اضطر العديد من رجال الأعمال العرب إلى نقل أعمالهم إلى خارج تركيا مع تصاعد العداء الذي يستهدف العرب والتحريض العنصري الحاصل في البلاد، ما تسبب بخسائر بلغت مليار دولار أميركي خلال شهرين.
وشهدت تركيا تحركاً كبيراً لرؤوس الأموال الخليجية، حيث تجاوزت الأموال التي تم نقلها من تركيا إلى دول أخرى قيمة مليار دولار خلال شهرين فقط، وذلك بحسب ما نقلت صحيفة "Türkiye" التركية.
وأشارت الصحيفة إلى أن آثار معاداة العرب في تركيا أصبحت واضحة وقوية خلال الشهرين الأخيرين، حيث تأثرت الاستثمارات العربية في البلاد بشكل كبير.
وأوضحت أن العديد من القطاعات الاقتصادية المحلية المرتبطة بالشركات العربية، مثل صناعة الأحذية والصحة والبناء والسجاد والسياحة والأغذية والملابس، تأثرت بشكل سلبي نتيجة للتوترات العنصرية والعدائية التي شهدتها البلاد مؤخراً.
وأضافت: "أُغلق العديد من المصانع والشركات التي كانت تصدر إلى دول الخليج والدول العربية الأخرى أبوابها بسبب تراجع الطلب والظروف الاقتصادية السيئة".
"جذب رؤوس الأموال العربية"
وبدأت دول مثل ألمانيا وفرنسا وسويسرا والنمسا، بالإضافة إلى دبي ومصر، في تكثيف جهودها لجذب رؤوس الأموال العربية من تركيا إلى بلدانها.
وأكدت الصحيفة بأن هذه الدول تستخدم وسائل متعددة لجذب المستثمرين العرب، مثل تقديم مزايا اقتصادية وقوانين استثمارية ميسرة، حيث تسعى إلى الاستفادة من التوترات العنصرية في تركيا لجذب المستثمرين ورؤوس الأموال وتوجيهها نحو اقتصاداتها.
تنوع المستثمرين العرب وتحدياتهم
وينقسم المستثمرون العرب في تركيا إلى ثلاث فئات، منهم من يستثمر بشكل مباشر عبر إنشاء الشركات، ويوجد مستثمرون آخرون يمتلكون شراكات مع جهات تركية، وأما الفئة الثالثة من المستثمرين العرب فهم يعملون على وضع أموالهم في شركات تركية تعمل في قطاعات مختلفة.
ويقول رجل الأعمال السوري عبد الغفور صالح عصفور، إن صور العداء تجاه اللاجئين في إسطنبول أثرت بشكل كبير على الرأي العام العربي وحتى رواد الأعمال الذين اضطروا لمغادرة تركيا.
وأضاف في حديثه إلى الصحيفة: "إجمالي الاستثمارات العربية مع دول الخليج تقدر بنحو 30 مليار دولار، ونحو 6 مليارات دولار منها تعود إلى مستثمرين سوريين. تعمل الدول العربية وخاصة دول الخليج ومصر بجد لجذب العرب القلقين من الأحداث العنصرية إلى بلدانهم".
"عنصرية ملاحظة في الشوارع"
وأبدى رجل الأعمال السوري محمود بادنجكي قلقه إزاء العداء الظاهر في الشوارع والتحريض المتزايد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إذ لاحظ هو ومئات آخرون تأثير السلوكيات العنصرية الحاصلة في تركيا.
وأوضح بادنجكي أن هذا الوضع أدى إلى انسحاب ما يتراوح بين 800 مليون ومليار دولار من الاستثمارات العربية إلى دول مختلفة خلال الفترة الزمنية القصيرة الماضية، والتي كانت تتركز في مجموعة متنوعة من القطاعات مثل الزراعة والملابس والأحذية.
وأكد على أن العديد من الدول العربية مثل الإمارات والبحرين والأردن والعراق والسعودية والجزائر والمغرب تعتمد على تركيا لكونها مصدرا رئيسيا للمواد الغذائية والملابس.
وأضاف: "تشهد هذه القطاعات تأثراً بالغاً نتيجة العداء العربي والتوترات العنصرية التي تفشت مؤخراً، مما أثر على الأعمال والإنتاج والتجارة".
"العرب ينقلون أموالهم إلى الخارج"
وأشار عبدالله سليمان أوغلو، صاحب شركة استشارات تجارية وقانونية، إلى أن المستثمرين العرب يشعرون بقلق بالغ إزاء الأمان وعدم الثقة، مما أثر على قرارات الاستثمار والتوجه نحو دول أخرى.
وأضاف سليمان أوغلو أن الهجمات التحريضية على وسائل التواصل الاجتماعي وفي الشوارع أدت إلى تدهور العلاقات الاقتصادية والتجارية، مشيراً إلى أنه تعامل في الآونة الأخيرة بشكل مستمر مع شركات نقلت استثماراتها إلى مصر وأوروبا على مدى 2-3 أشهر.
يواجه رجال الأعمال العرب في تركيا صعوبات في الحفاظ على استثماراتهم وتشجيع الاستثمارات الجديدة، في الوقت الذي تسعى فيه السلطات التركية إلى جذب رؤوس الأموال الأجنبية وسط الازمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد عبر انخفاض قيمة عملتها المحلية وتدهور أسعار الصرف.