وصف رئيس الوزراء السوري المنشقّ والرئيس السابق لهيئة التفاوض، الدكتور رياض حجاب، المشهد السوري الحالي بـ "المؤلم جداً، وما يوحدنا اليوم كسوريين هي المعاناة".
وقال حجاب في حوار خاص ضمن برنامج "منتدى دمشق" الذي بثه تلفزيون سوريا، مساء أمس الأحد، إن السوريين تجمعهم المعاناة "سواء من المقيمين في الشمال السوري أو في المخيمات أو داخل دول اللجوء، أو حتى الخاضعين لسيطرة النظام، فهم ضحية ومعاناتهم مضاعفة".
وأضاف: "ولا ننسى معاناة المعتقلين والمغيبين قسرياً، فهؤلاء يعيشون أسوأ الظروف في ظل وحشية النظام، وملفهم هو الأكثر إيلاماً".
الملف السوري إلى الواجهة
وكشف حجاب أن هناك "تحولات كبيرة في المنطقة وعلى مستوى العالم. وبالتأكيد الملف السوري يعد أحد الملفات المهمة ضمن تلك التحولات، حيث إنه كان غائباً خلال السنوات القليلة الماضية نتيجة ظهور بؤر جديدة سواء في ليبيا أو اليمن أو في شرق المتوسط، وغيرها من المناطق".
ولفت إلى أن الملف السوري "عاد مجدداً إلى الواجهة، وبقوة" بحسب تعبيره، مشيراً إلى أن "الكواليس الدبلوماسية الدولية تشهد تحركات من خلال التواصل المستمر، ونتمنى أن تتبلور تلك التحركات إلى استراتيجية تصب في مصلحة الملف السوري".
الروس وإيران
وحول الدور الروسي والإيراني في الملف السوري، أوضح الرئيس السابق لهيئة التفاوض أن "روسيا ليست قادرة اليوم على إنقاذ حليفها الأسد، الذي لا ترى سوريا إلا من خلاله وليس من خلال الشعب السوري".
وقال: "أنا لا أعوّل على الموقف الروسي في إيجاد الحل المنشود للسوريين، لأني أعرفه مسبقًا".
ونوّه حجاب إلى أن رئيس النظام اليوم ليس بيده اتخاذ القرارات، وبأن القرار "يُتخذ اليوم من قبل ممثلي روسيا وإيران في دمشق".
وذكر أن بشار الأسد أبلغه سابقًا بأنه سيذهب مع إيران "إذا أُجبر على المفاضلة بينها وبين روسيا"، مضيفاً أن "إيران تسعى لمصالحها وتتبع سياسة التأزيم في المنطقة".
وكشف حجاب أن "إيران وطنت أكثر من 132 ألفاً من عناصر ميليشياتها في سوريا"، وشدّد على حاجة السوريين إلى "دور عربي يضع حدًا للتدخل الإيراني في المنطقة".
"مؤسسات المعارضة مترهلة"
وفي معرض حديثه عن مؤسسات المعارضة السورية، بيّن رئيس الحكومة السورية المنشقّ، أن هناك "ترهلاً في أداء المؤسسات الرسمية للمعارضة" مضيفاً أنها "بحاجة إلى إعادة بناء لهياكلها".
وناشد حجاب ممثلي المعارضة ومؤسساتها أن يترفعوا عن الخلافات وسياسة "المحاصصات"، وأن ينبذوا توجيه الاتهامات المتبادلة و"تقاذف التهم"، مشدداً على "عدم التنصل عن تحمّل المسؤوليات، والبدء ببناء المؤسسات بشكل صحيح".
الحل السياسي
"إلى الآن، للآسف، لا توجد إرادة دولية لحل المسألة السورية" بحسب حجاب، بالرغم من أن "جميع الأطراف الدولية ترى أن النظام يتهرب من الحل السياسي".
وقال إن "بشار الأسد لن يقبل بمشاركة أي طرف في حكم سوريا، فكيف له أن يتنحى؟".
ولفت حجاب إلى أهمية تفعيل واستثمار "ملف المحاسبة" لما له من فعالية مستقبلاً، مشيداً بالمنظمات الحقوقية المدنية والأهلية التي تفوقت على مؤسسات المعارضة السورية في متابعة ملف الجرائم والمحاسبة.
وشدد رئيس الحكومة السورية المنشقّ، على أن "مكان بشار الأسد خلف القضبان في محكمة لاهاي، وليس في القصر الجمهوري".
اللجنة الدستورية
وعن رؤيته حول عمل "اللجنة الدستورية" في جنيف، استشهد حجاب بتصريح للمبعوث الدولي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، قال فيه إن "صياغة الدستور ليس الحل في سوريا، ولا يمكن اختصار القرار 2254 باللجنة الدستورية.. وهذا كلام واضح ودقيق وجريء".
وقال حجاب: "ثلاث سنوات من عمل اللجنة وهيئة المفاوضات، دون إحراز أي تقدم حتى اللحظة. هناك حقيقة مهمة يجب تثبيتها وتتمثل في أنه لم تبدأ أي مفاوضات حتى الآن".
ويرى حجاب أن "الإرادة الدولية هي العامل الحاسم في العملية السياسية، ولا توجد إرادة جادة للفرض على النظام وحلفائه للعمل على تنفيذ القرارات الدولية".
الموقف الأميركي والتركي
وبشأن الموقف الدولي من القضية السورية، يرى حجاب أن هناك "أساسيات لن تتغير في السياسة الأميركية تجاه سوريا"، وبأن "تركيا تعمل بجد لإنهاء مأساة السوريين".
شمال شرقي سوريا
واعتبر حجاب أن وجود ما يسمّى بـ "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا هو "ظرف طارئ" ومؤقت، مؤكداً على أن "وحدة سوريا وشعبها تعتبر خطاً أحمر بالنسبة لنا، بالرغم من وجود 5 جيوش و3 مناطق و4 حكومات اليوم. وتقسيم سوريا لن يصب إلا في مصلحة إيران وإسرائيل" بحسب وصفه.
وأوضح أن الأكراد هم مكوّن أصيل من الشعب السوري "ولهم مطالب وحقوق ومظالم محقة" من جراء سياسات نظام الأسدين الأب والابن، الذي ظلمهم وحرمهم حقوقهم.
وروى رياض حجاب تفاصيل لقاء جمعه هو وشخصيات من الحكومة والحزب، برئيس النظام بشار الأسد، قبيل انشقاقه، وذلك في شهر تموز 2012، فقال: "أبلغنا بشار الأسد أنه أعطى إيعازاً لقادة الوحدات العسكرية والأمنية التابعة للنظام في الجزيرة السورية، بإخلاء مواقعهم وتسليم كامل السلاح لـ حزب PKK. وحين تساءلنا عن سبب تسليم المقار والأسلحة بما فيها الثقيل لـ )حزب العمال الكردستاني/ PKK). كانت إجابة بشار أن هؤلاء حلفاؤنا ونحن استثمرناهم خلال السنوات الماضية، وبحاجتهم الآن لضبط الأكراد والعرب بالجزيرة، وكذلك ليكونوا خنجراً بخاصرة تركيا".