عبر ثلاثة أجيال مرت على سوريا ولبنان، نشأ عادل أرسلان وبنى شخصيته السياسية، فقد ولد في بيروت عام 1887، مع نهايات القرن التاسع عشر، فاختبر يافعا العهد العثماني، وبانتمائه إلى أسرة ذات حضور مجتمعي مميز وانحداره من سلالة معروفة حمل لقب أمير. درس في إسطنبول وفرنسا وأتقن كلتا اللغتين التركية والفرنسية، ثم عاد ليمارس السياسة عبر عدة وظائف محلية صغيرة، وتم اختياره في مجلس المبعوثان العثماني. كان الأمير عادل أرسلان أصغر أعضاء مجلس المبعوثان سنا عندما انضم إليه، عين بعد انتهاء فترة مجلس المبعوثان في وزارة الداخلية مديراً للمهاجرين في ولاية سوريا عام 1914، وبعدها بعام واحد أصبح قائم مقام في منطقة الشوف اللبنانية. أظهر الأمير ميولا وطنية عبر انتمائه إلى الجمعية العربية الفتاة وعمل معها بشكل سري حتى دخول قوات الملك فيصل إلى دمشق فسارع للالتحاق بالملك.
كان قريبا من الملك فيصل حتى عين سكرتيرا خاصا به، ثم انتقل ليصبح معاونا إداريا لرئيس الحكومة الفيصلية، وظل في مكانه حتى خرج الملك فيصل من دمشق إثر إنذار غورو. لم يكن أرسلان راضيا عن الوجود الفرنسي، فوقف في وجهه ونشط ميدانيا ضده، ما جعل سلطات الانتداب تحكم عليه بالإعدام، فغادر سوريا إلى سويسرا، ومنها إلى عمان في الأردن، بعد أن مكث في القاهرة بعض الوقت. كانت إمارة شرق الأردن في طور التكون فدخل في حاشية الأمير عبد الله بن الحسين، وعين رئيسا لديوان الأمير حتى نشب خلاف بينه وبين رئيس وزراء الأمير عبد الله، فخرج من الأردن متوجها إلى مكة، حيث الشريف حسين بن علي، داعم الوهابيين، خرج منها أرسلان إلى القاهرة مرة أخرى، حيث بقي هناك حتى اندلاع الثورة السورية الكبرى.
سارع للمشاركة بالثورة السورية الكبرى وكان ساعدا أيمن لسلطان باشا الأطرش رغم كل ما قيل عن منافسة بين الرجلين لقيادة الثورة، وكان سلطان باشا يعهد إليه بقيادة المقاتلين في بعض الحملات التي تقوم بها الثورة وكان يحضر لقاءات سلطان باشا مع الصحفيين الأجانب للقيام بأعمال الترجمة، حكم الفرنسيون بالإعدام على الأمير مرة ثانية، فغادر سوريا مجددا حين خبت الثورة إلى القاهرة حيث تجمع كثير ممن غادروا سوريا ومنهم عبد الرحمن الشهبندر، وهناك في مصر تنازع الرجلان وتراشقا عبر الجرائد، وقد كان الشهبندر زعيما لحزب الشعب بينما كان أرسلان من زعماء حزب الاستقلال. بقي عادل أرسلان في القاهرة إلى أن عقدت الكتلة الوطنية معاهدة 1936 فصدر عفو عن الجميع وعاد أرسلان إلى سوريا وعين سفيرا مفوضا في تركيا، ولكن فرنسا رفضت توقيع المعاهدة فقبضت على الأمير وسجنته في تدمر وما لبثت أن أطلقت سراحه، فعاد إلى بيروت.
ظهر عادل أرسلان مرة أخرى في بداية العهد الوطني وكانت فرنسا قد ألغت كل دور له، فشارك في الحكومات الوطنية المبكرة التي أعقبت خروج القوات الفرنسية كوزير للمعارف في حكومة سعد الله الجابري، وفي الحكومة التي أعقبتها برئاسة جميل مردم، ثم انتخِب نائبا عن الجولان في البرلمان السوري في أول انتخابات جرت في العام 1947 بعد خروج الانتداب. كلفه الرئيس شكري القوتلي برئاسة الحكومة بعد كارثة هزيمة فلسطين عام 1948، وفشل في تشكيلها نظرا لتأزم الجبهة الداخلية بعد حرب فلسطين، ثم شارك في المؤتمر الذي عقد حول فلسطين في لندن مندوبا في الوفد السوري الفلسطيني. كان أرسلان قريبا من عهد الانقلاب الأول في سوريا الذي قام به حسني الزعيم، فتعاون معه كمندوب دائم لسوريا في الأمم المتحدة، ثم عاد إلى كرسي وزارة الخارجية، استقال بعد أن اعترض بشدة على القانون السوري الذي قدمه أسعد كوراني وكان خاليا من الاستناد إلى الشريعة الإسلامية! وعلى إثر اعتراضه أُبعد إلى سفارة سوريا في تركيا. وبقي هناك حتى سقوط حسني الزعيم بانقلاب عسكري ثان.
عاد بعدها أرسلان إلى بيروت بما يشبه الاعتزال، وبقي في بيروت وعانى من عدة نوبات قلبية قبل وفاته عام 1954.
رغم مشاركة الأمير عادل أرسلان في الثورات وفي السياسة إلا أنه كان قريبا من عالم الأدب والشعر، وكتب في الصحافة، وشارك في الحياة السياسية السورية رغم أنه من مواليد بيروت، ورغم انتمائه إلى المذهب الدرزي فقد كلفه دفاعه عن الشريعة الإسلامية كرسيه الوزاري. عبر بشعره وسلوكه الوطني عن آرائه، وكتب يوميات قيمة عرض فيها لأحداث معاصرة من وجهة نظر سياسي ومواطن وحيادي، فشكلت إلى جانب شعره خلاصة تاريخية قيمة للعصر الذي عاش فيه.