نشرت وكالة أنباء تسنيم الحكومية الإيرانية تقريراً مطولاً لمقابلة لها مع من وصفته بأنه أحد قادة الاستخبارات في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والمدعو "الحاج يونس".
وذكرت الوكالة الإيرانية بأن الحاج يونس هو أحد القادة الإيرانيين القلائل الذين وصلوا إلى سوريا برفقة قائد فيلق القدس قاسم سليماني والعميد حسين همداني.
الجدير بالذكر أنه ورغم أن المقابلة التي سيعرض تلفزيون سوريا ترجمة تقريرية حولها تقدم مجموعة قيمة من المعلومات الهامة التي تنشر لأول مرة على الصحف الإيرانية، إلا أن شخصية "الحاج يونس" ليست مجهولة تماماً على وسائل الإعلام، إذ تمت الإشارة لوجود هذا الرجل الغامض (بلا صورة أو اسم حقيقي) مع جملة تصريحات له في تقرير لمراسل صحيفة اعتماد الإيرانية في مدينة حلب منتصف العام الماضي، أي بعد أشهر من الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق واسعة في تركيا والشمال السوري.
وعلى ما يبدو تظهر المعلومات المنشورة في التقريرين أن الحاج يونس هو أحد ضباط فيلق القدس الإيراني المستقرين في مدينة حلب، ونظراً لسيرته الاستخبارية والعسكرية الممتدة لأحد عشر عاماً مع همداني وسليماني في سوريا، قد ينظر له على أنه خليفة همداني الذي لقي مصرعه على يد الثوار السوريين في حلب عام 2015.
مستشارين إيرانيين بعدد أصابع اليدين أم بالعشرات مع انطلاق الثورة في سوريا؟
في الوقت الذي يدعي الحاج يونس على "تسنيم" أن الوجود الإيراني منذ بداية الثورة في سوريا كان يشمل "عدداً قليلاً من القادة الإيرانيين (عددهم أقل من أصابع اليدين)، مثل حسين همداني، كمسؤولين عن تقديم المساعدة الاستشارية في تنظيم الجيش السوري"، يؤكد الحاج يونس في التقرير السابق لصحيفة اعتماد إنه بين عامي 2011 - 2014، بلغ عدد المستشارين العسكريين الإيرانيين في سوريا ما بين 50 إلى 60 شخصاً كحد أعظم.
الجميع كان يعتقد أن حكومة بشار الأسد سترحل
يذكر الحاج يونس أنه استدعي من قبل مكتب قاسم سليماني في أحد أيام شتاء عام 2011، للاستعداد والقدوم إلى سوريا، وفي اليوم التالي لوصوله التقى لأول مرة بهمداني واجتمع مع العميد رضي موسوي الذي اغتالته إسرائيل مؤخراً، وناقشوا كيفية بدء العمل وتقرر أن يبدأ يونس العمل دون تأخير، وبدأ على الفور لما لديه من معرفة وخبرات، بحسب وصفه.
ويذكر الحاج يونس أن الجميع كان يعتقد أن حكومة بشار الأسد سترحل، بما في ذلك الأوروبيون والدول العربية، وبعض الشخصيات السياسية المهمة داخل إيران.
ويضيف يونس: "نحن أنفسنا قدرنا أيضاً أن حكومة بشار الأسد ستسقط أخيراً خلال الأشهر الخمسة المقبلة، عندما رأينا خسارة بعض المدن التي خرجت أحياناً عن سيطرة الحكومة دون صراع".
ويوضح يونس أنه في غضون 6 أشهر إلى سنة، أعلنت ما بين 250 إلى 400 مجموعة عن تحركات مسلحة، وانفصل عدد كبير منها عن الجيش والشرطة.
ويؤكد يونس أنه بعد يومين طبيعيين في مدينة حلب، احتل رجال مسلحون أجزاء كثيرة من المدينة! وشيئاً فشيئاً، سقطت المدن الكبرى أيضاً وخرجت عن سيطرة الحكومة.
وفي دمشق نفسها، بقي جزء فقط من وسط المدينة في أيدي الحكومة.
