أرجئ تسييرُ قافلة من المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة من مناطق سيطرة نظام الأسد إلى مناطق سيطرة المعارضة عبر معبر ميزناز غربي حلب إلى أجل غير معلوم.
القافلة الأممية التي كان من المقرر تسييرها خلال يومي 10 و11 تشرين الثاني الحالي هي الثانية ضمن ما يعرف بآلية تمرير المساعدات عبر خطوط النزاع "كروس لاين" حيث تم إدخال القافلة الأولى المؤلفة من 15 شاحنة على دفعتين في كل من 20 و 21 آب الماضي، وتتألف القافلة الحالية المؤجل تسييرها من 14 شاحنة، 10 شاحنات منها تتبع لبرنامج الأغذية العالمي "wfp" في حين تتبع الشاحنات الأربع المتبقية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف".
دخول المساعدات الإنسانية "عبر خطوط" النزاع تم اعتماده في قرار مجلس الأمن الدولي في 9 تموز، والقاضي بتمديد آلية إيصال المساعدات الإنسانية "العابرة للحدود" إلى سوريا، ولمدة عام كامل من معبر باب الهوى على الحدود السورية التركية، بحسب الرؤية الأميركية للقرار في حين تقول روسيا بأن قرار تمديد إدخال المساعدات عبر الحدود مرهون بتصويت جديد بعد مضي ستة أشهر على التمديد للقرار، أي مطلع العام المقبل ومبنيٌّ على تقرير للأمين العام للأمم المتحدة نهاية العام الحالي حول شفافية العمليات، والتقدم المحرَز في مسألة إيصال المساعدات عبر خطوط النزاع، والاستجابة للحاجات الإنسانية.
أسباب إلغاء تسيير القافلة في موعدها
صفحات وصحف موالية وتابعة لنظام الأسد عللت إلغاء تسيير القافلة في موعدها الحالي إلى عراقيل تركية بهدف مساومة موسكو على ملفات أخرى، لكن مصادر خاصة أفادت لموقع تلفزيون سوريا بأن الموافقات الأمنية من كلا طرفي النزاع "نظام الأسد وفصائل المعارضة" لم تُمنح حتى الآن، وأن تسيير القافلة لم يُلغ إنما أُجِّلَ إلى موعدٍ لاحق غير معلوم حتى الآن وهو رهن التوافق بين الأطراف.
وأضافت المصادر بأن لكل من أطراف النزاع مطالبه الخاصة والتي اشترط تحقيقها لقبول تسيير القافلة الإنسانية الأممية في مناطقه.
فـ وزارة التنمية في حكومة الإنقاذ بحسب كلام المصادر اعترضت على محتويات الشحنة التي اعتبرتها شبه فارغة وطالبت بزيادة كمية المساعدات
أما نظام الأسد فطالب باختيار المنظمات المحلية الشريكة للأمم المتحدة والمعنية بتوزيع المساعدات في شمال غربي سوريا، وذلك في إشارة ضمنية لرغبة نظام الأسد وروسيا بإعادة الهلال الأحمر العربي السوري التابع للنظام للعمل في إدلب، وتسليمه ملف توزيع المساعدات وإزاحة بقية المنظمات الإنسانية عن الملف، وإشراف روسيا على آلية توزيع المساعدات الأمر الذي اعتبرته الأمم المتحدة تدخلاً روسياً مباشراً في عملها.
فضلاً عن الحديث الروسي المتكرر على لسان المندوب الروسي في مجلس الأمن والسفير الروسي في دمشق عن استبدال آلية دخول المساعدات الإنسانية الأممية عبر الحدود بآلية دخولها عبر الخطوط مما يعني تسليم ملف المساعدات الإنسانية الأممية لنظام الأسد بالكامل وحصره في مكاتب الأمم المتحدة في دمشق.
أهداف سياسية لا إنسانية
خلال الفترة الماضية وبعد التمديد لقرار مجلس الأمن الدولي لعبور المساعدات الأممية ضغطت موسكو مراراً بهدف الحصول على نصف المساعدات الإنسانية الأممية بهدف تحقيق ما سمّته التوازن في إدخال المساعدات ما بين آليتي عبر الحدود وعبر الخطوط، إذ طرحت الموضوع للنقاش خلال لقاء مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك بنائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فرشينين والمبعوث الرئاسي ألكسندر لافرنتييف في جنيف منتصف أيلول المنصرم، وذلك بناء على مخرجات قمة الرئيسين الروسي والأميركي في 16 من حزيران الفائت في جنيف، لكن موسكو لم تصل إلى مبتغاها بالحصول على نصف المساعدات الأممية حالياً، تمهيداً للحصول عليها بالكامل وإلغاء آلية إدخال المساعدات عبر الحدود مستقبلاً.
وتسعى موسكو من خلال الضغط لإعادة الهلال الأحمر السوري إلى إدلب لخلق ذراع لها داخل مناطق سيطرة المعارضة، وكما تهدف من خلال استبدال آلية دخول المساعدات الإنسانية الأممية عبر الحدود بآلية إدخالها عبر الخطوط لخلق اعتراف دولي بسيادة نظام الأسد على كامل الأراضي السورية بما فيها الخارجة عن سيطرته، وإجبار المنظومة الدولية على التعامل مع نظام الأسد، وإزالة القيود التي فرضها "قانون قيصر" الأميركي على نظام الأسد وأذرعه، ومنع الدول من التعامل معه.
ومن المتوقع أن تستمر موسكو بالضغط لتسريع آلية إدخال المساعدات عبر الخطوط واعتمادها لاحقاً بدلاً من آلية إدخالها عبر الحدود، كما من المتوقع استخدام كل من روسيا والصين حق النقض "الفيتو" ضد قرار تمديد إدخال المساعدات عبر الحدود في حال فشلت في استبدالها تدريجياً بآلية عبر الخطوط.
ورغم الجهود الأممية الحثيثة الرامية لتسيير قوافل المساعدات الإنسانية عبر الخطوط من حلب إلى إدلب فإن ذلك القرار يبقى مرهوناً بتجاذبات ومساومات الأطراف السياسية والدول الداعمة لها، وبحسب كلام مصادر موقع تلفزيون سوريا فإن القافلة الأممية لن تعبر الخطوط في الأشهر القليلة المقبلة وربما تبقى معلقة حتى منتصف العام المقبل