على الرغم من تشارك إيران مع روسيا وتركيا في إدارة "مسار أستانا"، الذي تعتبره الدول الثلاث محورياً لتنسيق عملياتها ومصالحها في سوريا، فإن كلاً من أنقرة وموسكو تجاهلتا الدور الإيراني في خطوات التقارب التركي مع النظام السوري، خاصة وأن طهران من دول النفوذ الأساسية على الأرض السورية.
ونهاية تشرين الثاني الماضي، أكد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، على دعم بلاده لـ "العمليات السياسية في حل النزاعات في سوريا"، ووصف التعاون بين دول المنطقة بأنه "السبيل الوحيد لضمان الأمن المستدام في سوريا".
وجاء تصريح عبد اللهيان تعليقاً على العملية العسكرية التركية شمالي سوريا، معتبراً أنها "ستزيد من تعقيد الموقف، معرباً عن استعداد بلاده لدعم المحادثات بين تركيا والنظام السوري، من أجل حل المشكلات السياسية بين الطرفين.
وعلى عكس العادة في مناسبات تطبيع الدول لعلاقاتها مع النظام السوري، غابت التصريحات الإيرانية الرسمية بشأن التقارب التركي مع دمشق، وكأن طهران غير معنية بهذا التطور اللافت على الساحة السورية، ما أكد التكهنات حول تجاهل إيران في لقاء موسكو، في حين هاجمت بعض الأصوات الإيرانية النظام السوري، متهمة إياه بالالتفاف على من دعمه وأبقاه في سدة الحكم.
قلق إيراني من تقارب تركيا مع النظام السوري
ولعل الصوت الوحيد الذي حاول استدراك غياب إيران عن ساحة الحدث السوري جاء من تركيا، حيث قال النائب عن حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا، أورهان مير أوغلو، إن الاتصالات بين تركيا والنظام السوري ستستمر في العام 2023، مشيراً إلى أن إيران التي لم تشارك في اجتماع موسكو "ستمنح مقعداً على الطاولة"، في حين لم يصدر من روسيا أي تصريح بشأن إيران.
إلا أن الاستدراك التركي لم يطمئن طهران بأنها ستكون جزءاً من التحالف الجديد إن تم، وهاجمت وسائل الإعلام الإيرانية التقارب التركي مع النظام السوري، متسائلة عن مدى موثوقية وعود أنقرة بالانسحاب من سوريا، في حين دعت أصوات محسوبة على التيارات المتشددة في إيران إلى "الانتظار والترقب ريثما يتضح الاتجاه الذي ستؤول إليه الأوضاع".
وبعد أيام قليلة من الإعلان عن لقاء موسكو الذي جمع وزراء الدفاع في تركيا وروسيا والنظام السوري، أعربت وسائل إعلام إيرانية مقرّبة من التيار الإصلاحي عن قلقها من الاجتماع، معتبره أن لقاء موسكو هو "ثلاثية جديدة موازية لمسار أستانا، ويمكنها التنافس، بل وحتى استبدال، المسار".
النظام يؤكد على دور إيران في أي "مبادرة سياسية"
وفي تطور لافت ومتسارع خلال اليومين الماضيين، خرجت تصريحات ومبادرات من النظام السوري، تؤكد على "دور إيران الهام" في سوريا، والتنسيق العالي بين دمشق وطهران على مختلف المستويات.
وأكد وزير خارجية النظام السوري، فيصل المقداد، لنظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في اتصال هاتفي بينهما أول أمس الإثنين، على أنه "من الضروري أن تلعب إيران دوراً في أي مبادرة سياسية في سوريا"، مشيداً بـ "الدور الإيراني الفعّال للمساعدة في تسوية الأزمة السورية".
ومن جانبه، أكد عبد اللهيان على "أهمية استمرار التنسيق والتشاور بين البلدين في مختلف القضايا والملفات"، مشدداً على "أهمية الحفاظ على الدفع المستمر بالعلاقات الثنائية، والتشاور حول مختلف التطورات والأحداث".
كما أجرى معاون وزير الخارجية في حكومة النظام السوري، أيمن سوسان، زيارة للعاصمة الإيرانية طهران، أول أمس الأحد، بحث خلالها مع المسؤولين الإيرانيين التطورات المتعلقة بالوضع في سوريا، والعلاقات الثنائية، وسُبل تطويرها في مختلف المجالات.
وأعرب سوسان عن "تقدير" نظامه للدعم الذي قدمته إيران، مؤكداً على "عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، وضرورة تطويرها وتعزيزها بما يتناسب مع حجم التحديات التي يواجهها البلدان".
وبدوره، أكد وزير الخارجية الإيراني استمرار بلاده في دعم النظام السوري، موضحاً أنه "تم الاتفاق على استمرار التواصل والتنسيق بين الجانبين، بما يخدم الأهداف المشتركة، وبما يحقق مصالح البلدين".