دفع الزلزال الجديد الذي ضرب تركيا وشمال سوريا يوم الاثنين 20 شباط على فالق اللاذقية كلس ووصل اهتزازه إلى دمشق وريفها، معظم أسر العاصمة إلى النزول للشوارع والساحات والحدائق العامة، حيث احتشد الناس لمدة تزيد على الساعة وسط حالة من الخوف.
وتزداد مخاوف سكان العاصمة دمشق وريفها من تكرار المأساة التي عاشها سكان اللاذقية وحلب وإدلب في الزلزال الأول في السادس من الشهر الجاري، ما دفعهم إلى التفكير بخطط للنجاة، أو على الأقل تقليل الخسائر قدر الإمكان.
وازداد الاقبال على تحميل تطبيقات الاستشعار بالزلازل، وخاصة تطبيق "Earthquake Network"، الذي يحذر من وقوع زلزال في المنطقة المحددة أو في جوارها، ويحدد نطاق الزلزال والمساحة التي ضربها، واستطاع وفقاً لبعض من قاموا بتحميله، باستشعار الزلزال الأخير قبل وقوعه بثوان قليلة، بناء على اهتزاز أجهزة المستخدمين في مركز الزلزال، والثواني المعدودة هي الوقت اللازم لوصول تأثير الزلزال إلى مناطق أبعد، وقال رائد من سكان مساكن برزة، إن التطبيق أرسل له إشعاراً قبل بضع ثوان من الزلزال واستطاع خلالها الخروج مع عائلته من المنزل على حد تعبيره.
وبحسب خبراء تقنيين، فإن آلية عمل هذا التطبيق تقوم على تحديد الهواتف ضمن فالق مركز الزلزال ومحيطه، ثم إرسال تنبيهات سريعة فور رصد الزلزال للمستخدمين البعيدين عن المركز قبل شعورهم بالاهتزاز، ما يمنحهم ثواني قليلة قد تكون كافية للاحتماء أو الهرب.
الأهالي يحزمون أمتعتهم
معظم الأسر، سواء كانت تستخدم تطبيقاً للتنبيه من الزلازل أم لا، حزمت أمتعتها وجهزتها بعد الزلزال الأخير الذي زاد من موجة الذعر، وذلك تحسباً من أي زلزال آخر يضرب المنطقة، وقالت أم عمار من سكان منطقة المزرعة التي طالتها شظايا الصاروخ الإسرائيلي فجر يوم الأحد، وشعرت بالزلزالين الأول والثاني، إنها اتخذت قراراً بوضع كل ما هو ثمين وأوراق العائلة الهامة ضمن حقيبة صغيرة، إضافةً إلى حقيبة أخرى فيها بدل ملابس لكل فرد من عائلتها المكونة من 4 أشخاص.
وضعت أم عمار حقيبة الملابس قرب باب المنزل، وحقيبة الأشياء الهامة والثمينة إلى جانب سريرها، مشيرةً إلى أن تصرفها سيشعرها باقتراب الخطر دائماً ويسبب لها ولعائلتها ضغطاً نفسياً، لكن "ما باليد حيلة".
أبو ثائر من سكان جرمانا، وضع أوراق العائلة المهمة وملابس ضرورية وبعض حاجيات الطوارئ والأدوية وبعض المياه والمعلبات ضمن السيارة وركنها في الساحة القريبة من منزله، وقال "لعل السيارة تبقى بعيدةً عن الخطر، فأنا أحرص على ركنها بعيداً عن الأبنية، فإن حالفنا الحظ وخرجنا في حال وقع زلزال، سنجد كل ما نريده في السيارة".
وأضاف "الدولارات التي أملكها والذهب وضعتها بحقيبة صغيرة، أما الليرات السورية فوضعتها في مصرف توفير البريد مسبقاً".
خطط احتماء بديلة
ضمن الخطط التي بات سكان دمشق يضعونها تحسباً من أي زلزال، هي اختيار مكان الاحتماء في المنزل في حال تعثر الهرب، إضافةً إلى تدريب العائلة للانطلاق نحوها، فمنهم من وضع طاولة خشبية أو سريرا وجهزها للنزول تحتها، ومنهم من أفرغ الخزائن من الملابس للدخول إليها، ومنهم من حدد أماكن الجسور البيتونية للوقوف تحتها، وآخرون احتشدوا للجلوس والنوم في غرفة واحدة يعتبرونها الأكثر أماناً ضمن المنزل.
ومن الإجراءات أيضاً، قيام البعض بالبحث عن منزل أقرباء لهم مؤلف من طابق واحد، والتنسيق معهم على المبيت حتى نهاية الشهر، كما فعل محمد وهو متزوج حديثاً، حيث طلب الإقامة عند أهل زوجته المؤلف من طابق واحد حتى نهاية الشهر، لكونه يسكن في الطابق الرابع بمدينة جرمانا في ريف دمشق.
وعلى صعيد آخر، قد يكون للعامل المادي دور في حماية الأشخاص من الزلزال، حيث توجه من يملكون مزارع وفللاً للإقامة فيها حتى ينتهي خطر الزلازل لكون البناء فيها غالباً ما يكون من طابق واحد إضافة ً إلى مساحة واسعة للاحتماء، وغالباً ما تكون المزارع والفلل في مناطق بعيدة عن الأبنية الطابقية ما يقلل من مخاطر الانهيارات.
وأعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد" مساء الاثنين عن وقوع زلزالين جديدين في ولاية هاتاي، الأول بقوة 6.4 على مقياس ريختر في منطقة ديفني والثاني بقوة 5.8 بمنطقة صمنداغ في الجنوب، وبدوره قال رئيس الجمعية الفلكية السورية محمد العصيري لشبكة "غلوبال"، إن زلزالاً جديداً بقوة 6.4 درجات على مقياس ريختر ضرب شمال اللاذقية في لواء اسكندرون في فالق كلس اللاذقية تبعته تسع هزات ارتدادية أقواها 5.8 درجات، مشيراً إلى أن هذا الزلزال مستقل تماماً عن الزلزال الأساسي الذي حدث في كهرمان مرعش في السادس من الشهر الجاري.