تشهد مناطق سيطرة النظام في سوريا نقصاً شديداً في أعداد الأطباء الشرعيين، نظراً لندرة الراغبين بدراسة الاختصاص، ما ينذر بمعضلة حقيقية تتربّص بعمل الجهاز القضائي وتُسبّب خللاً كبيراً في التحقيقات الخاصة بحالات الانتحار وجرائم القتل التي ترتفع وتيرتها باستمرار.
وأوضح رئيس الطبابة الشرعية في سوريا زاهر حجو، أن الهيئة تعاني من نقص كبير في كوادر الطب الشرعي، مشيراً إلى أن افتقار تلك الكوادر إلى الميزات والتعويضات "الحكومية" المتوافرة لدى بقية الاختصاصات الطبية الأخرى، يعد سبباً أساسياً في عدم الرغبة بممارسة الاختصاص.
وكشف حجو في حديث لـ "إذاعة أرابيسك" المحلية، عن تقدّم شخصين فقط لدراسة الاختصاص "خلال السنوات الخمس الأخيرة". وقال: "نحن أمام معضلة وكارثة إذ لا نتمكن من تعويض الطبيب الذي تدركه الوفاة أو يتقاعد، علماً أن متوسط أعمار الأطباء الشرعيين لدينا هو 57 سنة".
وأضاف: "هناك أفكار مضللة وسوداء حول الطب الشرعي منها أن اختصاص الطب الشرعي هو اختصاص الموتى، لكن في الحقيقة هو اختصاص الحياة، لأنه مرتبط بالعدالة، والعدالة تعني الحياة"، بحسب تعبيره.
ولفت إلى أن "الطبيب الشرعي يتعرض أيضاً لضغوطات نفسية وجسدية بمقابل ضغط مادي. إذ تم توقيف المكافأة الخاصة بالأطباء الشرعيين منذ شهر آذار الفائت، بعد أن كانت تلك المكافأة تمثل الشيء الوحيد الذي نعوضهم من خلاله".
وختم حجو حديثه بالقول إن "أحد الحلول لمعالجة مشكلة النقص في الأطباء الشرعيين، هو رفع رواتبهم بالدرجة الأولى".
اختفاء الطب الشرعي خلال 15 عاماً!
وفي نيسان 2022، صرّح حجو بأن الطب الشرعي في سوريا مهدد بالزوال خلال الأعوام الـ 15 القادمة، مضيفاً أن عدد الأطباء الشرعيين العاملين في سوريا (في ذلك الوقت) هو 52 طبيباً، وضعفهم من الأطباء المكلفين في المحافظات، "وهو رقم قليل جداً بسبب المردود المادي المنخفض".
وأشار إلى أن معظم الأطباء العاملين أصبحوا في العقد الخامس من العمر "وبالتالي هناك حاجة لأطباء لأنه من الممكن أن يختفي الطب الشرعي من سوريا بعد 15 عاماً".
وذكر "حجو" أن بعضاً مما سمّاها "التجاوزات" في الطب الشرعي تحصل في سوريا، ولا يمكن إنكار الأمر، مشيراً إلى أنها "محدودة ولا يمكن أن تحصل في الأمور الحساسة وخاصة في حالات الوفاة والاعتداء الجنسي".