استنفرت فرق الدفاع المدني السوري اليوم السبت استعداداً للاستجابة لعاصفة ثلجية جديدة من المحتمل أن تشهدها منطقة شمال غربي سوريا غداً الأحد، في حين تستمر جهود الدفاع المدني لليوم الخامس على التوالي، في فتح الطرقات المغلقة بسبب تراكم الثلوج في منطقة عفرين.
وانتشرت فرق الدفاع المدني السوري على الطرقات الرئيسية والمفارق الخطرة للاستجابة لأي طارئ، وسط أجواء شديدة البرودة وتشكل الصقيع والجليد والضباب في أغلب مناطق شمال غربي سوريا.
وتخلّف العاصفة وتدني درجات الحرارة أزمة مفاجئة لقاطني الخيام، تجعلهم أمام خيارات صعبة على صعيد تأمين مواد التدفئة والبحث عن ملجأ آمن ودافئ.
ومع توقّع الأرصاد الجوية، استمرار العاصفة الثلجية في المنطقة، دعت منظمات وفرق إنسانية إلى ضرورة التحرك لمساندة مخيمات النازحين في المنطقة وتقديم الاستجابة الطارئة لهم.
وطالب فريق "منسقو الاستجابة" في بيان الجمعة 21 من كانون الثاني الجاري، بالمساعدة العاجلة والفورية للنازحين القاطنين في المخيمات والتجمعات العشوائية وتأمين العوازل وإصلاح شبكات الصرف الصحي والمطري.
متضررون يناشدون
محمد يحيى من قرية الحميدية بريف حلب الجنوبي، أشار إلى أن "العاصفة الثلجية كانت مفاجئة لسكان المخيم، الأمر الذي صعّب من إمكانية مواجهة العاصفة".
وبحسب محمد القاطن في مخيم "المحطّة" قرب ناحية راجو في منطقة عفرين، فإن "قاطني المخيمات لم يتجهزوا لعواصف ثلجية باعتبارها كانت مفاجئة، في حين تلقوا مساعدات طارئة من منظمات إنسانية خففت أزمتهم بشكل قليل".
محمد خلف العبد، مهجّر من الزربة جنوبي حلب ومتضرر من العاصفة الثلجية، يقول لموقع تلفزيون سوريا، إن "قاطني المخيم لا يملكون القدرة على مواجهة عواصف ثلجية أو حتى مطرية لغياب الإمكانات المادية"، معتبراً "أنهم وإن كانوا على دراية مسبقة بالعاصفة فلا يملكون اتخاذ أية خطوة لتدارك العواقب".
بينما يشتكي مهجرون آخرون قاطنون في المخيمات التي تأثرت بالعاصفة الثلجية من غياب أية مساعدات من منظمات إغاثية محلية كانت أم دولية.
"الطرقات انقطعت"
خلال العاصفة الثلجية أغلقت الثلوج الطرقات المؤدية إلى عدد من مخيمات ريف عفرين، قبل أن تتدخل فرق "الدفاع المدني السوري" لإعادة افتتاحها وترحيل الثلوج، إلا أنها مهددة بالإغلاق في أية لحظة مع استمرار العاصفة.
السيدة "أم محمد" المهجّرة من مدينة سراقب شرقي إدلب، تقول إنّ "الثلوج أغلقت الطرق إلى المخيم القاطنة فيه، ما زاد من أزمتهم المعيشية"، وتردف: "حتى الماء بتنا ننقلها خلال العاصفة نقلاً يدوياً".
تطالب "أم محمد" المقيمة مع عائلتها أيضاً في مخيم "المحطّة"، بضرورة إسراع المنظمات الإنسانية ببناء مساكن إسمنتية تقيهم أزمات الشتاء المتلاحقة من عواصف وبرد وغيرها، أو على أقل تقدير "مسكن مؤقت".
"الليل ما نمناه"
حمدان حمدان مهجّر من قرية كراتين بريف إدلب الشرقي، يقول لموقع تلفزيون سوريا: "الليل كله ما نمناه.. قضينا الليلة نجرف الثلج ونرده عن الخيمة خشية تهدمها فوق رؤوسنا".
ومع حديث عن استئناف العاصفة الثلجية نشاطها خلال اليومين القادمين، يردف: "حائر أين أذهب بعائلتي لا يوجد خيارات أمامي إلا هذا المخيم".
وينفي جميع من تحدّث إليهم موقع تلفزيون سوريا عرض أية جهة إنسانية محلية أو دولية نقلهم لمسكن مؤقت أو مكان آخر خلال العاصفة، ويجدون في الوقت ذاته أنّ "الرحيل المؤقت ليس حلاً، وإنما تكثيف المساعدات المقدّمة وتطوير مساكن المهجرين وتدعيمها لمواجهة العواصف أياً كانت".
"استجابة طارئة"
ومنذ بدء العاصفة المطرية تحركت منظمات وهيئات إنسانية في سبيل تقديم استجابة لأكثر من 1820 خيمةً متضررة بفعل العاصفة الثلجية، بحسب أرقام "هيئة الإغاثة الإنسانية وحقوق الإنسان والحريات" التركية (IHH).
وأشارت الهيئة إلى أن نحو 920 خيمةً هدمت بالكامل، جراء العاصفة الثلجية التي تضرب المنطقة منذ أيام.
وقال بولنت يلدريم رئيس هيئة الإغاثة في حديثٍ لـ"الأناضول" التركية، إنّ "العديد من الخيم انهارت جراء كثافة الثلوج التي هطلت بشكل مفاجئ وفاقمت الأوضاع المعيشية، مشيراً إلى أنّ عائلات انتقلت إلى مخيمات أخرى جراء العاصفة".
إلى جانب "هيئة الإغاثة" عملت منظمات إنسانية محلية على تقديم استجابة طارئة لمخيمات النازحين.
محمد الأحمد، مسؤول الإعلام في الداخل السوري في منظمة "غصن الزيتون"، قال: "إنّ الكارثة الإنسانية التي خلفتها العاصفة الثلجية التي مرت على المنطقة مؤخراً، دفعت المنظمة إلى إطلاق حملة استجابة طارئة لمخيمات في ريف حلب الشمالي".
وأوضح لموقع تلفزيون سوريا، أنّ "فرق المنظمة الميدانية رصدت في تلك المخيمات، خياماً مهدّمة ونزوحاً داخلياً بين العائلات القاطنة في المخيمات نتيجة تضرر خيامهم، علاوةً على صعوبة في التنقل والحركة لتأمين المستلزمات اليومية، بسبب تراكم الثلج الكثيف على الطرق المؤدية إلى المخيمات".
وشملت حملة الاستجابة التي نفّذتها المنظمة نحو 8 مخيمات في مناطق عفرين وراجو وجنديرس بريف حلب الشمالي الغربي.
ولفت محدّثنا إلى أنّ الحملة قدمت مادة البيرين للتدفئة لأكثر من 500 عائلة، إضافةً إلى مدافئ للعائلات التي لا تملك وسيلة تدفئة، وبروشورات توعية من فيروس "كورونا" المستجد.