أنجز الطالب في جامعة "الشام" بمدينة اعزاز شمالي حلب، زكريا عبد الكريم خلف، مشروع تخرجه من كلية الهندسة في الجامعة (قسم ميكاترونيكس)، المتمثل بصنع جهاز تنفس صناعي للحالات المرضية الحرجة، بعد خمسة أشهر من العمل المتواصل.
ووقع اختيار "خلف" على مشروع صناعة جهاز التنفس، من بين عدة مشاريع عُرضت عليه من قبل إدارة الجامعة، بسبب تفشي فيروس كورونا في منطقة شمال غربي سوريا، والحاجة الملحة لأجهزة التنفس في المشافي والمراكز الطبية بالمنطقة.
تجربة ناجحة وقابلة للتطوير
قال الطالب زكريا خلف، إن جامعة "الشام" عرضت عليه عدة أفكار للعمل عليها في إطار مشروع التخرج من كلية الهندسة، ليقع اختياره على فكرة صنع منفسة صناعية، ثم البدء بتجميع المعدات المطلوبة، وإنجاز المشروع.
وذكر "خلف" في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أنه بدأ بجمع المعلومات حول المشروع المكلف به، وبعد ذلك شرع بصناعة المنفسة، واستغرق ذلك خمسة أشهر، ما بين تجميع القطع وبرمجة الأجزاء الإلكترونية والمحركات الموجودة في الجهاز.
وتتألف المنفسة من محركين "سيرفو" مهمتهما دفع الهواء، وشاشة عرض وجريدة مسننة، وجهاز للتحكم بحجم الهواء الخارج من المنفسة، وبحسب "خلف" فإنه واجه صعوبة في تأمين القطع اللازمة، ما اضطره لجلب معظمها من تركيا.
ولفت "خلف" إلى أن الجهاز لم يُختبر على أي مريض بحاجة لتنفس صناعي حتى الآن، لكنه أكد أن التجربة ممكنة، خاصة أن المنفسة مبرمجة لتعطي معدل تنفس طبيعي، مضيفاً أن الفائدة ستكون أكبر وأدق إذا تم العمل على تطوير الجهاز، من خلال إضافة حساسات، ووصله مع أنبوبة أوكسجين، وإضافة أنابيب لإيصال الهواء إلى وجه المريض.
وأعرب الطالب عن شكره لإدارة الجامعة، والدكتور المشرف على تنفيذ المشروع، ومنظمة "IHH" التركية الداعمة لجامعة "الشام".
توجيهات بتنفيذ مشاريع ذات انعكاس على المجتمع
أفاد الدكتور مصعب شبيب - رئيس قسم هندسة الميكاترونيكس في جامعة "الشام" - بأن إدارة الجامعة توجه طلابها لتنفيذ المشاريع بما يسهم في خدمة المجتمع وحل المشكلات الطارئة مثل تفشي فيروس كورونا.
وأضاف "شبيب" في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن الجامعة وقعت عدة اتفاقيات مع بعض المجالس المحلية والمنظمات بما يخدم المجتمع، حيث تجري المنظمات اختبارات في مخبر الجامعة، ومنها يتعلق بمواد البناء أو تحلية المياه والتأكد من صلاحيتها للشرب.
وحول مشروع جهاز التنفس الصناعي، ذكر "شبيب" أن المشروع يعتبر الأول من نوعه في منطقة شمال غربي سوريا على مستوى الطلاب، حيث لم يتصدَ أي طالب في مختلف الجامعات لمثل هكذا مشروع في وقت سابق.
وأوضح أن المشروع بدأ من خلال التعرف على تجارب الدول ومراكز الأبحاث المعنية بهذا الشأن، وقد اطلع الطالب على عدة تجارب، وحاول أن يصنّع جهاز بوساطة أدوات وقطع متوفرة، إما في الشمال السوري أو تركيا.
ومن ميزات الجهاز، إمكانية تصنيعه وتسويقه محلياً، فضلاً عن كلفته المنخفضة قياساً بالأجهزة المستوردة، إضافة لإمكانية صيانة الجهاز، كون التصنيع محلي، بحسب "شبيب".
وأكد الدكتور أن مشروع المنفسة قابل للتطوير، بحيث يمكن تصنيع عدد من الأجهزة لتغطية جزء من حاجة المشافي، مشيراً إلى أنهم سيعملون خلال الفترة القليلة القادمة على تطوير المشروع، ليكون سهل الاستخدام من قبل الأطباء والمختصين.
وفي وقت سابق أكد الدكتور "شبيب" لموقع تلفزيون سوريا أن قسم هندسة الميكاترونيكس في جامعة "الشام" شهد تطوراً بشكل ملحوظ، شمل قسم التحكم والأتمتة، وبنية المخابر التابعة لقسم الهندسة، بما يخدم العملية الصناعية في المنطقة بشكل عام.
ويعنى القسم بتطوير آلات التصنيع ذات التحكم الرقمي "CNC"، والحفر الليزري، والأتمتة باستخدام المتحكمات "PLC"، والرسم الإلكتروني، والطاقات المتجددة، مع توقعات بالعمل على تطوير مجال الروبوتات والأذرع الصناعية، وهو ما سينعكس إيجاباً على المصابين والمعاقين.
ويعتبر مشروع جهاز التنفس الصناعي هو الإنجاز الثاني لقسم الهندسة في الجامعة خلال أقل من شهر، حيث نجح طالبان في القسم ذاته بصناعة طائرة مسيرة متعددة الأغراض، في إطار مشروع تخرجهما شهر آب/أغسطس الماضي، وذلك بعد عمل متواصل منذ بداية العام الحالي.