يسلك بعض السوريين القابعين في المناطق التي يسيطرعليها النظام طرقاً غير شرعية للخروج من مناطقه إلى أخرى تقع تحت سيطرة الجيش الوطني في عفرين وجرابلس، وذلك بهدف البقاء فيها أو الخروج من البلد.
واتباع طرق التهريب هذه، لايخلوا من المخاطر التي يذهب ضحيتها المدنيون عبر سلوكهم طرقاً غير آمنة، الأمر الذي يتسبب بموتهم أوعودتهم إلى مناطق النظام الذي يعتقلهم.
أسباب عدة تدفع المدنيين للخروج من مناطق سيطرة النظام، ومنها الفرار من الخدمة الإلزامية أو طلب الاحتياط، أو سوقهم إلى جبهات القتال بعد اعتقالهم خاصة في المناطق التي سيطرعليها النظام وفرض فيها تسويات، كمحافظة درعا على سبيل المثال.
ورغم الانتشار الكبير لفيروس كورونا في مناطق النظام ووصوله إلى مناطق المعارضة إلا أن عمليات التهريب ما زالت مستمرة.
مطالبات بالتصدي لعمليات التهريب
دعت نقابة الأطباء الأحرار في شمال غربي سوريا في السادس من نيسان الماضي، الجهات المختصة إلى الوقوف على نشاط التهريب في مناطق الريف الشمالي والشمال الشرقي من مناطق النظام إلى مناطق المعارضة، وذلك بعد إغلاق المعابر في ريف حلب الشمالي والشرقي، ضمن إطار الحملة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا.
وطالب "اتحاد الإعلاميين السوريين" في شمالي سوريا، في الخامس من نيسان الماضي، قيادة الجيش الوطني بالتحرك الفوري وإغلاق جميع معابر التهريب مع النظام و"قسد" لمواجهة فيروس كورونا، وعدم انتشاره في مناطق المعارضة.
ورغم المطالبات والدعوات للحد من عمليات التهريب بين مناطق النظام ومناطق المعارضة، إلا أن العبور غير الشرعي ما زال مستمراً رغم انتشار كورونا، ومخاطر هذا الطريق الذي يفقد فيه بعض الأشخاص حياتهم خلال عبورهم هذه الطرق.
التهريب بيد النظام والميليشيات الإيرانية
قال أحد القادمين مع عائلته من مناطق سيطرة النظام في مدينة حلب إلى مناطق الجيش الوطني عبر عبوره طريقاً غير شرعي طالباً عدم الكشف عن اسمه لموقع تلفزيون سوريا، إن " العاملين في التهريب هم من مناطق النظام، ومسيطرون على الخط بشكل كامل، وهناك تنسيق بينهم وبين الفرقة الرابعة أو الميليشيات على الجبهات".
وعن الطريق الذي يسلكه الأشخاص الراغبون بالوصول إلى منطقة عفرين أضاف، أن"الراغبين في الذهاب إلى مناطق المعارضة يجتمعون في إحدى النقاط التي يتم الاتفاق عليها بمدينة حلب ويتوجهون إلى بلدة نبل، وهناك يتم الاتفاق مع المهربين للخروج من المنطقة باتجاه مدينة عفرين".
"عمليات التهريب يسيطر عليها ضباط في صفوف النظام من مختلف الرتب بالإضافة إلى الميليشيات الإيرانية" مشيراً، إلى أن "الميليشيات الإيرانية تقدم تسهيلات للتشجيع على عمليات التهريب، وذلك لتفريغ المنطقة من جميع الشباب المشكوك بولائهم"، بحسب ما أفاد به.
إقرأ أيضاً: الألغام تملأ مسرح عمليات قوات النظام بإدلب.. الفاتورة دماء الناس
طرق جبلية غير آمنة
يسلك معظم القادمين من مناطق سيطرة النظام إلى عفرين بشكل غير شرعي، طرقاً جبليةً وعرة، ومن المحتمل أن يدخلوا في حقول ألغام لعدم معرفتهم بتضاريس المنطقة عسكرياً، وربما يتسبب هذا في موتهم أو اعتقالهم عند عودتهم إلى مناطق النظام، بحسب ما ذكره مراسل موقع تلفزيون سوريا.
"التهريب يكون عبر طرق جبلية غير آمنة، ومن الممكن أن يحدث إطلاق نار أو استهداف بالقناصات الحرارية الليلية كنوع من التخويف، وفي حال كانت الأمور محتدمة على الجبهات من الممكن أن تكون الإصابة بشكل دقيق"، بحسب أحد الأشخاص الواصلين إلى عفرين من مناطق سيطرة النظام.
"وطرق التهريب التي يتم عبورها هي (نبل - قرية براد)، و (نبل قرية مريمين)، وتتراوح كلفة عبور الشخص بين الـ 350 و الـ 450 دولار حسب الاتفاق مع المهرب، ويعبر في اليوم الواحد دفعة أو دفعتين"، وفق ما ذكر أحد الأشخاص الذين وصلوا إلى مناطق الجيش الوطني عبر عبوره هذه الطرق.
