اتفق الائتلاف الحكومي اليميني الجديد في هولندا على سياسة لجوء مشددة "غير مسبوقة" في البلاد التي كانت إحدى الوجهات المفضلة للسوريين في الأعوام الأخيرة.
وتم التوصل إلى الاتفاق المؤلف من 26 صفحة بين أربعة أحزاب يمينية وهي حزب "من أجل الحرية"، وحزب "بي بي بي" المؤيد للفلاحين وحزب "في في دي" الليبرالي وحزب "إن إس سي الجديد".
"شمس اليمين الهولندي تشرق"
قال رئيس حزب الحرية خيرت فيلدرز في صفحته على فيس بوك بعد إعلانه عن الاتفاق المعنون "أمل.. شجاعة وفخر" إن "الشمس ستشرق مجدداً في هولندا"، وأضاف في تصريحات صحفية له أن "أموراً كثيرة ستتغير في هولندا".
ومن بين 26 صفحة في الاتفاقية الإطارية، تم تخصيص أربع صفحات لأزمة اللجوء والهجرة التي أسقطت حكومة مارك روته الرابعة بعد خلاف حول إجراءات اللجوء، وقال فيلدرز، إن سياسة اللجوء الجديدة "هي الأكثر صرامة على الإطلاق".
ويهدف الاتفاق الجديد حول سياسة اللجوء للحد من تدفق طالبي اللجوء وجعل هولندا وجهة "غير مفضلة" لهم.
وينص الاتفاق على إلغاء قانون توزيع اللاجئين في البلديات الذي تم إقراره لتوزيع استقبال طالبي اللجوء في جميع أرجاء البلاد وحل أزمة الاستقبال.
وكان مجلس الشيوخ قد أقر هذا القانون في شهر كانون الثاني الماضي، وليس من المؤكد إن كان مجلس الشيوخ سيلغي هذا القانون، فالأحزاب الائتلافية الأربعة لا تتمتع بالأغلبية هناك.
وفي بلدية تير أبل، هناك احتمال بأن يتسبب إلغاء قانون التوزيع بأزمة في مركز تسجيل طلبات اللجوء في البلدية، وبحسب القائم بأعمال رئيس البلدية ليندرت كلاسن، فإن هذا القانون هو "الأداة الوحيدة الموجودة حالياً لتنظيم التدفق"، مضيفاً "من غير المفهوم أنه بعد مرور ثلاثة أشهر على دخول القانون حيز التنفيذ، هناك خطط لعدم تنفيذه".
ويريد الائتلاف إعلان "أزمة اللجوء" الذي قد يتيح التوقف مؤقتاً عن معالجة طلبات اللجوء، حيث لن تتم معالجة الطلبات المقدمة من طالبي اللجوء لمدة عامين، كما سيتمتع الشخص الذي يتقدم بطلب اللجوء في هولندا بحق "محدود" في الاستقبال خلال تلك الفترة، ولم يتضح بعد من الاتفاق إلى أي مدى يعتبر ذلك أكثر تقشفاً من ملاجئ الطوارئ الحالية المقامة في الصالات الرياضية!
ومن الخطط المحتملة الأخرى أيضاً وضع ضوابط صارمة على الحدود لتقليل عدد الأشخاص الذين يأتون لطلب الحماية في هولندا.
وتريد الحكومة الجديدة أيضاً تقسيم طالبي اللجوء إلى فئتين أو ما يعرف بـ "نظام الحالتين"، والذي يعني التمييز بين لاجئي الحرب واللاجئين السياسيين، وهذا له عواقب تتعلق بالمدة التي يمكن أن يبقى فيها اللاجئ في هولندا، وعندئذ سيكون للاجئي الحرب حقوق أقل، بما في ذلك حق لم شمل الأسرة حيث لن يُسمح للاجئي الحرب بإحضار أفراد عائلاتهم بزعم أن "السلام سيعود بنهاية المطاف"، ما قد يضمن وصول عدد أقل من طالبي اللجوء إلى هولندا.
