كانت دهشة الأطفال لا توصف حين رؤيتهم للروبوت يتتبع اللون الأحمر الذي قاموا ببرمجته على السيارة الآلية لأول مرة، ودوران السيارة الأخرى التي قاموا ببرمجتها أيضاً داخل دائرة التي رسموها من دون الخروج منها.
بعد تهجيرهما إلى إدلب، قام الشقيقان "أُبي وسمية تللو" بإطلاق مشروعهما في تعليم البرمجة للأطفال، "أبي تللو" توقف عن دراسة العلوم السياسية في دمشق وبعد تهجيره بدأ دراسة الهندسة المعلوماتية، "سمية" شقيقته بدأت دراسة الهندسة المعلوماتية في إدلب أيضاً، وأطلقا مركزهما لتعليم الأطفال واليافعين أساسيّات البرمجة منذ بداية 2020 في خطوة للوصول إلى التطوير والإنتاج.
أُطلق على المركز "روبوتيك تيك" في إشارة إلى الآلة الميكانيكية القادرة على القيام بأعمال مختلفة بعد برمجتها إما عند استلام إشارة معينة أو إشارة حاسوبية لأداء مهام معينة، وظهرت كلمة روبوت لأول مرة عام 1920 في مسرحية الكاتب التشيكي "كارل تشابيك" وتعني العمل الشاق.
تعميم التجربة على المدارس
يعمل المركز على تطوير مهارات الفئة العمرية التي تتراوح بين 5 إلى 17 سنة، الأمر الذي قد يثير استغراب الناس من آلية التعامل مع الأطفال في برامج معقدة في الوقت الذي يواجه فيها الطلاب الجامعيون صعوبات متعددة في القيام بمثل هذه المهام، "نستند في المشروع على أركان التعلم الأربعة (المشاريع، الأقران، الشغف، اللعب) حسب جامعة MIT" حسب ما أورد أبي تللو مؤسس المشروع.
ويضيف "يهدف المشروع إلى تقديم نماذج تربط بين الجانبين العملي والنظري في آن واحد ما يضمن عملية تعليمية سليمة ومحفّزة للإنجاز"، ويضيف أنّهم يعملون على تعميم تجربتهم على المدارس الموجودة في المنطقة خلال السنوات المقبلة، وينوه إلى أنّهم تعاقدوا مع 3 مدارس في مدينة إدلب للعام الدراسي الحالي ويخططون للعمل على إدراج مدارس أكثر في السنوات المقبلة.
"تدريب الكوادر هي الخطوة الأولى للحصول على تعليم جيد" يؤكد تللو ويتابع أنّ المركز قام بتدريب 13 معلمة و8 معلّمين مؤخراً على المهارات المطلوبة لعملهم، وذلك ضمن خطة مدروسة من أجل تغطية المدارس المتفق عليها في العالم الدراسي الحالي، "من الضروري تحسين النظام التعليمي القائم بإدخال مواد عملية من وحي الواقع ومتطلبات المستقبل".
مساقات تعليمية متدرّجة
تتوزّع المساقات إلى عدد من المستويات حسب سمية تللو الشقيقة المؤسسة "المساق الأول خصّصناه لتعليم الأطفال Scratch وهو على قسمين من 5 إلى 7 سنوات لغير القارئين ومن 7 إلى 12 سنة للأطفال القارئين" وتضيف أن المتدربين يقومون بتشكيل مجموعات من أجل إنشاء مشاريع كألعاب الحاسوب والفيديوهات التفاعلية والبرامج، برنامج سكراتش الذي يعملون عليه في هذا المساق طُورته الشركة المتخصصة في الحواسيب MIT لأهداف تعليمية، الذي طور المستخدمين خلاله أكثر من 11 مليون برنامج تفاعلي حول العالم.
المساق الثاني هو الروبوتيك التعليمي ميندستور mindstor وهي مجموعة حقائب تعليمية تعتمد على علم الميكاترونكس تقوم ببرمجة المجسمات والمحركات الإلكترونية الصغيرة، ويستهدف هذا المساق الشريحة العمرية من عمر 10 إلى 17 عاما، يقوم الأطفال خلاله بتصميم المشروع الذي يتمثل بروبوت قادر على حل مشكلة أو عدة مشكلات بحسب توجيه المدرب وذلك عن طريق دمج المكونات الأساسية للروبوت من متحكم برمجي وحساسات ومحركات وأطراف هيكلية، ومن ثم يقوم الأطفال على شكل مجموعات ببرمجته للقيام بالمهمات المطلوبة.
أما المساق الثالث الأكثر تقدّماّ فهو يعتمد أنظمة التحكّم الذكية والروبوتيك ويستهدف الشريحة العمرية من 12 إلى 17، ويعتمد على الآردينيو Arduinoوهو لوح تطوير إلكتروني يُبرمج عن طريق الحاسوب مصمم لتسهيل استخدام الإلكترونيات، يُستخدم بصورة أساسية في تصميم المشاريع الإلكترونية التفاعلية مثل بناء حساسات بيئية مختلفة كدرجات الحرارة، الرياح، الضوء والضغط وغيرها، ويمكن توصيله ببرامج مختلفة على الحاسب الشخصي، ويعتمد في برمجته على لغة البرمجة مفتوحة المصدر وتتميز الأكواد البرمجية بسهولتها لذلك فهو يعتبر مدخلا مهما لمعرفة مبادئ عن علوم الحاسب، هندسة الكهرباء والميكانيكا وكذلك الحرف والفنون، مجتمعة في بيئة واحده.
"نتبع الأسلوب التعليمي steam في مجمل الدورات المقدمة" تقول سميّة وأسلوب STEAM هو اتجاه تعليم للعلوم S والتقنية T والهندسة E والرياضيات M ويُشير حرف A إلى العلوم الإنسانية Arts and Humanities.
عبد المجيد أماني أحد طلاب المركز يبلغ من العمر 10سنوات تحدث لـ موقع تلفزيون سوريا عن المهارات التقنيّة التي تعلّمها في المركز، "تعلّمت أسماء بعض الإلكترونيات وكيفيّة وصل الأسلاك الكهربائية بطريقة صحيحة، وطريقة البرمجة على دارة الأردوينو وتحريكه وإعطائه أوامر حسب المطلوب، كما تعلّمت استخدام الحاسوب وقيادته بشكل احترافي واستخدامه لبرمجة الروبوتيك من أجل صنع إشارة مرور وحافظة ذكية للماء"، ويضيف أنّه اكتسب مهارة العمل ضمن فريق من أجل الإنجاز مع وجود روح المنافسة بين الفرق الكبيرة.
جمعة أماني والد الطلاب عبد المجيد أكّد سعادته بمعرفة المركز من خلال بعض أصدقائه، "أضافت هذه الدورة لطفلي الرغبة بابتكار الأشياء، رفعت مستوى التخيل العلمي لديه وتمكّن من استخدام بعض المهارات في المنزل في الأمور الحياتيّة كإجراء بعض التوصيلات الكهربائية البسيطة".