أطلق عدد من طلاب الطبّ البشري في جامعة إدلب، مبادرة لتأمين العلاج المنزلي للمرضى، في المدينة والمخيمات القريبة منها، في محاولةٍ لتخفيف نفقات الطبابة عن الأهالي من جهة، ورفع خبرتهم في العلاج من جهة أخرى.
وتركّز المبادرة على المرضى المُقعدين، لتوفير مشقة التنقّل خلال العلاج وزيارة المستشفيات، ومن هذه الفكرة انطلقت المبادرة، في وقتٍ يطمح فيه المتطوعون إلى توسيع نطاق المبادرة وتعميم خدماتها على جميع المرضى، وفقاً للإمكانيات المُتاحة.
11 متطوعاً
إبراهيم الويس طالب سنة خامسة في كلية الطبّ ومدير فريق "الرعاية الطبية المنزلية"، يقول إنّ الفكرة بدأت من اقتراح طبيب مغترب سوري، لتقديم الخدمات الطبية التي يحتاجها الأهالي.
ويضم الفريق 11 متطوعاً من طلاب الطب البشري في إدلب، ستة طلاب وخمس طالبات، من السنوات الرابعة والخامسة والسادسة، ويعلّق "الويس" على اختيار المتطوعين، أنّ "لديهم تجربة عمل في المستشفيات وعلى تماس مباشر مع الحالات المرضية".
ويكشف محدثنا أنّ "الإجراءات العلاجية التي يجرونها، بتنسيق مباشر مع أطباء اختصاصيين من مدرّسيهم، وفق أحدث التوصيات الطبية المتبعة في علاج الأمراض".
مرضى الشلل
يوضح "الويس" في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أنّ "تركيز المبادرة يجري على مرضى الشلل النصفي أو الكلي، على اعتبارهم فئة مرضية مهمّشة وتحتاج لدعم استثنائي".
ويشير إلى أنّ "مرضى الشلل المقيمين في أبنية طابقية، خاصةً في مدينة إدلب، غير قادرين على التحرك ومراجعة المستشفيات بشكل دوري ما يعرّض حياتهم للخطر ومن هنا تكمن أهمية الزيارة المنزلية لهؤلاء المرضى".
وإلى جانب مرضى الشلل، يردف "الويس"، أنّ "المبادرة تتابع أصحاب الأمراض المزمنة، وبالتحديد مرضى السكّري، الذين يعانون من تقرّحات، إذ نحاول ضبط السكري على المجال الطبيعي، وبالتالي نسدّ الباب أمام تطور التقرحات هذه، واعتلال الشبكية والاعتلال الكلوي لدى المريض".
فيصل كحيص يعاني من شلل نصفي بإصابة من جراء قصف جوي روسي، وأحد المستفيدين من المبادرة، يقول لموقع تلفزيون سوريا، إنّ "المتطوعين يزورونه بين الحين والآخر ويوفرون عليه مشقّة النزول عبر الدرج إلى المستشفى".
يشير إلى "أنّه تعرض لحروق بحادثة مختلفة، وظهرت تقرّحات بحاجة لمتابعة دورية وهو ما يشرف عليه أطباء المبادرة بدل مراجعة المستشفى أو طبيب مختص".
ويضيف معلّقاً: "المبادرة تبعد الإهمال عن المريض المُقعد وتتابعه بشكل دوري، لعدم قدرته على الحركة ومراجعة المستشفيات".
المسن وليد مرعدها، من سكّان مدينة إدلب، ومصاب بـ"السكّري"، توقف عن مراجعة المستشفى، بسبب صعوبة الحركة لديه، بعد تردد أطباء المبادرة إلى منزله.
يوضح لموقع تلفزيون سوريا خلال خضوعه لضماد التقرحات على يدِ المتطوعين، إنّ "الشباب أراحوه من مراجعة المستشفى في ظل عدم امتلاكه سيارة خاصة، علاوةً عن كون حالته الصحية متراجعة ويجد صعوبة بالغة في الحركة".
آمال على هامش المبادرة
تطمح المبادرة بشكل عامٍ إلى إيجاد منفذ دعم لها، بهدف مساندة طلاب الطب البشري المتطوعين في صفوفها خلال عمليتهم الدراسية التي تتطلب تكاليف مرتفعة، وهو ما يفصح عنه محدثنا "الويس"، إذ لا تحظى إلا بدعم بسيط لتأمين تكاليف النقل من أحد المتبرعين.
ولا تتوقف أهمية تأمين الدعم للمبادرة عند هذا الحدّ، بل تتعداها إلى توسعة نطاق المبادرة وتأمين الدعم اللوجستي لها من خدمة مواصلات وأدوية وأدوات معالجة.
وعلى جانب آخر، يحمل الطلاب المتطوعون آمالاً في تطوير خبراتهم، من خلال الاحتكاك وخوض تجربة العلاج ونقل خبراتهم في المحاضرات والمستشفيات إلى أرض الواقع.
في هذا السياق، يقول عثمان العثمان، طالب سنة رابعة ومتطوع في المبادرة، لموقع تلفزيون سوريا، إنّ "المبادرة توفر تطبيقاً عملياً للمعلومات النظرية التي تلقيناها في المحاضرات، وحتى المعلومات العملية في المستشفيات، وفي الوقت ذاته، تلبي احتياجات مرضى الفراش المقعدين غير القادرين على الحركة".
ويضيف: "بعض الحالات المرضية مؤثرة جداً، بسبب غياب الرعاية عنهم، وكانوا محطّ اهتمام المبادرة، الأمر الذي أعطانا دفعاً معنوياً كبيراً للاستمرار، وبالمقابل ساهمت المبادرة في دفعهم طبياً ومعنوياً من خلال مدّ جسور اجتماعية بين المتطوعين وبينهم".
ربا العيسى، طالبة سنة سادسة، توضح لموقع تلفزيون سوريا، أنّ "تطوعها في صفوف المبادرة مستمر على الرغم من تضارب مواعيد العلاج المنزلي للمرضى مع دوامها في المستشفى أحياناً".
وتردف: "وجود عنصر نسائي في المبادرة، حاجة ضرورية من أجل المريضات، وأحاول مع زميلاتي المتطوعات تأدية المهمة على أكمل وجه".