ملخص:
- النظام السوري يسعى للالتفاف على العقوبات الأميركية والأوروبية باستخدام طرق غير تقليدية.
- الجنسية اللبنانية أصبحت وسيلة يستخدمها النظام لإخفاء الهوية الحقيقية لرجال أعمال سوريين وتجنب العقوبات المالية.
- حزب الله يلعب دورا مهما في تسهيل حصول رجال الأعمال السوريين الموثوقين على الجنسية اللبنانية لإدارة رؤوس الأموال القذرة.
- النظام السوري يعتمد على تأسيس شركات خارج الحدود (Offshore) للتهرب الضريبي والالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليه.
- وثائق تؤكد تجنيس رجال أعمال سوريين بالجنسية اللبنانية لإخفاء هويتهم الحقيقية ولإدارة أعمالهم التجارية المشبوهة دوليا.
كلما لاحقت العقوبات الأميركية والأوروبية النظام السوري والكيانات المرتبطة به، زاد سعي النظام للالتفاف على العقوبات التي تستهدفه كتجارة الكبتاغون وأعمال التهريب، التي باتت حرفة يمتهنها النظام والميليشيات الإيرانية. العقوبات الاقتصادية الغربية على شركات وكيانات تعمل كواجهات مالية للنظام لم تتوقف وكان آخرها عقوبات أميركية استهدفت ثلاثة أفراد وخمس شركات وسفينتين، متورطين في تهريب النفط والغاز المسال للنظام السوري وتوليد الإيرادات لصالح "حزب الله" اللبناني، الذي يساعد النظام أيضا من خلال ملف "التجنيس".
اقرأ أيضا: الخزانة الأميركية تعاقب 11 فرداً وكياناً يدعمون النظام السوري بتجارة المخدرات
الجنسية اللبنانية لرجال أعمال سوريين
بحسب تراخيص لشركات بأسماء رجال أعمال يفترض أنهم لبنانيون، أثبت موقع تلفزيون سوريا بالوثائق التي توصل لها أنهم "سوريون" ولكن النظام يسعى لجعل الجنسية اللبنانية واجهة جديدة لإدارة "رأس المال القذر" الذي ينتج عن الأرباح الهائلة التي يجنيها من الكبتاغون، والتي قدرتها السفارة البريطانية في بيروت بنحو سبعة وخمسين مليار دولار سنويا، وهو رقم أثار الجدل في بلد يعاني الخراب في كل مناحي الحياة.
ووفقا لموقع الاقتصادي الذي يوثّق عبر بوابة "من هم" السيرة الذاتية لرجال أعمال ومشاهير في عالم المال والأعمال، بالاستناد إلى وثائق رسمية فإن كلاً من خالد وليد قباني ومحمد خير وليد قباني يحملان الجنسية السورية فقط، في حين أظهرت وثيقة حصل موقع تلفزيون سوريا على نسخة منها أن كلاهما يحمل الجنسية اللبنانية، وذلك وفقا لما ورد في قرار تأسيس شركة في سوريا.
وعلى ضوء كلتا الوثيقتين يقول الخبير المصرفي عادل المسلماني لموقع تلفزيون سوريا، إن "النظام بمساعدة حزب الله يحاول أن يمنح رجال أعمال سوريين موثوقين الجنسية اللبنانية، وذلك بعد أن أثبتت خطة تأسيس شركات لبنانية لتكون ذراع الأسد الاقتصادية عدم نجاعتها، لأن قسماً من هذه الشركات أسس فروعا خارج لبنان وهو ما يضعف هيمنة الحزب والأسد عليهم، ويخلق لهم فرصة للهروب بالأموال الموكلة لهم خارج لبنان".
ووفقا لمسلماني فإن النظام يحاول أن يجعل شركات قباني "ماغنيتيك لتجارة السيارات وقطعها" واجهة جديدة لاستيراد السيارات بعد أن باع رجل الأعمال عماد غريواتي أغلب أملاكه في سوريا منذ عام 2011 تدريجياً ونقل أملاكه إلى دبي، وذلك بعد أن حجز النظام على الأموال المنقولة وغير المنقولة لغريواتي وجميع أفراد أسرته وإخوته.
وكان غريواتي يمتلك شركة غريواتي أوتو: وكلاء لاند روفر، جاكوار، فورد، كيا، ميركوري، لنكولن، والشركة السورية لصناعة السيارات السياحية، إضافة إلى مشاريع مختلفة في قطاعات الصيرفة وصناعة الكابلات والإلكترونيات والكهربائيات.
حزب الله وأذرعه في الدوائر اللبنانية
كما تمكن موقع تلفزيون سوريا من الوصول إلى مصدر في المديرية العامة للأحوال الشخصية، التابعة لوزارة الداخلية والبلديات في لبنان، حيث أكد بأن حزب الله له هيمنة على "دائرة شؤون الجنسيّة والقضايا" كما كل دوائر الدولة ولكن في هذه الدائرة له وحدة عمليات خاصة الهدف المعلن منها هو إخفاء بيانات "قيادات تعمل في مناصب حساسة في المقاومة" وهو ما يعتبره الحزب يندرج ضمن "أمن ومصالح لبنان العليا".
ويضيف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن كل من يتم منحه جواز سفر عبر هذه الخلية يكون لديه جنسية لكن دون رقم وطني وهو ما يجعل من الوصول لبياناته بالبحث عبر "داتا" الأحوال الشخصية العامة غير وارد لكنه يستطيع أن يتصرف دوليا كمواطن لبناني.
ووفقا للمسلماني فإن النظام السوري لجأ إلى تجنيس واجهاته المالية بجنسيات أجنبية وكان أسهلها اللبنانية، وذلك بعد لجوئه إلى تأسيس شركات في دول وأماكن لا تفرض قيوداً على إنشاء الشركات، كجزر فيرجن البريطانية، ولبنان، وروسيا، وغالباً لا تسأل الدول عن مصدر تلك الأموال بغرض جذب المزيد من الأموال والاستثمارات إليها، وكذلك كان يعتمد تأسيس شركات من نمط Offshore Company خارج سوريا للتهرب الضريبي والالتفاف على العقوبات المفروضة بحقها.
ويوضح المسلماني أن شركات Offshore Company أو شركات "خارج الحدود" تؤسس وتُسجل في مركز مالي خارج حدود الوطن، لأغراض المزايا المالية والقانونية والضرائبية،
ولأغراض غير مشروعة مثل غسيل الأموال، والتهرب الضريبي.
يشار إلى أن الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) نشر في 2015، معلومات حول بعض الحسابات المصرفية في سويسرا تحت عنوان Swiss Leaks: Murky Cash Sheltered by Bank Secrecy ، بعضها في بنك HSBC وفرعه السويسري HSBC Private Bank.