قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش'' إن السلطات التركية رحلت بشكل تعسفي مئات الرجال والفتيان السوريين اللاجئين إلى سوريا في عام 2022.
وأوضحت المنظمة في تقرير لها، اليوم الإثنين، إن "عمليات الترحيل تمثل نقيضاً صارخاً لسجل تركيا السخي كدولة استضافت عدداً من اللاجئين أكثر من أي دولة أخرى في العالم وقرابة أربعة أضعاف ما استضافه الاتحاد الأوروبي بكامله، والذي قدم مقابله الاتحاد الأوروبي مليارات الدولارات لتمويل الدعم الإنساني وإدارة الهجرة".
وأشارت المنظمة إلى أنها أجرت عشرات المقابلات الهاتفية واللقاءات الشخصية مع أشخاص بينهم مراهقون يحملون وثائق الحماية المؤقتة في تركيا تعرضوا للترحيل إلى شمال سوريا بعد احتجازهم.
إنهاء عمليات الترحيل
ودعت المنظمة السلطات التركية إلى "إنهاء عمليات الاعتقال والاحتجاز والترحيل التعسفية للاجئين السوريين إلى شمال سوريا، وضمان عدم استخدام القوى الأمنية ومسؤولي الهجرة العنف ضد السوريين أو غيرهم من المواطنين الأجانب المحتجزين ومحاسبة أي مسؤول يستخدم العنف".
وشددت على "ضرورة التحقيق بشكل مستقل في الإجراءات الرامية إلى فرض أو خداع أو تزوير توقيع أو بصمات المهاجرين على استمارات العودة الطوعية".
كما حثت "هيومن رايتس" تركيا على "السماح لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالوصول بحرية إلى مراكز الترحيل، ومراقبة عملية الحصول على إذن من السوريين بإعادتهم إلى سوريا للتأكد من أنها طوعية، ومراقبة المقابلات وإجراءات الترحيل لضمان عدم استخدام مسؤولي الشرطة أو الهجرة للعنف ضد السوريين أو غيرهم من المواطنين الأجانب".
وفي السياق، قالت نادية هاردمان، باحثة في حقوق اللاجئين والمهاجرين في "هيومن رايتس ووتش": "في انتهاك للقانون الدولي، اعتقلت السلطات التركية مئات اللاجئين السوريين، حتى الأطفال غير المصحوبين بذويهم، وأجبرتهم على العودة إلى شمال سوريا. رغم أن تركيا قدمت حماية مؤقتة لـ 3.6 ملايين لاجئ سوري، يبدو الآن أن تركيا تحاول جعل شمال سوريا منطقة للتخلص من اللاجئين".
وأردفت بأن "على الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه الاعتراف بأن تركيا لا تفي بمعاييره المتعلقة بدولة ثالثة آمنة، وأن يعلق تمويله لاحتجاز المهاجرين ومراقبة الحدود إلى أن تتوقف عمليات الترحيل القسري".
أعداد المرحلين إلى سوريا
واعتبرت أن "تصنيف تركيا كدولة ثالثة آمنة لا يتماشى مع حجم عمليات ترحيل اللاجئين السوريين إلى شمال سوريا. على الدول الأعضاء ألا تتخذ هذا التصنيف وعليها التركيز على إعادة نقل طالبي اللجوء عبر زيادة أعداد إعادة التوطين".
وفي 21 تشرين الأول الجاري، ردّ صواش أونلو، رئيس إدارة الهجرة في وزارة الداخلية التركية، برسالة على رسالة "هيومن رايتس ووتش" بتاريخ 3 تشرين الأول بشأن نتائج هذا التقرير. الدكتور أونلو الذي شدّد على أن تركيا تستضيف أكبر عدد من اللاجئين في العالم، رفض النتائج التي توصّلت إليها المنظمة في مجملها ووصف المزاعم بأنها لا أساس لها.
وفي معرض توضيحه للخدمات التي ينص عليها القانون بالنسبة إلى الأشخاص الذين يلتمسون الحماية في تركيا، قال إن بلاده "تقوم بإدارة الهجرة بما يتماشى مع القانون المحلي والدولي".
وفي حزيران 2022، قالت "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" إن 15,149 لاجئاً سورياً عادوا طواعية إلى سوريا حتى الآن هذا العام. حيث تنشر السلطات المحلية التي تسيطر على معبري باب الهوى وباب السلام الأعداد الشهرية للأشخاص الذين يعبرون من خلال نقاط التفتيش التابعة لها من تركيا إلى سوريا.
وتشير الأرقام إلى أنه بين شباط وآب 2022، أُعيد 11,645 شخصاً عبر باب الهوى و8,404 أشخاص عبر باب السلام.
وعلى مدى العامين الماضيين، كان هناك ارتفاع في الهجمات العنصرية والمعادية للأجانب، وخاصة ضدّ السوريين. في 11 آب 2021، هاجمت مجموعات من السكان الأتراك مواقع عمل ومنازل لسوريين في أحد أحياء أنقرة، بعد يوم من قتل شاب سوري لآخر تركي طعناً في أثناء عراك، بحسب المنظمة.
وفي الفترة السابقة لانتخابات ربيع 2023، يُلقي سياسيون معارضون خطابات تغذي المشاعر المعادية للاجئين وتقترح إعادة السوريين إلى سوريا التي مزقتها الحرب. في حين ردّت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتعهدات بإعادة توطين السوريين في مناطق شمال سوريا تحت سيطرة فصائل المعارضة السورية.