بات تأمين الدواء أو شراؤه من أكثر الصعوبات التي تلاحق المهجرين والسكان في الشمال السوري، وتشتد المعاناة بشكل أكبر على أصحاب الأمراض المزمنة، حيث أصبح تأمين الدواء لمدة شهر من أكبر هواجسهم.
وشهدت مدينة إدلب وريفها ارتفاعاً جنونياً في أسعار الأدوية بعد سيطرة قوات الأسد على معمل الأدوية في بلدة المنصورة بريف حلب وارتفاع سعر الدولار، وإغلاق جميع المعابر في الشمال السوري.
وقال محمد العلي أحد سكان إدلب لموقع تلفزيون سوريا "ارتفعت أسعار الأدوية في المدينة وأصبحت غير قادر على شراء الأدوية لي ولزوجتي، فأنا أعاني من مرض السكري وزوجتي تعاني من مرض الضغط وقصور في الغدد".
تضاعف الأسعار
وتابع "منذ 6 أشهر وحتى هذه اللحظة أصبحت لا أستطيع تأمين سعر الأدوية، وأحياناً أجد صعوبة حتى في إيجادها، حيث كنت اشتري الدواء لي وعائلتي بملغ 10 آلاف ليرة سوري شهرياً، والآن أحتاج أكثر من 25 ألف ليرة شهرياً، هذا إذا وجدت جميع أصناف الأدوية".
أمَّا "أم أحمد" التي تعاني من مرض قصور الغدد وتتناول "التروكسين" كعلاج، تقول "كنت أشتريه بمبلغ 6 آلاف ليرة سورية وكان متوفراً في جميع الصيدليات وبعد سيطرة قوات النظام على ريف حلب وإغلاق المعابر مع النظام ارتفع سعر الدواء إلى الضعف وبعد فترة وجيزة أصبحت أخذ الدواء البديل له من شركة ثانية، ولكن لم يعطِ نتيجة، وبعد البحث الطويل وجدت دواء التروكسين ولكنه منتهي الصلاحية، وأتناوله الآن رغم ذلك ريثما أجد بديلاً".
معمل وحيد
وارتفعت أسعار الدواء بسبب ارتفاع أجور الشحن بعدما فقدت مناطق المعارضة معامل الأدوية في بلدة المنصورة، وفق الصيدلي موفق الحمصي، الذي أضاف في تصريح لموقع تلفزيون سوريا أن بعض الأدوية شبه المفقودة ترتفع أسعارها بشكل كبير ويزداد الطلب عليها، وأشار إلى ارتفاع سعر الكحول والمعقمات والكمامات إلى أكثر من 300%، فسعر لتر الكحول كان بـ 2000 ل س أما الآن سعر لتر الكحول بـ 6000 ل. س، وسعر علبة الكمامات كان بـ 400 ليرة والآن سعر العلبة 1200ل.س.
وذكر "الحمصي" أن المنطقة لا يوجد فيها سوى معمل أدوية وحيد، ولا يلبي احتياجاتها بسبب التنوع الكبير في أصناف الأدوية، التي يأتي بعضها من مناطق سيطرة النظام كأدوية الضغط والسكر والالتهاب.
وأوضح الحمصي "نحاول إيجاد حل للأدوية المفقودة بالسوق ونعطي المرضى بديلاً عنها أو نحاول تأمينها ولكن بأسعار مرتفعة".
ولفت الحمصي إلى أنَّ بعض المرضى ليس لديهم مشكلة بالسعر بل بإيجاد الدواء، وأنَّ ارتفاع أسعار الدواء تسبب بانخفاض المبيعات على أصناف معينة وبالتالي فقدانها في السوق.
بدوره قال الدكتور "يحيى نعمة" نقيب صيادلة إدلب لموقع تلفزيون سوريا إن الأدوية تأتي من ريف حلب الشمالي الذي مازالت المعابر التجارية فيه مفتوحة مع النظام، فترتفع أسعارها بسبب أجور النقل.
وأكد "نعمة" أن معظم مستودعات الأدوية يمتلكها تجار وليس هيئات حكومة، مشيراً إلى أنَّ التجار هدفهم الأول الربح، وهم يرفعون الأسعار عند تغير صرف الدولار، من أجل المحافظة على أرباحهم.
وأشار "النقيب" إلى أن النظام رفع سعر بعض أصناف الدواء، وهناك جزء من الأدوية الأجنبية والتركية يدخل من معبر باب الهوى مضبوط من الرقابة الدوائية ولكن سعره يكون غالياً من المصدر.
واستبعد "نعمة" احتكار الأدوية من قبل التجار، لكنه لفت إلى أنَّ تسعير الأدوية في إدلب يخضع بشكل كبير للتجارة أكثر من الرقابة الصحية والدراسات الإستراتيجية للدواء.
حلول مؤجلة
وحول البدائل والحلول، قال نعمة إنه يمكن الاعتماد على الاستيراد والمعامل في مناطق سيطرة النظام في بعض الأصناف، لكن يجب زيادة الإنتاج المحلي، وهناك معمل أدوية مرخص وقيد الإنتاج، ويوجد معملان آخران قيد الترخيص.
وأخَّرتْ أزمة كورونا، يضاف لها الاستقرار الأمني، إنشاء معامل أدوية في الشمال السوري، التي تمتلك قوانين ناظمة لتطوير الصناعة المحلية واستثمارها، وفق "نعمة".
اقرأ أيضا.. كيف أثرت سياسات نظام الأسد على الصناعات الدوائية في سوريا؟
ويذكر أن قوات الأسد سيطرت على معامل الأدوية في بلدة المنصورة، في شباط من العام الحالي بعد معارك عنيفة بين قوات النظام وميليشياته وفصائل المعارضة.