رحلات سياحية أوروبية إلى سوريا تمنع دخول الصحفيين والناشطين

أعادت وكالات سفر أوروبية تنظيم رحلات سياحية إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، في خطوة وصفها البعض بأنها تطبيع للعلاقات الدولية مع نظام "قاتل" بحسب موقع دوتشه فيله الألماني.

ويقول المرشدون السياحيون إنهم يشجعون التواصل بين الثقافات. في حين يرى منتقدوهم أنهم يساعدون في تطبيع العلاقات الدولية مع "نظام قاتل".

وجهات غريبة وجذابة

الأسواق تعج بالحرف اليدوية الساحرة، ودور العبادة مذهلة من الناحية المعمارية والقلاع القديمة والمناظر الطبيعية الخلابة. المشكلة الوحيدة هي أنها جميعا في سوريا ، البلد الذي لا يزال يعاني من أكثر من عقد من الحرب. لكنه وفقا لبعض وكالات السفر الأوروبية، هذا لا يهم.

شركة سوفيت تورز التي تتخذ من برلين مقراً لها، وهي شركة اشتهرت بالسفر في الكتلة السوفييتية السابقة تقدم رحلات إلى سوريا في عام 2022.

وقالت شركة Rocky Road Travel في برلين على موقعها على الإنترنت: "بعد سنوات من الخراب في الحرب الأهلية، بدأت سوريا ببطء في العودة إلى مستوى طبيعي لم نشهده منذ سنوات".

وقال مؤسس الشركة، شين حوران، لـ DW: إنه من بين الجولات التي ستنظمها "روكي رود" في سوريا للعام المقبل تم حجز واحدة بالفعل وأضافت المزيد من المقاعد "بسبب الطلب"، وتابع "الناس فضوليون بالتأكيد وهم مستعدون بشكل واضح لرؤية البلد بأنفسهم ... بغض النظر عن العناوين الرئيسية والخطابات".

إرسال الأوروبيين إلى سوريا

وكالات برلين هذه ليست وحدها، خلال الشهر الماضي أضافت شركة Lupine Travel ومقرها المملكة المتحدة جولات إلى سوريا في عام 2022. كما تقوم شركة بريطانية أخرى تدعى Untamed Borders، بالإعلان عن مغامرات في سوريا.

"كليو" وهي شركة مقرها باريس ومتخصصة في الجولات الثقافية، كانت على الأرجح واحدة من أولى الشركات الأوروبية التي بدأت في الترويج للرحلات السورية في عام 2019. وهي أيضا تقدم جولات مرة أخرى لعام 2022.

كانت التأشيرات السياحية لسوريا متاحة للسفر الجماعي منذ عام 2018، وقد أعلن عدد من منظمي الرحلات السياحية الصينية والروسية سابقا عن رحلات هناك. الآن تقوم شركة Young Pioneer Tours الصينية، المعروفة بأخذ زوار إلى كوريا الشمالية بحجز رحلات إلى سوريا في أوائل عام 2022.

Finally our Syria tours will resume in March 2022! The country has been all but closed off for the past decade following a decade of civil war and pandemic. We're looking forward to getting back there finally..additional dates just added for 2022: https://t.co/4letLXJmW5 pic.twitter.com/N2rmqfTOYj

— Lupine Travel (@LupineTravel) September 29, 2021

جزء من سبب موجة الحماسة الحالية هو أنه بعد انقطاع مرتبط بالوباء لمدة 18 شهرا تقريبا، بدأت حكومة النظام في إصدار تأشيرات سياحية مرة أخرى في أوائل تشرين الأول.

رحلات سياحية إلى مناطق سيطرة النظام فقط

يحدث كل هذا على الرغم من تنبيهات وزارة الخارجية الألمانية من السفر إلى سوريا. وقالت وزارة الخارجية في بيان لـ DW: "هناك تحذير من السفر إلى سوريا بالإضافة إلى مطلب خروج الألمان من البلاد".

"السفارة الألمانية في دمشق مغلقة لذلك من المستحيل تقديم المساعدة القنصلية للمواطنين الألمان في البلاد. وعلى هذه الخلفية لا يمكننا فهم سبب عرض السفر (الترفيهي) إلى سوريا".

تكلف الرحلات الجماعية المعلن عنها إلى سوريا نحو 2000 يورو (2300 دولار) لرحلة مدتها تسعة أيام.

تبدأ جميع الرحلات من بيروت العاصمة اللبنانية، لأنه من الممكن السفر إلى هناك من أوروبا. بعد ذلك تتقدم المجموعات السياحية عبر الحدود إلى المناطق التي تسيطر عليها قوات النظام متوجهة إلى دمشق وحلب وحمص والساحل السوري، قبل العودة إلى بيروت. وأكدت جميع الوكالات أنها لا تقترب من المناطق التي قد يستمر القتال فيها.