كما تريد الحكومة إلغاء تصاريح الإقامة الدائمة وتعديل تصريح الإقامة المؤقتة، كما سيتم ترحيل اللاجئين المرفوضين بالقوة "إذا لزم الأمر"، ولن يحصل اللاجئون المعترف بهم على أولوية في "السكن الاجتماعي" أي المنزل المدعوم من الحكومة (إيجاره أرخص من إيجار المنازل الأخرى).
وسيتم وفق الائتلاف اليميني إلغاء قاعدة لم الشمل "التلقائي" وتقييد عدد الأشخاص الذين يمكنهم الانضمام إلى عائلاتهم عبر لم الشمل، وفق موقع هولندا الآن.
تشكيك بالاتفاق
بدوره شكك محامي اللجوء ويل إيكلبوم بالاتفاق الجديد وقال إن "هذا الأمر سيفشل في المحكمة أو في بروكسل"، مضيفاً بأن الائتلاف يريد أن "يحاول ثم رؤية ما سيحدث".
كما شككت خبيرة الهجرة مارلو شروفر من جامعة ليدن أيضاً بجدوى الاتفاق متوقعة أن يقول الاتحاد الأوروبي "لا" بشأن إعلان هولندا عن أزمة لجوء وتضيف "هل ستلوم الحكومة بروكسل حينها؟".
اقرأ أيضاً: السوريون في هولندا على طاولة اليمين المتطرف.. مقبض الباب بيد خيرت فيلدرز
وتعتزم الأحزاب الموقعة على الاتفاق تقديم طلب إلى المفوضية الأوروبية في أقرب وقت ممكن للانسحاب من سياسة اللجوء الأوروبية، لكن فيلدرز توقع في تصريحات صحفية أن ذلك "سيستغرق سنوات".
من جانبه أكد الناطق باسم المفوضية الأوروبية إريك مامر أنه "لا يمكن الانسحاب من قوانين الاتحاد الأوروبي"، مضيفاً "نحن نعمل على أساس المعاهدات القائمة والتشريعات القائمة وسننتظر لنرى ما ستقترحه الحكومة الهولندية الجديدة".
"انتقادات"
وبدورها رفضت منظمة "مساعدة اللاجئين" المعروفة بـ "في في إن" الاتفاقية ووصفتها بأنها "تخريبية ومدمرة"، وقال رئيس مجلس إدارة المنظمة الهولندية فرانك كاندل: "إنهم يهدفون إلى جعل الأمور غير سارة قدر الإمكان بالنسبة للاجئين".
من جانبها انتقدت مؤسسة إيواء طالبي اللجوء "كوا" الاتفاقية وقالت إن هناك حاجة ماسة لقانون توزيع اللاجئين على البلديات لتحقيق مزيد من الاستقرار في استقبال اللاجئين ووضع حد للأزمة الحالية، مضيفة "إن التشكيك في قانون التوزيع يمكن أن يدفع البلديات إلى الضغط على الفرامل ويؤدي إلى عدد أقل من الملاجئ بدلاً من أن تكون أكثر استدامة"، وتوقعت حصول أزمة استقبال مرة أخرى في مركز تسجيل طلبات اللجوء في "تير آبل".
بدورها أعربت مؤسسة "UAF" التي تدعم اللاجئين في التعليم عن قلقها إزاء عواقب الاتفاق الجديد على "الأشخاص الذين يضطرون إلى الفرار من الحروب والأنظمة الاستبدادية"، مشددة على حقوق "الإنسان الأساسية بما في ذلك الحق في اللجوء، والحق في لم شمل الأسرة، والحق في التعليم" مؤكدة أنها "ستواصل العمل بلا كلل لتعزيز مصالح الطلاب والمهنيين اللاجئين حتى يتمكنوا من تطوير مواهبهم وزيادة فرصهم في حياة مستقلة وكريمة".