هل هناك تنسيق بين المهربين والجيش الوطني؟
ذكرالقادم من مدينة حلب إلى منطقة عفرين بطريقة غير شرعية، أن "هناك تنسيقا بين المهربين وعناصر من الجيش الوطني المرابطين على الجبهات بطريقة غير مباشرة، تتم من خلال عبور المدنيين من نبل إلى مناطق المعارضة، وعند وصول المجموعة يأتي أشخاص من الطرف الأخر يستقبلوننا على أنه تم القبض علينا".
من جهته نفى ماجد الحلبي مدير المكتب الإعلامي لفرقة الحمزة التابعة للجيش الوطني لموقع تلفزيون سوريا أي علاقة للجيش بعمليات التهريب قائلا "لا يوجد أي تنسيق بين الجيش الوطني والمهربين في مناطق النظام بخصوص عمليات التهريب، وأن الأشخاص الراغبين في القدوم إلى مناطق عفرين وجرابلس هم ضحية المهربين في بلدتي نبل الزهراء".
وأشار، إلى أن المهربين "يوهمون الأشخاص قبل إرسالهم إلى مناطقنا بشكل غير شرعي، أن هناك تنسيقا معنا في عمليات التهريب وهو أمر منفي".
سبب الذهاب إلى مناطق الجيش الوطني
قال أحد الأشخاص القادمين إلى عفرين عبر بلدة نبل، إن "غالبية الأشخاص الذين يخرجون من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق الجيش الوطني، تكون بسبب قلة المال، ولعدم توفر أدنى مستويات المعيشة، إضافة إلى ارتفاع آجار المنازل، وهو ما يدفع بعض الأشخاص إلى إرسال عائلاتهم وبقائهم في مناطق النظام يتدبرون أمرهم ويرسلون المال إلى عوائلهم".
وأشار، إلى أن " القادمين إلى مناطق الجيش الوطني يكون هدفهم إما الانتقال بعد وصولهم لعفرين إلى تركيا، أو لأنهم مطلوبون للنظام، أو لا يرغبون بالالتحاق بالتجنيد الإجباري ضمن صفوفه.
وذكر مدير المكتب الإعلامي لفرقة الحمزة التابعة للجيش الوطني، أن " سبب قدوم الأشخاص إلى مناطق الجيش الوطني هو تدهور الأوضاع المعيشية والأمنية في مناطق النظام".
إقرأ أيضاً: ألغام من مخلفات نظام الأسد تودي بحياة مدنيين في ريف إدلب
درعا أكثر العابرين وهكذا تتم العملية
في محافظة درعا يوجد عدد كبير من الشبان لم يقوموا بتسوية أوضاعهم مع النظام بعد سيطرته على المحافظة في تموز من العام 2018، ولكون أن هناك عددا كبيرا من أبناء المحافظة كانوا قياديين أو مقاتلين في الجيش الحر، بدأ النظام بتنفيذ اغتيالات أوعمليات خطف واعتقال بحقهم، أو إجبارهم على الالتحاق بصفوفه، ما دفع البعض منهم لمغادرة بلداتهم.
وروى لموقع تلفزيون سوريا أحد القادمين من مدينة درعا إلى مناطق الجيش الوطني عملية العبور غير الشرعي، منذ بدء الاتفاق إلى حين وصول الأشخاص إلى الواجهة المطلوبة قائلا "يجري التواصل بين الشبان الراغبين بالقدوم إلى مناطق الجيش الوطني بعفرين والشخص المهرب سواء كان ضابط لدى النظام أو من الميليشيات الإيرانية أو سماسرة، عبر رسائل مختلفة ومتغيرة ويتم تحديد وقت ومكان اللقاء".
وبعدها يُنقل الشبان على دفعات من شخص إلى ثلاثة أشخاص من درعا برفقة ضابط إلى المناطق الشمالية ويتم تجميعهم في منطقة قريبة من مناطق المعارضة، وعند اكتمال العدد والذي يكون بشكل وسطي 60 شخصا في المجموعة الواحدة، يتم إرسالهم إلى مناطق المعارضة وعند وصولهم إلى عفرين تأخذهم عناصر الجيش الوطني إلى مكان معين لتنفيذ عدة إجراءات والتأكد من عدم وجود عناصر للنظام بين المجموعة.
وتجري عملية تسليم المال بعد وصول الشخص إلى مناطق المعارضة، حيث يتصل بذويه ويبلغهم وصوله وعندها يُدفع المبلغ المتفق عليه للمهربين، وتصل كلفة تهريب الشخص من درعا إلى مناطق الجيش الوطني مايقارب الـ 1600 دولار أميركي، ومن دمشق تبلغ الكلفة 1400 دولار، وتكون الكلفة منخفضة من مدينة حلب حيث لا تتجاوز الـ 500 دولار.
ووقع عشرات المدنيين ضحايا معظمهم من مدينة درعا في الـ 13 من شهر آب الجاري لدخولهم في حقل ألغام أثناء محاولتهم العبور من مناطق سيطرة النظام إلى مناطق المعارضة شمالي سوريا، عبر سلوكهم طرقاً غير شرعية.
وكان من بين الضحايا القيادي السابق في فصائل الجيش الحر رمزي محمود أبازيد من أبناء مدينة درعا.