ويشير الحاح يونس إلى أن التغيرات سريعة، وكانت الحكومات العربية تستخدم المال للتأثير على شخصيات مهمة، كـ"رياض حجاب" رئيس وزراء سوريا في ذلك الوقت.
ويرى الحاج يونس في المقابلة أن رئيس الحكومة (رياض حجاب) أصبح يعتقد حينها أن الحكومة ستسقط، ولا بد إنه قال في نفسه يجب أن أنقذ نفسي.
ويضيف: "كما اعتقد بذلك العديد من قادة الجيش السوري. حتى أن العديد من المسؤولين الحكوميين فروا مع توقع سقوط الحكومة قريباً".
ويضيف: "بالكاد يمكنك رؤية سيارة في دمشق. وكانت السيارات الموجودة إما عسكرية أو حكومية. وتم إغلاق المدينة بالكامل".
ولمواجهة الأجواء الإعلامية الثقيلة بداية الثورة السورية، بحسب وصف الحاج يونس، يقول إن التفاعل الأول لهم كان الاتجاه أكثر نحو القضايا الإعلامية.
ويضيف: "أطلقنا نظاماً وقمنا بدعوة الأشخاص حتى نتمكن من التعامل مع إنشاء الفيسبوك والشبكات الافتراضية التي تنشر الأخبار المزيفة. وفي الوقت نفسه، ساعدنا في تعزيز التلفزيون السوري".
ويشير يونس إلى أن سليماني كان في سوريا، وأن عددهم صغير (5 إلى 10 منا يقومون بأعمال استشارية)، وعرض سليماني خطة العمل وتوصيات المهمة، وكان أهمها: لا تتركوا سوريا تسقط، لأنها إذا سقطت ستتضرر المقاومة، وبعد ذلك ليس من الواضح ما سيحدث في المنطقة.
تشكيل الدفاع الوطني لسد الفراغ ومنع السقوط السريع للمدن
ويتابع الحاج يونس حديثه مع تسنيم موضحاً أن تشكيل الدفاع الوطني كان بهدف سد هذه الثغرات، وإيقاف السرعة العالية لسقوط المناطق.
ويبين يونس أن سليماني قام بإصلاح الدفاع الوطني ووضعه تحت إشراف الشخص الأكثر موثوقية بالنسبة لرئيس الجمهورية، مشيراً إلى تشكيل مجموعات مثل الباسيج في المدن الشيعية لحماية تلك المدن في وقت سابق.
وأوضح يونس أن سليماني عهد بإدارة عمل الدفاع الوطني إلى الجيش السوري وأصر على أن تكون القيادة والإدارة معهم، مشيراً إلى أن بعض الجهات السورية لم تتفق مع هذا الدفاع الوطني في البداية.
وأشار يونس إلى أن عملية فك الحصار عن مطار حلب صممت ونفذت من قبل الدفاع الوطني وخلال 10 أيام وصلنا إلى النقطة الرئيسية السفيرة التي فتحت متنفساً لحلب.
وأضاف: بالتوازي في دمشق، بدأ العمل بفتح طريق المطار، الذي كان المتنفس الوحيد. وفي غضون 30 يوماً، تم إنشاء حزام أمني حول المدينة لوقف المسلحين.
وأوضح يونس أن دمشق وحلب نقطتان استراتيجيتان لو سقطتا لكان الوضع أسوأ بكثير ولن يكون بين أيدينا شيء لأعمال قمة أستانا في المستقبل.
دفاع وطني ذو جذور طائفية!
وحول قضية تشكيل الدفاع الوطني، أشار يونس أن التركيز كله كان على غير السنة، أي الشيعة والعلويين والقليل من المسيحيين. أي أنه كان هناك تقسيم على أساس سني وغير سني. كان هناك أيضا القوميون، ولكن عددهم قليل جداً، لكن هذه القضية انتهت في حلب، بحسب وصفه.
وبين يونس أن اهتمامات سليماني كانت مساعدة الناس في الدفاع عن مكان معيشتهم. ولهذا السبب ذهبنا إلى كل مدينة وقرية، وفعلنا نفس الشيء، على الرغم من أنهم كانوا في الغالب من السنة.
