوعاً من الخيانة الأدبية وخاصة في الشعر. أما في الدراسات الفكرية والعلمية والفلسفية فلا يكون الاختلاف كبيراً وتكون الأمانة مصانة تقريباً".
سيرة..
عدنان خليل حسن، من مواليد محافظة اللاذقية 1958، حاصل على ليسانس في اللغة الإنكليزية وآدابها من جامعة تشرين باللاذقية.
يعمل مترجماً للكتب الأدبية والفكرية والعلمية منذ عام 1982. ومن الكتب التي ترجمها حسن: عربات الآلهة لـ إريش فون دانيكن، 1995.
- "الطهر والخطر" تأليف ماري دوغلاس، 1995.
- "الوشيجة" (رواية ) تأليف هنري ميلر، 1996.
- الجديد في تاريخ فلسطين القديمة، تأليف توماس تومبسون، كيث وايتلام، إنغريد هيلم، 2004.
- "داوود ويسوع بين التاريخ والتراث المشرقي" تأليف توماس تومبسون، 2006.
- "التصوف الشرقي والفيزياء الحديثة" تأليف فريتجوف كابرا، 2007.
- "الناب الأبيض" (رواية) تأليف جاك لندن، 1998.
- "الأمم والنزعة القومية" تأليف إريك هوبسباوم، 1999.
- "آفاق جديدة في دراسة اللغة والعقل" تأليف نعوم تشومسكي، 2009.
والعديد غيرها من الكتب والروايات.