ملخص:
- شهدت الأسواق السورية ضخاً متزايداً لفئات نقدية صغيرة من الليرة السورية.
- كثير من الناس يرفضون التعامل بهذه الفئات الصغيرة بسبب ضعف قيمتها.
- معظم الحوالات والرواتب تُسلم الآن بهذه الفئات، مما يسبب تذمراً.
شهدت الأسواق السورية في مناطق سيطرة النظام خلال الآونة الأخيرة ضخاً متزايداً للفئات النقدية الصغيرة من الليرة السورية، لا سيما فئة الـ 500 ليرة القديمة المعروفة محلياً باسم "أم الطربوش".
وذكرت صحيفة "البعث" الرسمية التابعة للنظام، أنه وعلى الرغم من رفض كثيرين التعامل بالأوراق النقدية الصغيرة من فئة 500 و1000 ليرة، وتذمّر البعض من اضطرارهم لقبولها، إلا أن الأسابيع الأخيرة شهدت ضخاً كبيراً لهذه الفئات مضافاً إليها فئة 2000 ليرة في التداول.
وأوضحت أن معظم الحوالات التي يتمّ تسليمها من شركات الصرافة والمصارف مؤخراً تكون من هذه الفئات، وكذلك الرواتب في العديد من شركات القطاع الخاص.
وبينما يتمّ تسليم الرواتب في الصرافات الآلية من فئة 5000 ليرة، إلا أن معظم من تسلموا مبالغ مالية بشكل مباشر من المصارف كانت بفئات نقدية صغيرة، ما تسبّب بخلافات وتذمّر ورفض البعض لاستلامها، خاصة إذا كانت القيمة كبيرة ويصعب نقلها.
ولاحظ كثيرون أن العمليات الشرائية التي كانت تتمّ بمعظمها بفئة 5000 ليرة، تحولت مؤخراً لـ 500 ليرة، بعد أن اقتصر تداولها لفترة طويلة على وسائل النقل العام والفراطة.
ما السر وراء ذلك؟
بدوره، قال المدير المصرفي السابق قاسم زيتون إن "تكثيف ضخّ هذه الفئات بالأسواق عامل نفسي أكثر مما هو لسبب تضخمي أو غيره، فالهدف على ما يبدو إثبات وجود تلك الفئات، وإلزام المتعاملين بتداولها بعد أن أُهملت جداً لضعف قيمتها، حيث أصبحت فراطة فقط، لكن عملياً يعدّ هذا تصرفاً خاطئاً، لأنها آلية ترهق المواطن الذي يضطر لحمل كميات كبيرة من النقود، فضلاً عن القيمة الشرائية الضعيفة لتلك الفئات.
ووفق زيتون، يجب سحب فئة 500 و1000 ليرة من الأسواق، والاستعاضة عنها بفئات أعلى كـ25 ألف ليرة على الأقل، فاليوم حتى الـ10 آلاف لم تعد مجدية، ومن غير المقبول نقل المال بحقيبة أو كيس لشراء أي سلعة بسيطة.
وأردف: "لتجنّب التضخم الذي يعتبر حجة لعدم إصدار فئات أكبر، يمكن سحب كامل الأوراق النقدية من فئة 500 ليرة، ليطبع بدلاً منها أوراق بفئة 25 ألفاً بالقيمة ذاتها، مثلاً، بحال وجود 100 مليار ليرة من فئة 500، تُسحب ويُطبع بدلاً منها 100 مليار من فئة 25 ألفاً، وحتى لو تمّت الطباعة بقيمة أكبر فمن غير المتوقع حدوث أي آثار تضخمية.
وأشار إلى أن القوة الشرائية لأكبر فئة نقدية في 2010 وهي 1000 ليرة تعادل 100 ألف حالياً، لكننا لا نجد هذه الفئة الكبيرة بسبب التخوف، علماً أنها أصبحت ضرورة، والحفاظ على قيمة العملة أفضل من حمل كميات كبيرة بلا قيمة.
ورأى زيتون أن طباعة عملات بقيمة كبيرة، يخفّف على المواطن، ويخفّف التعامل بالقطع، فاليوم عمليات بيع وشراء العقارات تخفي عامل تداول ضخم للقطع الأجنبي، لأن قيمة العقار تحتاج كميات ضخمة من النقود لا يمكن نقلها بسهولة، فمعظم الصفقات تتمّ بالقطع سراً، مضيفاً أن التحفظ الكبير يخدم الدولار أكثر من الليرة، حيث يجب تحرير العملة وإلغاء قيود التعامل لأنها لم تعزّز الليرة، بينما عزّز التضييق على الدولار من قيمته.
عزوف عن تداول الفئات النقدية الصغيرة
وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري، حالة من العزوف عن تداول بعض الفئات النقدية الصغيرة مثل "المئتين، المئة، الخمسين الورقية"، كما نقلت جريدة "البعث" الرسمية، أن "الطلب على الفئات النقدية الجديدة من الألفين والخمسة آلاف، أدى إلى نقصها في السوق، ما دفع المصارف وشركات الصرافة إلى طرح الفئات القديمة المهترئة لتعويض نقص السيولة في السوق".
وخسرت الليرة السورية كثيراً من قيمتها في السنوات الأخيرة، ما رفع معدلات التضخم إلى مستويات مخيفة، مع تضاعف تكاليف المعيشة من جراء ارتفاع سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي، ما أدى إلى اختفاء وقلة تداول الفئات النقدية الصغيرة من العملة المحلية.
وفي وقت سابق، أصدر "مصرف سوريا المركزي"، بياناً نفى فيه إصدار فئات نقدية أكبر من 5 آلاف ليرة، بعد تداول أخبار تفيد بنية المصرف طباعة أوراق نقدية جديدة من فئة 10 آلاف ليرة.
وقال الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب حسن حزوري إن "مصرف سوريا المركزي" يبرر بشكل دائم عدم وجود نية بإصدار فئات نقدية كبيرة لأنه يسعى إلى الاستعاضة عن الدفع النقدي بالدفع الإلكتروني.
من جانب آخر، لفت حزوري إلى أن ازدياد التضخم يجعل الفئات النقدية الصغيرة لا قيمة لها، كما يزيد حاجة السوق لإصدار فئات نقدية جديدة، بديلة عن العملات التالفة أيضاً.