غير بعيدٍ عن جامع الجديدية أحد أهم معالم مدينة دوزجة التركية يجلس العم عثمان متأملاً الجامع الذي أُعيد إعماره بعد الزلزال الشهير عام 1999 الذي ضرب المدينة. وتسبب الزلزال بقوة 7.2 على مقياس ريختر بدمار واسع للمدينة التي تعد مركز آخر الولايات التركية الـ 81.
دمّر الزلزال آلاف البيوت والمباني والمعامل وراح ضحيته أكثر من 840 شخصاً. العم عثمان يتكلم بحرقة عن تلكَ الليلة ويصفها بالليلة السوداء. حينذاك جاءت المساعدة غير المتوقعة إلى المدينة من الجار العراقي بقيادة صدام حسين والذي تولى إعادة إعمار جامع الجديدية وساعد ببناء سلسلة من المباني الحكومية في منطقة تدعى كاليجي.
يرى سياسيون من كلا البلدين أن المساعدة العراقية التي قطعت مسافة ألفي كم وصولاً لدوزجة، لم تأت مفاجأة في ذلك الوقت، فقد كان رئيس وزراء تركيا حينها بولنت أجاويد، متفقا مع سياسة صدام حسين في المنطقة خاصة فيما يتعلق بمنع تشكيل كيان انفصالي كردي شمالي العراق، ومعارضة السياسات الأميركية في الشرق الأوسط، وكذلك كان متعاطفاً مع القضايا العربية حيث افتتح في عهده عام 1978 أول مكتب لمنظمة التحرير الفلسطينية وتربطه علاقة جيدة بياسر عرفات.
بالعودة إلى العم عثمان، فهو من المهاجرين البلغار الذين هاجروا من بلغاريا في التسعينيات بسبب الظلم الذي تعرض له المسلمون وأصبحت هذه المدينة الصغيرة مأوى لعائلته.
يقصد السّياح ولاية دوزجة سنوياً، وتتميز بموقع جغرافي استراتيجي إذ هي صلة وصلٍ بين محافظتي أنقرة وإسطنبول ويتجاوز عدد سكانها الـ 387 ألف نسمة، ويفوز فيها عادة في الانتخابات حزب العدالة والتنمية.
أينما وليت وجهك في الولاية، ستجد المرتفعات الخضراء والغابات ذات الإطلالة السّاحرة والطبيعة الخلّابة، والأنهارُ والبحيرات وحياة الرّيف الهادئة. المدينة أيضاً هادئة ويغلب عليها قلة المشكللات فيها وطيبة أهلها. وتشجّع مؤسسات الدولة والبلديات على الاستثمار والعمل فيها وتقدم تسهيلات عديدة، لتكون مقصداً مريحاً سواء للمستثمرين والسياح وحتى الطّلاب. وتعتبر دوزجة أيضاً مكاناً للهروب من صخب المدينتين الكبيرتين أنقرة وإسطنبول ليقضي فيها من يريد العطلة الأسبوعية للاستجمام.
أكثر ما يميز المدينة إنتاج البندق، حيث وصل حصاد هذا الموسم لـ 665 ألف طن وأيضاً تتميز بزراعة اليقطين ويُصنع منه 40 نوعاً من الأطعمة ويكون له معرض سنوي خاص مدعوم من البلدية وأيضاً يشتهر في منطقة Yığılca، عسل "ورود الغابات"، والذي يأكل مع الشاي في الصباح.
التنوع العرقي الفريد
نادراً ما تجد مثل هكذا تنوع عرقي في أي مدينة أخرى، حيث تحتوي المدينة خليطاً فريداً من الأعراق والأمم والثقافات، فيوجد فيها شركس وأباظة واللاز وجورج وعرب وكرد ومهاجرون بلغار ويوغسلاف وشيشان وقوقاز، ويتداول السّكان مثلاً مجازياً شعبياً (يوجد اثنان وسبعون ونصف عرق في دوزجة)، إشارة لكثرة الأعراق والأمم والثقافات في هذه المدينة الصغيرة، والذين كان آخرَهم المهاجرون العراقيون والسوريون.
ويولي والي المحافظة والبلديات اهتماماً كبيراً بهذا التنوّع العرقي والثقافي، حيث يوجد لكثير من الأعراق والأمم، جمعيات وتجمعات خاصة بها وللطابع الشركسي وجود مميز في المدينة حيث استطاعوا المحافظة على تراثهم وعاداتهم.
جامعة دوزجة
بالنظر إلى أن دوزجة هي آخر ولايات تركيا وتأسست نهاية عام 1999، إلا أن الخدمات فيها جيدة بشكل عام، خاصة جامعتها التي تسعى دائماً لتطوير نفسها، وبالغالبية العظمي وبحسب ما رصده موقع تلفزيون سوريا، لا يعاني الطلاب السوريون والأجانب بشكل عام، من معاملة سيئة من قبل المدرسين فيها، كما يشتكي آخرون في جامعات أخرى.
