أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، على خلفية جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ومايو/أيار 2024.
ويعد هذا القرار، الأول من نوعه وخطوة غير مسبوقة بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي منذ تأسس عام 1948، وفي جميع الحروب التي خاضها مع الفلسطينيين والعرب، ما أثار تبايناً دولياً بين مؤيد ومعارض.
ورفضت المحكمة الجنائية الدولية، اعتراضات إسرائيل التي شككت بصلاحياتها، وأكدت أن الجرائم التي استهدفت السكان المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة تقع ضمن اختصاصها، حتى من دون اعتراف إسرائيل بشرعيتها.
وهذه الخطوة المهمة، على الصعيد السياسي، تعيد إلى الأذهان مذكرات سابقة استهدفت زعماء دول بينهم قادة دول عربية وأخرى عظمى مثل روسيا.
زعماء صدر بحقهم مذكرات اعتقال:
معمر القذافي
يعد الزعيم الليبي معمر القذافي، من أبرز القادة العرب الذين صدر بحقهم مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية في يونيو/حزيران عام 2011، بصحبة ابنه، سيف الإسلام القذافي، وعدد من المسؤولين في نظامه، على رأسهم، عبد الله السنوسي، مدير المخابرات الليبية.
ولم تكن ليبيا في عهد القذافي من الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ولم تصدق على تأسيسها، وهو الحال نفسه بالنسبة لإسرائيل الآن.
عمر البشير
الرئيس السوداني السابق، عمر حسن البشير، أيضاً من الرؤساء العرب المشهورين، الذين أصدرت المحكمة الدولية بحقه مذكرتي اعتقال عامي 2009 و2010 طبقاً لتهم بالمسؤولية وراء جرائم الإبادة الجماعية وجرائم حرب في إقليم دارفور، بالإضافة إلى جرائم ضد الإنسانية.
البشير رفض الاعتراف بمذكرات الاعتقال، وتحدى المحكمة، عبر السفر إلى عدد من الدول الأفريقية، التي تجنبت اعتقاله أو تسليمه.
ولم يكن توجيه الاتهام وإصدار مذكرتي الاعتقال بحق البشير معزولاً، بل تم توجيه تهم مماثلة لعدد من المسؤولين البارزين في نظامه.
فلاديمير بوتين
كان وضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على لائحة المطلوبين للمحكمة، خطوة من بين الأبرز دولياً، إذ كانت المرة الأولى التي تصدر فيها المحكمة الدولية مذكرة بحق مسؤول بارز في دولة تتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة.
كما شملت المذكرة إلى جانب بوتين وزير الدفاع السابق سيرغي شويغو، إلى جانب عدد من المسؤولين في روسيا، بداية مارس/ آذار 2023، بتهم ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، وكذلك دورهما في إصدار التعليمات بتنفيذ "الترحيل غير القانوني للأطفال في أوكرانيا".
ويليام روتو
رئيس كينيا الحالي، ويليام روتو، واجه تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، عقب أحداث العنف، التي اندلعت عقب الانتخابات عام 2007.
وقد حصل روتو على حكم البراءة عام 2016، عندما كان يشغل منصب نائب رئيس كينيا، ثم تم انتخابه رئيساً عام 2022.
لوران غباغبو
رئيس ساحل العاج في أفريقيا أيضاً، لوران غباغبو، صدر بحقه مذكرة اعتقال من الجنائية الدولية، عقب الأحداث الدامية التي شهدتها بلاده، والقتال العنيف بين أنصاره من جهة، وأنصار زعيم المعارضة آنذاك، الحسن واتارا، عقب الجدل حول نتائج الانتخابات الرئاسية عام 2010، والذي انتهى بتنحيته بالقوة في العام الموالي.
وبعد محاكمة طويلة، استمرت إجراءاتها لنحو 10 سنوات، وتضمنت حضور 82 شاهداً، حصل لوران غباغبو ومساعده بلي غودي أخيراً على البراءة من التهم الموجهة إليهما، ووقف جميع التتبعات بحقهما عام 2019.
ما هي المحكمة الجنائية الدولية؟
وتأسست المحكمة الجنائية الدولية في 1 يوليو/تموز عام 2002 بموجب ميثاق روما الموقع عام 1998، ومقرها في لاهاي بهولندا.
تهدف المحكمة إلى تعزيز احترام حقوق الإنسان من خلال التحقيق في جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب.
وتعمل المحكمة كمكمل للقضاء الوطني وتحقق في الجرائم عندما تعجز الدول عن ذلك أو ترفض التعاون.
تشمل هيكلتها الرئاسة والشعبة القضائية ومكتب المدعي العام وقسم السجل، وبلغ عدد الدول التي صدقت على قانون المحكمة 114 دولة، وتلتقي في جمعية للدول الأعضاء، وهي هيئة تراقب عمل المحكمة.
تختص المحكمة الجنائية الدولية بمتابعة الأفراد المتهمين بـ:
جرائم الإبادة الجماعية: وتعني بحسب تعريف ميثاق روما، القتل أو التسبب بأذى شديد بغرض إهلاك جماعة قومية أو عرقية أو دينية إهلاكاً كلياً أو جزئياً.
الجرائم ضد الإنسانية: وهي أي فعل من الأفعال المحظورة المنصوص عليها في نظام روما، إذا ارتكب بشكل منظم وممنهج ضد مجموعة من السكان المدنيين، مثل القتل العمد والإبادة والاغتصاب والإبعاد والنقل القسري والتفرقة العنصرية والاسترقاق.
جرائم الحرب: وتعني كل الخروقات المرتكبة بحق اتفاقية جنيف لسنة 1949، وانتهاك قوانين الحرب في نزاع مسلح دولي أو داخلي.