أوردت صحيفة تركية تقريراً سلّط فيه الضوء على واقع العمّال السوريين اللاجئين في تركيا، وذلك من خلال تصريحات أدلى بها أحد أصحاب المصانع الكبرى في البلاد للصحيفة، كشف من خلالها عن أهمية وجود المهجّرين السوريين داخل المؤسسات الصناعية بالقول إنه "لولا المهجّرون السوريون لتوقفت المصانع".
وبحسب التقرير، أفاد الصناعيون الأتراك بأن "الشباب (الأتراك) يفضلون البقاء في المنزل بدلاً من العمل في المصنع، وأنهم يعرّضون الآلات للتوقف في بعض الأحيان".
وقال التقرير: ازدادت مشكلة البطالة والتوظيف في تركيا، خاصة مع وباء فيروس كورونا. وعلى الرغم من ذلك، فحقيقة أن الوباء أتى بفرص جديدة في مجالات الأعمال مثل قطاع الصحة لا يمكن أن يقضي على النقص في العمال ويحد من البطالة.
الشباب العاطل لا يفضّل العمل!
أحد أكبر أسباب المشكلة، بحسب ما أفاد أحد الصناعيين للصحيفة، هو زيادة عدد الشباب العاطلين عن العمل ورغبتهم في العمل في نفس الوقت! وعندما كان أولئك الشباب لا يفضلون العمل في المصانع، زاد النقص في عدد العاملين.
بعض الآلات متوقفة وبعضها "سوري"
وفي حين توقف عمل الآلات في بعض القطاعات بسبب نقص الكادر، وجدت قطاعات أخرى الحل في المهجّرين السوريين.
"الاستثمار ليس كافياً، وهناك حاجة كبيرة إلى عاملي المهن اليدوية الميدانية"
صرح نوري دوغان، وهو المدير العام لشركة (Ece AŞ)، إحدى أكبر شركتين لتصنيع الكمامات في تركيا، أن الشركات الصناعية لم تتمكن من العثور على موظفين لتشغيل الإنتاج، وقال: "مع أزمة الشحن، بدأت الطلبات تتدفق إلى تركيا. الصادرات تحطم الأرقام القياسية. لا يكفي شراء الآلات والاستثمار من أجل مواكبة الطلب. كما أن هناك حاجة إلى العمال الميدانيين من أصحاب المهن اليدوية".
"يتقدم ألف شخص إذا أردنا مهندساً!"
وفي معرض ردّه على الصحيفة، ذكر دوغان أن هناك مشكلة "كره العمل" بدلاً من البطالة. وقال: "نحن أحد أكبر شركتين لتصنيع الكمامات في تركيا بطاقة إنتاجية تصل إلى 75 مليون قطعة شهرياً. نحن رواد في صناعة كمامات الأطفال. وبالمثل، نحن الشركة التركية الرائدة في مجال المنتجات التي تستخدم لمرة واحدة مثل الأكواب البلاستيكية والملاعق والشوك".
وأضاف: "انفجر الطلب مع تفشي وباء كورونا. ولكن لم يمكننا العثور على رجل لتوظيفه. بالرغم من أننا نشرنا إعلانات عديدة عبر مؤسسة التشغيل التركية (İŞKUR)، وكذلك لدى مخاتير الأحياء. أما إذا قمنا بالإعلان عن مهندس، فسيتقدم 1000 شخص!".
"إذا حضر 100 شخص، فسيتم توظيفهم جميعاً"
وتابع دوغان: "لا يوجد شخص (تركي) واحد يأتي من أجل العمل الميداني اليدوي في المصانع، ونحن بحاجة ماسة إلى أولئك العمال ويمكننا توظيف أي شخص طالما أنها ليست جريمة شائنة. فقط دعهم يأتون، وإذا جاء 100 شخص فسنوظفهم جميعاً".
"من سيعمل في الصناعة إذا قام الجميع بنفس المهمة"
وأوضح دوغان أنهم اضطروا في بعض الأحيان إلى إيقاف تشغيل الآلات لأنهم لم يتمكنوا من العثور على عمال، وقال: "الكل يريد أن يصبح خريجاً جامعياً، ثم يرتفع التوقع. إذا كان الجميع يطلبون نفس الوظيفة (اختصاص الهندسة)، فمن سيعمل في الصناعة؟".
وتابع: "إذا أعطيت هؤلاء الأشخاص وظائف خارج مهنتهم، فلن يقبلوها. يعمل لمدة ثلاثة أو خمسة أيام ثم يهرب. الشباب يفضلون البقاء في المنزل على العمل".
"مساهمة المهجّرين السوريين"
قدم نوري دوغان اقتراحاً وهو أن يتم سد النقص في عدد العمال من خلال "المهجّرين". وقال: "قال أحد الوزراء في الأسابيع الماضية: إن الصناعة ستنهار من دون السوريين. أنا سوف أوقّع تحت هذه الكلمة. ففي الوقت الحالي مثلاً يزدهر اقتصاد غازي عنتاب، وإذا انسحب السوريون من العمل فلن يتم العثور على موظفين هناك".
وكشف دوغان أن "عمال المصانع حالياً في السوق التركية جلّهم من المهجّرين. إذا تم إجراء الترتيبات، فسوف يساهم المهجّرون السوريون في الاقتصاد التركي. كما يمكننا أيضاً طلب عاملين من دول العالم الثالث".
وختم بالقول: "يجب على السياسيين أن يعترفوا بذلك، ويجب إزالة الوضع القائم من (إقحام اللاجئين في المعارك السياسية). هناك معلومات مضللة مستمرة على وسائل التواصل الاجتماعي، ونحن لا نملك خياراً آخر، ويجب التعاطي مع هذا الواقع".