من الأفضل وصف معظم الشركات التي تقدم السياحة السورية بأنها شركات "مغامرات" مفصّلة بحسب الطلب. غالبا ما تتضمن قائمة وجهاتهم أيضا أماكن مثل كوريا الشمالية والصومال واليمن وباكستان وأفغانستان.

السياحة الأخلاقية

جميع الوكالات السياحية تقريبا تتحدث على مواقعها الإلكترونية عن موضوعات مثل الأمان والتأمين الخاص، بالإضافة إلى الاعتبارات الأخلاقية التي يفكر فيها العملاء المحتملون قبل الحجز. يصر الجميع تقريبا على أن ما يفعلونه "ليس سياسياً".

وأوضح روكي رود حوران ، الذي بدأ عمله في جلب السياح إلى كوريا الشمالية: "بشكل عام  نرى السفر كشكل من أشكال التبادل الثقافي". "مثل بعض وجهاتنا الأخرى التي غالبًا ما يتم التشهير بها مثل كوريا الشمالية، نعتقد أن أي نوع من المشاركة حتى الزيارات السياحية القصيرة، تقطع شوطا طويلاً نحو تعزيز التفاهم الثقافي".

وتقدم شركة سوفيت تورز منطقا مشابها على موقعها على الإنترنت: "نحن نؤمن بشدة بأن العلاقات الإنسانية الواقعية هي أكثر أهمية من المحادثات الصاخبة حول السياسة والأخلاق".

ليس من المستغرب أن تختلف مجموعات مثل المركز السوري للعدالة والمساءلة (SJAC) ومقره واشنطن. في تحديث صدر في تموز 2021، جادلوا بأن نظام الأسد يستخدم السياحة لتعزيز دخله وتحسين صورته.

تعزيز دخل النظام وصورته

أولاً ، تريد حكومة الأسد إدخال العملة الأجنبية إلى البلاد. إنهم بحاجة إلى هذا للتجارة مع بقية العالم ، لكنه الآن محجوب في الغالب بسبب العقوبات الدولية.

وكتب المركز السوري للعدالة والمساءلة: "بما أنه من المستحيل على السياح استبدال أموالهم بالليرة السورية خارج البلاد يمكن للحكومة الاعتماد على المسافرين لنقل الأموال إلى البلاد". لذا فإن الخطر يكمن في أن السياحة "تمول بشكل فعال حملات الأسد العسكرية ، بما في ذلك ضد المدنيين".

وأضاف المركز السوري للعدالة والمساءلة أن النظام يستخدم أيضا السياحة لمحاولة إعادة تأهيل صورته الدولية.

أصدر المدعون الفيدراليون الألمان مذكرات توقيف بحق أعضاء رفيعي المستوى في النظام ارتكبوا جرائم حرب. وتدين منظمات حقوقية دولية بانتظام قوات الأسد لقصفها المستشفيات والمدارس فضلاً عن تعذيب مئات السجناء وتجويع حصار بلدات بكاملها وتحويل مسار المساعدات الإنسانية.

لكن السياح لن يروا أيا من ذلك. كما أوضحت نهلة عثمان المحامية التي ترأس مجلس إدارة الجمعية الألمانية للمساعدة السورية، وهي مجموعة تمثل أكثر من 20 منظمة مساعدات سورية مختلفة في أوروبا.

الممنوعون من السفر

تمنع الوكالات سفر الصحفيين والعاملين في مجال حقوق الإنسان (أو السوريين)، وتؤكد شركة سوفيت تورز في برلين هذا على موقعها على الإنترنت: "لا يُسمح للصحفيين حاليا بالانضمام إلى جولاتنا في البلاد. هذا توجيه حكومي صارم يتعين علينا الالتزام به".

وإذا سافرت إلى سوريا بشكل مستقل، فإنك تخاطر بالاعتقال من قبل قوات الأمن السوري. للوصول إلى هناك تحتاج إلى تقديم طلب للحصول على تصريح أمني ودعوتك من قبل وكيل السفر. يساعد مشغلو السفر الأوروبيون في تسهيل هذه العملية، والتي قد تستغرق أسابيع.

وقالت ميريام بوتز الخبيرة في مؤسسة هامبورغ لأخلاقيات العمل، التي شاركت في تأليف كتاب نوفمبر دراسة 2020 حول السياحة الأخلاقية. "لكن من المهم التعامل مع هذا النوع من السفر بعيون مفتوحة. وأنا سأقيم الوضع الأمني في سوريا على أنه حالة استثنائية". 

وقال عثمان إنه على الرغم من حسن النية لدى بعض المسافرين، فمن غير المرجح أن يساعد السياح الأوروبيون الذين يلتقطون صور سيلفي سوريا كثيرا. "الطريقة الوحيدة لتحقيق الاستقرار الحقيقي في سوريا هي من خلال عملية سياسية تتطلع إلى المستقبل".