كشف تحقيق أجراه موقع "إنترسبت"، استناداً إلى وثائق داخلية من شركة "تويتر"، أن منصة التواصل الاجتماعي عملت سراً مع الجيش الأميركي لتضخيم دعايته في جميع أرجاء الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا.
وتظهر وثائق داخلية، استند إليها التحقيق، كيف ساعد المسؤولون في "تويتر" في إعطاء رؤية أكبر لشبكة من الحسابات التي تديرها القيادة المركزية الأميركية، والتي تهدف إلى تشكيل الرأي في العراق وسوريا واليمن والكويت وأماكن أخرى في الشرق الأوسط.
وذكر موقع "إنترسبت" أنه تم منحه إمكانية الوصول، لفترة وجيزة خلال الأسبوع الماضي، إلى وثائق ومعلومات كانت مخفية في أرشيف رسائل البريد الإلكتروني والأدوات الداخلية على "تويتر"، مشيراً إلى أن إيلون ماسك وبعد شرائه لمنصة "تويتر" بدأ في منح الوصول إلى مستندات الشركة، معتبراً أن "الفكرة العامة هي إظهار أي شيء سيئ قام به تويتر في الماضي".
حسابات "القائمة البيضاء"
وقال التحقيق إنه على الرغم من ادعاء المسؤولين التنفيذيين في "تويتر" لسنوات من أن الشركة تبذل جهوداً متضافرة للكشف عن حملات الدعاية السرية المدعومة من الحكومة وإحباطها على منصتها، إلا أنه خلف الكواليس، قدم عملاق الشبكات الاجتماعية الموافقة المباشرة والحماية الداخلية لشبكة الجيش الأميركي من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات عبر الإنترنت.
وأوضح التحقيق أن وزارة الدفاع الأميركية استخدمت هذه الشبكة، التي تضم بوابات ومنصات إخبارية أنشأتها الحكومة الأميركية، في محاولة لتشكيل الرأي العام في مناطق مختلفة في الشرق الأوسط، وذلك من خلال حسابات "القائمة البيضاء"، التي تساعد على تجنّب عوامل تصفية البريد العشوائي، وتعزيز وصول الأخبار من البنتاغون.
ووفق التحقيق فإن حسابات القائمة البيضاء بدأت تابعة بشكل علني لحكومة الولايات المتحدة، ولكن بعد ذلك بدا أن البنتاغون غير تكتيكاته، وبدأ في إخفاء ارتباطه ببعض هذه الحسابات، في خطوة نحو نوع من التلاعب المتعمد بالمنصة، مضيفاً أنه على الرغم من أن المديرين التنفيذين في "تويتر" كانوا على دراية بالحسابات، فإنهم لم يغلقوها، وسمحوا لها بالبقاء نشطة لسنوات، وبعضها لا يزال نشطاً حتى الآن.
ترويج للميليشيات المدعومة من واشنطن في سوريا
وقال التحقيق إن المساعدة المباشرة التي قدمها "تويتر" للبنتاغون تعود إلى ما لا يقل عن خمس سنوات، حيث أرسل المسؤول في القيادة المركزية الأميركية "سنتكوم"، ناثانيال كاهلر، في تموز 2017، بريداً إلكترونياً إلى ممثل "تويتر" تتضمن طلباً للموافقة على توثيق حسابات في "القائمة البيضاء" باللغة العربية تستخدمها الدفاع الأميركية لتضخيم رسائل معينة.
وكتب المسؤول في القيادة المركزية الأميركية في رسالته "لدينا بعض الحسابات التي لا تُفهرس في علامات التصنيف، ربما تم تمييزها على أنها روبوتات، وعدد قليل من هذه الحسابات كوّنت متابعين حقيقيين، نأمل في الإنقاذ".
كما أرسل كاهلر في بريده الإلكتروني جدول بيانات يحتوي على 52 حساباً، طلب خدمة الأولوية لستة من الحسابات، بما في ذلك حساب "yemencurrent"، وهو حساب يستخدم لبث إعلانات عن ضربات الطائرات الأميركية من دون طيار في اليمن.
وأشار تحقيق "إنترسبت" إلى أن حسابات أخرى في القائمة ركزت على الترويج للميليشيات المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا، والرسائل المعادية لإيران في العراق، في حين ناقش أحد الحسابات قضايا قانونية في الكويت.
ووفقاً لمصادر نقل عنها "إنترسبت"، قدّم "تويتر" بشكل سري، في العام 2017، ميزة جديدة من شأنها تلبية احتياجات الجيش الأميركي على وجه التحديد، وتتضمن هذه الميزة أنه حتى إذا لم يحصل الحساب رسمياً على علامة التوثيق الزرقاء، فإنه سيظل يكتسب مزايا التوثيق من دون أن يكون مرئياً للعامة.
تنسيق سري بين "تويتر" والولايات المتحدة
وسبق أن اتهمت الحكومة الأميركية برعاية حملة رقمية على "فيس بوك" و"تويتر" و"إنستغرام" ومنصات اجتماعية أخرى، تستهدف آسيا الوسطى والشرق الأوسط، للترويج للروايات الموالية للغرب.
وفي شهري تموز وآب الماضيين أغلق موقعا "تويتر" و"فيس بوك" عشرات الحسابات لخرق سياساتهما بشأن "التلاعب بالمنصة والبريد العشوائي والتورط في سلوك غير أصيل منسق"، وكان التركيز الأساسي لهذه الحسابات هو إيران وأفغانستان ومجموعات شرق أوسطية ناطقة بالعربية، تضم مجموعات فرعية عراقية وسعودية.
إلا أنه وعلى الرغم من ذلك، تشير الوثائق التي كشف عنها تحقيق "إنترسبت" إلى أن "تويتر" كان ينسق سراً مع السلطات الأميركية لحماية حساباتها في أثناء العمل ضد دول أخرى تقوم بنشاط مماثل على الإنترنت.
كما تُظهر الوثائق الداخلية أن القواعد والقيود التي طبقها "تويتر" على البلدان الأخرى التي تدير "عمليات المعلومات" لم تُطبق على ما يبدو على الحكومة الأميركية.
للاطلاع على التحقيق كاملاً هنا.