البث المباشر
"ديوان المهاجر: أفـواهٌ يملؤها الملح" قصائد شعرٍ تصدر قريباً عن دار "سامح" في السويد، يروي من خلالها الشاعر "بوشعيب كادر" تجربة المنافي والتهجير كما يراها.
لا تختصّ قصائد الديوان بتجربة شعب معيّن أو قومية محددة، فحالة التهجير واللجوء المريرة واحدة سواء عند المغاربة –حيث ينحدر الشاعر بوشعيب- أو عند السوريين أو الفلسطينيين أو غيرهم من شعوب الأرض.
معظم قرّاء هذا العصر –عصر الهجرة والمنفى وما ينتج عنه من عزلة- يتماهون معه بحيث يصبحون أناساً لا وجوه لهم ولن تصير لهم وجوه، فيسهل نسيانهم أو موتهم في بلاد لا يعرفهم فيها أحد، وفق تقديم المترجمة والأكاديمية غادة مراد.
قصائد هذا الديوان نجحت في إسقاط الحواجز الخيالية التي نشيدها بيننا وبين مشاعرنا، ومخاوفنـا اللاشعورية التي تقلقنا وتنغص صفو عيشنا. ومـن أبـرز سمات الكتابة الحديثة قدرتها على تجريدنا من هذه الحواجز لتضعنا وجهاً لوجه أمام أحاسيسنا التي تمضي معظم أوقاتنا نتجنبها وتنكر وجودها داخل أعماقنا.
كما وأن القصائد مفعمة بمعاناة عميقة تتسلل بهدوء الى كياننا لأنها معاناة تشعر بها بدون الاعتراف بوجودها، معاناة تعلمنا ان نتعايش معها دون تفاوض لأننا استسلمنا لها منذ زمن بعيد إلى أن أصبحت جزءاً من حياتنا اليومية. هذه المعاناة ليست نتاج حدث محيط معين وإنما هي نتاج تجارب يومية عديدة تنبت من واقع معاش.
من قصائد "ديوان المهاجر"
/العبور الأخير/
جاؤوا من بعيد
تركوا كل شيء وراءهم
آخر الكلمات
آخر الوداع
ودَّعوا الحجر والرمل
وأصدقاءهم القدامى
رفعوا تلك الأيادي والأصابع النحيفة
لوّحوا بها واختفوا في الصحراء
رسموا خرائطهم بحذر
لا شرقاً ولا غرباً
السير شمالاً
حيث الماء، الرعاة والرحل.
وصلوا إلى مدينة الدار البيضاء
تعلّموا القليل من الكلمات
تسوّلوا بها،
أفارقة حملوا أحلامهم
وجلسوا ينتظرون يوم العبور الأخير
في طنجة.
بوشعيب كادر
شاعر أميركي مغربي الأصل، حاصل على دكتوراه دولة من جامعة "لويزيانا بلاغييت" ويعمل حالياً أستاذاً ورئيساً لقسم الدراسات العربية بجامعة تولين بمدينة "نيو أورلينز".
أصـدر ديواني شعر في فرنسا: "رسائل نيو أورلينز"، عن دار نشر لرمتان (2017)، و"أحلام صغيرة"، عن دار نشر نوليو (2021). نشر أشعاره في مجلات أدبية دولية محكمة في كل من أميركا وتايوان، كما ينشر قصائده باستمرار في صحيفة "العربي الجديد".