ويعزو الطلاب هذه الميزة إلى التنوع العرقي للمدينة، والتي تضم عشرات الآلاف من المهاجرين عبر السنوات الماضية، ما شكّل حاجزاً أمام العنصرية فيها. وكذلك يوجد جمعية خاصة للطلاب الأجانب وتتواصل في نشاطاتها مع جميع المسؤولين وصولاً للوالي.
تتميز الجامعة بتنوع ثقافي كبير من الطلاب الأجانب كون الجامعة كل سنة تبرم عقوداً مع عدة دول منها الأفريقية كروندا والصومال والسودان، وأوربية كبولندا وإسبانيا، وآسيوية كالبوسنة. والنسبة الكبرى من الطلاب الأجانب هي من الطلاب السوريين الذين تجاوز عددهم الـ 300 طالب، ويوجد فريق طلابي يساعدهم بالأمور الخدمية.
وتعتبر جامعة دوزجة من الجامعات النادرة التي تدرس اللغات الشركسية والأباظية والجورجية، وتقع الجامعة في منطقة مرتفعة تبعد عن مركز المدينة مسافة 9 كم وهي جامعة حكومية تأسست في عام 2006، ولديها عضوية في مؤسسة جامعات القوقاز ورابطة الجامعات الأوربية ولدى الجامعة عضوية بنظام التبادل الطلابي Erasmus وتربطها شراكات مع عدة دول أوربية وأسيوية وأفريقية.
تضم الجامعة 14 كلية مختلفة، منها كلية الهندسة والتي تضم 8 أفرع وكلية إدارة الأعمال تضم 5 أفرع وكلية التكنولوجيا تضم 6 أفرع وكلية التعليم تضم 8 أفرع وكلية الزراعة تضم 4 أفرع وكلية الطب. ويوجد 24 مركزاً بحثياً وتطبيقياً و4 كليات لطلاب الماجستير. وقد كُرمت الجامعة بعدة جوائز وآخرها جائزة TEKNOFEST التي حصل عليها فريق الهندسة البيئية.
الأماكن السياحية
يقع مركز المدينة على أرض سهلة يحيط بها جبال خضراء مرتفعة، وتتميز بجو عليلٍ طيلة فصول السّنة، وفي فصل الصيف يُقبل السّياح إلى دوزجة للتمتع بطقسها الألطف من المدن الأخرى، ويوجد عدة أماكن يرتادها السياح سنويا كالشلالات وأجمل الشلالات الموجودة : "كوزال دره "و "سامندرا" و "أيدنبنار" والبحيرات: كبحيرة "افتني جنة الطيور" و وبحيرة "كوروغول" و بحيرة "سد حسنلار".
ويوجد العديد من المغارات وأماكن للتخييم، وكذلك أنهار لممارسة رياضة التجديف.
كونورالب
يعود تاريخها إلى عام 1390 وتَعرضت المنطقة لغزو العديد من القبائل والدول، ومن الممكن رؤية آثار الحضارات الفرنجية والليدية والفارسية والرومانية والبيزنطية والسلجوقية والعثمانية في المنطقة.
المسرح القديم : يعد المسرح أحد أهمّ الآثار الموجودة، ويعود تاريخه إلى القرن الثالث قبل الميلاد، ويظهر الثّراء الفنّي لفترة مملكة بروسياس التي هيمنت على المنطقة حتى القرن الأول. وقد تعرض للتدمير أكثر من مرة، ومن الأبواب الثلاثة الكبيرة المقوسة أمام المسرح بقي واحد سليماً حتى اليوم، وجزء صغير من الكتابة اليونانية المكتوبة بأحرف كبيرة مازالت محفوظة إلى يومنا هذا، و البلدية تقوم بعدّة أنشطة وحفلات سنوياً لإحياء هذا التراث.
ويوجد تمثال نصفيّ لإمبراطور روماني، وتابوت حجري، وشواهد قبور، وأرضيّات لبعض الكنائس القديمة وكلّها معروضة في متحف المدينة.
ساحل أكجة كوجا
يبعد السّاحل عن المدينة 20 كم، ويرتاد المدينة أعداد كبيرة من السّياح سنوياً، فالبحر المتلألئ والرّمال الذّهبية يضفيان للمدينة رونقاً خاصاً.
ويوجد أماكن للسباحة على السّاحل وأماكن خاصة بالعوائل، كلها مزودة بمرافق خدمية كالمطاعم لتناول الأسماك المتنوعة، والفنادق وأماكن للاستجمام والترفيه.
يوجد قلعة تاريخية تدعى جنفيز وقد استخدمها البيزنطيون والعثمانيون. ويوجد شاطئ ميليناغزي لصيد الأسماك وتناول القهوة الرّيفية والذي يقع على بعد 13 كم غرب أكجه كوجا و شاطئ كارابورون الذي يبعد 10 كم .