وأكد يونس على تنظيم ما يقرب من 5000 شخص في مجموعات مختلفة للقتال ضد المسلحين في حلب وحدها.
الجيش العالمي للشيعة!
وبعد تشكيل الدفاع الوطني، يشير يونس إلى ما سماه تشكيل الجيش العالمي، وهو مشاركة الشيعة غير الإيرانيين في عملية سوريا، بما في ذلك فاطميون من أفغانستان، وحيدريون من العراق، وزينبيون من باكستان، وكل من كان مهتماً بأهل البيت، بحسب وصفه.
لم نكن القوات البرية للروس في سوريا وتعاونا معهم لاستعادة كفريا والفوعة
ونفى الحاج يونس في مقابلة تسنيم التحليلات التي تقول بأن إيران تحولت للعمل كقوات برية للروس في سوريا، وأنه لولا الروس لما استطاعت إيران تحقيق النصر هناك، معتبراً أن هذا الكلام هو كلام المرضى الذين يحاولون اصطياد الأخطاء مهما فعلت.
وحول التدخل الروسي في سوريا، يقول الحاج إن إيران أرادت مشاركة الروس لأن القوة الجوية السورية تضررت وكانت بحاجة إلى مساعدتهم في مناطق مختلفة، وخاصة في قضية فك الحصار عن الفوعة وكفريا، التي آذت سليماني بشدة بحسب وصفه.
وفي هذا الصدد يكشف الحاج يونس أن وضع المدينتين الشيعيتين نبل والزهراء لم يكن سيئاً مثل وضع الفوعة وكفريا، مشيراً إلى أن نبل والزهراء كانتا تحت الحصار، لكن في جزء صغير منهما كانتا ملاصقتين للمنطقة الكردية، مما خلق مساحة صغيرة للتنفس، بعكس الفوعة وكفريا، اللتان كانتا محاصرتين بالكامل.
إيران لا تثق بضباط الأسد
في مقتطفات أخرى يشير يونس إلى رغبة سليماني في زيارة قلعة حلب في مرحلة كان ثلثا المدينة في أيدي الثوار السوريين، ويتحدث عن تنسيقه مع ضابط سوري مسؤول عن قلعة حلب.
ويضيف يونس: نسقت مع قائد القلعة، وهو ضابط سوري، وأخبرته بعدد الأشخاص الذين أرغب في الذهاب معهم إلى هناك. ولم أقل من معي!!. كان هناك خندق حول القلعة، وللذهاب إلى هناك تم حفر نفق تحت هذا الخندق، يخرج داخل أحد المنازل.
60% ممن شاركوا في معركة حلب مع إيران من السنة
وبحسب ما صرح به الحاج يونس في مقابلته السابقة مع صحيفة اعتماد الإيرانية، فإن "ما يقرب من 60% ممن شاركوا في معركة تحرير حلب إلى جانب القوات الإيرانية كانوا من المواطنين السنة في سوريا، ولا ينبغي الاعتقاد بأن الشيعة والعلويين السوريين فقط هم الذين قاتلوا مع القوات المسلحة في سوريا".
اتفاق غير مكتوب مع أميركا بالتنف ولا يمكن الوثوق بإسرائيل
وفي جانب آخر مهم من تصريحات يونس على صحيفة اعتماد يوضح أن الحكومة الأميركية سيطرت على دائرة يبلغ قطرها 55 كيلومتراً، حيث تلتقي حدود العراق وسوريا والأردن، في حين أن القوات المتحالفة مع إيران متمركزة في جميع أنحاء هذه الدائرة، ولكن وفقا للاتفاق غير المكتوب، فإنها لن تدخل دائرة الـ 55 كيلومترا، بحسب وصفه.
وحول شرط إسرائيل بابتعاد القوات الإيرانية عن هضبة الجولان لمسافة 80 كيلو متراً، يقول يونس "إن الإسرائيليين كاذبون، ولا يمكن الوثوق بهم. يقولون على بعد 80 كيلومتراً، ولكن على بعد مئات الكيلومترات، يهاجمون أيضاً البوكمال وحلب".