تعيش مدينة إدلب هذا العام رمضاناً مختلفاً عن سابقيه؛ بعد أن أصبحت المدينة أكثر تنوعاً بالسكان بعدما نزح إليها المهجرون من جنوب العاصمة دمشق وريفها، وريفي حمص وحماة، بالإضافة لمهجري حلب منذ العام الماضي وما قبله.
من يسير في شوارع المدينة يلاحظ التنوع الثقافي في المأكولات والمشروبات الرمضانية؛ هذا ما أفاد به الإعلامي "مجد حمو" ابن مدينة إدلب، في حديثه الخاص مع موقع "تلفزيون سوريا".
وقال حمو "ترى مهجراً حمصياً يعمل ببيع السوس والتمر الهندي في سوق المدينة منادياً عليه بلهجته الحمصية المعروفة، ثم ترى بائع النابلسية الشامي يقف بجوار مطعماً حلبياً وهكذا".
لكن مع هذا التنوع غير المسبوق، وبالإضافة أيضاً لتوفر جميع المنتجات في الأسواق الرئيسية؛ يمكنك ملاحظة قلة حركة البيع والشراء عن السنة الماضية على الأقل؛ بسبب ارتفاع أسعار السلع وانتشار البطالة في المدينة بين السكان مما رفع معدل الفقر واضطر الأهالي لعدم الإقبال على الشراء سوى المستلزمات الضرورية للحياة فقط.
وأرجع "حمو" سبب ارتفاع السلع هذا العام إلى ارتفاع عدد السكان بسبب زيادة الوافدين إلى المدينة من المهجرين، وسبب ازدياد عدد مراكز الإيواء التي أنشأت لتستطيع إيواء أكبر عدد ممكن من الأهالي، والتي ضغطت بدورها على الهيئات والمنظمات الإغاثية؛ حيث تقلص دورها بشكل ملحوظ هذا العام في توزيع وجبات الإفطار والسلل الإغاثية والرمضانية بالمقارنة مع العام الفائت.
وهذا ما وافقه عليه الإعلامي "خلف جمعة"، وهو من مهجري حلب وأحد سكان المدينة الحاليين؛ في حديثه الخاص مع موقع "تلفزيون سوريا"؛ حيث يرى بأن أكثر من نصف عدد سكان المدينة اليوم أصبح من المهجرين، لكنه في الوقت ذاته ولّد نسيجاً اجتماعياً رائعاً بينهم بالرغم من ظروف الحياة الصعبة التي يعيشونها في صورة لتكافل اجتماعي ذاتي.
وقال جمعة " الكثير من أهالي إدلب امتنعوا عن أخد الآجار هذا الشهر من المهجرين، أو على الأقل أخذوا منهم نصف القيمة كمساعدة منهم لهم، كما كان هناك أيضاً مبادرات فردية عبارة عن فرق إغاثية لتجميع الأموال لعمل وجبات إفطار بسيطة توزع في الطرقات على المارة ساعة الإفطار، أو وجبات كاملة للعائلات وسكان مراكز الإيواء".
هذه الألفة بين السكان يلاحظها الوافدين إلى المدينة هذا العام أكثر من غيرهم؛ ربما لأن الاهتمام منصب عليهم، وربما أيضاً لأن أهل إدلب لم يوفروا جهداً للمساعدة وتقديم يد العون مهما كانت متواضعة للمهجرين إليهم من كل مكان.
"محمد أبو كاسم"، الإعلامي السابق في جنوب دمشق، والذي وصل إلى مدينة إدلب قبل شهر رمضان المبارك بيومين يصف رمضانه الأول خارج الحصار في حديث خاص مع موقع "تلفزيون سوريا"، ويقول " بالرغم من حالة عدم الاستقرار والتخوف من تكرار تجارب رمضان في جنوب دمشق، إلا أنني تفاجئت من الألفة والمحبة التي شاهدتها هنا منذ اليوم الأول لوصولي".
ويضيف، "إن أكثر شيئ لمسته في إدلب هو موضوع "السكبة" وتبادل الأطباق، وبالأخص للأهالي المهجرين كحالتي، والتي انعدمت لدينا بسبب الحصار في السنوات الأخيرة".
كما تحدث عن تنوع الأطباق واختلاف المطابخ في المدينة والذي أضفى للشهر الكريم أجواءاً مغايرة عن بلدات ومدن الجنوب الدمشقيّ، وحتى الأسعار التي اشتكى منها من حضر رمضاناتٍ سابقة في إدلب، اعتبرها هو من مميزاتها؛ فالمواد والسلع في السوق الإدلبي أرخص بكثير كونه سوقاً مفتوحاً مقارنة بأسواق جنوب دمشق التي كانت تعاني ارتفاعاً باهظاً في الأسعار بسبب الحصار وإدخال المواد المحدودة عبر معبرٍ وحيد تشرف عليه قوات النظام وحدها وتتحكم بأسعار المدخلات من خلاله.
وبرغم الحالة الأمنية غير المستقرة في مدينة إدلب سواء من التكثيف الأمني المشدد للحد من عمليات الاغتيال والتفجيرات من جهة، وفرض حظر التجوال الذي يستمر منذ منتصف الليل لمدة أربع ساعات من جهة أخرى، إلا أن كل ذلك لم يمنع سكان المدينة من الخروج لتأدية الفرائض وصلاة التراويح، والتواجد في الأسواق وإن كان بشكل قليل، لكن لا يمكن للسائر في شوارع المدينة أن ينكر الحركة فيها مقارنة بالأسابيع الأخيرة.