كشفت صحيفة "ذا كريدل" الأميركية أن الولايات المتحدة تجري محادثات سرية في العاصمة العُمانية مسقط مع وفد من النظام السوري، مشيرة إلى أن اللقاءات ضمت شخصيات أمنية وممثلين عن وزارتي الخارجية في البلدين.
ونقلت الصحيفة، المتخصصة بأخبار المنطقة العربية وغربي آسيا، عن مسؤول دبلوماسي رفيع في جامعة الدول العربية، من دون أن تسميه، قوله إنه خلال المحادثات "ضغط مسؤولو النظام السوري بشكل أساسي من أجل الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من البلاد".
وأوضح المصدر أن المبعوث الأميركي أكد خلال المحادثات أن لديه معلومات تفيد بأن الصحفي الأميركي أوستن تايس لا يزال على قيد الحياة، ومحتجز في معتقل تابع لجيش النظام السوري، إلا أن وفد النظام أصر على أنه ليس لديه معلومات عن تايس، معرباً عن استعداد النظام لبذل كل الجهود الممكنة للكشف عن مصيره.
وأشارت مصادر الصحيفة إلى أن البيت الأبيض مقتنع بأن النظام السوري يعرف مكان الصحفي الأميركي، لكن وفد النظام في مسقط لم يؤكد أي معلومة بهذا الشأن.
المحادثات لم تتطرق إلى قضايا سياسية أو عسكرية
ووفق مصادر "ذا كريدل"، بدأت واشنطن والنظام السوري اتصالات سرية خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، وأجرت عدة لقاءات، تمت معظمها عبر وسطاء، مثل المدير العام السابق للأمن العام اللبناني، عباس إبراهيم، كما جرت لقاءات مباشرة بين الطرفين، كان أحدها في العاصمة السورية دمشق، إلا أنه مع ذلك ظلت هذه الاجتماعات المباشرة محدودة.
ولفتت المصادر إلى أن الموضوع الوحيد الذي لم يتطرق إليه المسؤولون الأميركيون خلال المحادثات كان مصير المجموعات التي تدعمها الولايات المتحدة شمال شرقي سوريا مثل "قوات سوريا الديمقراطية".
وأضاف المصدر أن المحادثات لم تتطرق إلى أي قضايا سياسية أو عسكرية، باستثناء مطالبة النظام السوري بانسحاب القوات الأميركية من الأراضي السورية.
ويأتي هذا الكشف عن المحادثات السرية بين الولايات المتحدة والنظام السوري قبل يومين من انعقاد القمة العربية في مدينة جدة السعودية، حيث من المتوقع أن يشارك رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بعد قرار جامعة الدول العربية إعادة مقعد سوريا للنظام.
وانتقدت الولايات المتحدة تطبيع الدول العربية لعلاقاتها مع النظام السورية، وإعادة النظام السوري إلى جامعة الدول العربية، مؤكدة أن النظام "لا يستحق العودة إلى الجامعة العربية في هذه المرحلة".
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن "تفهم أن الشركاء يسعون للتواصل المباشر مع رئيس النظام السوري لمزيد من الضغط تجاه حل الأزمة السورية"، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة "تشكك في رغبة الأسد في حل الأزمة السورية لكنها تتفق مع الشركاء العرب حول الأهداف النهائية".
وفي 12 آب الماضي، كشفت شبكة "سي إن إن" الأميركية عن اتصال مباشر أجرته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مع النظام السوري.
ونقلت الشبكة عن مصدر رفيع في الإدارة الأميركية، قوله إن الولايات المتحدة أجرت اتصالات مباشرة مع حكومة النظام السوري في محاولة لتأمين الإفراج عن المواطن الأميركي أوستن تايس، مضيفاً أنه "كان هناك عدد من التفاعلات المباشرة، لم يحدث أي منها في دمشق، لكنها لم تسفر حتى الآن عن أي تقدم".
من هو أوستن تايس؟
وكان تايس يعمل مصوراً صحفياً لحساب وكالة "فرانس برس" و"ماكالاتشي نيوز" و"واشنطن بوست" و"سي بي إس"، وغيرها من المؤسسات الإعلامية، حين جرى اعتقاله عند حاجز لقوات النظام قرب دمشق في آب من عام 2012.
وفي أيلول من العام نفسه، ظهر تايس في تسجيل فيديو وهو معصوب العينين محتجزاً لدى جماعة مسلحة غير معروفة، ومنذ ذلك الحين لم ترد أي معلومات رسمية عما إذا كان حياً أو ميتاً.
وفي العام 2018 أعلنت السلطات الأميركية عن مكافأة قدرها مليونا دولار لمن يقدم أي معلومات يمكن أن تقود إلى تحرير تايس.