تعاني الأسواق في دمشق من ركود "لم تعهده في تاريخها"، وفقاً لأصحاب بعض المحال في أسواق الصالحية والحمراء والشعلان، مؤكدين أن البيع بات شبه معدوم ونادراً، ويقتصر على الميسورين فقط والذين يحصلون على حوالات خارجية من أقارب لهم خارج سوريا.
عمران بائع في أحد محال الصالحية بدمشق، قال لموقع تلفزيون سوريا إن حركة السوق المعتادة التي كانت في مثل هذه الأوقات وهي موسم التنزيلات، لم تصل إلى 30 في المئة أي أن الحركة في موسم التنزيلات انخفضت 70 في المئة تقريباً، وخارج الموسم انخفضت الحركة حتى 80 في المئة.
وأضاف أن ملابس الموسم الصيفي كسدت ولم يستطع تصريفها لا في الموسم ولا في التنزيلات، وتابع "تحملنا خسائرَ ضخمة جداً تهدد استمرار الأسواق بالعمل، لأن الملابس اليوم بالنسبة للسوريين ليست ضمن قوائم متطلباتهم في ظل التضخم الحاصل، حيث يسعى السوريون لتأمين لقمة عيشهم بصعوبة".
وأضاف أن أغلب المحال المستأجرة والمستثمرة تم تسليمها لأصحابها لعدم قدرة المستثمرين والمستأجرين على تسديد الفواتير والإيجارات الشهرية أو القيم الاستثمارية السنوية، وهذا زاد من الكارثة على المعامل نتيجة تناقص قنوات التصريف بالأسواق بشكل تدريجي.
اقرأ أيضا: أسعار الكمامات والقفازات ترتفع أكثر من 300 % في سوريا
كثيرون اشتكوا من أن المحالّ رفعت أسعار بضائعها بشكل جنوني، وأن أسعار موسم التنزيلات غير معقولة ولا تناسب المداخيل الشهرية، مقابل شروط وضعتها بعض المحال بحجة كورونا، وهي منع القياس والتبديل أو الترجيع، ما زاد من عزوف الزبائن.
ويعتبر قطاع الملابس أكثر القطاعات تأثراً نتيجة التضخم الحاصل في البلاد، حيث تم تخفيض حجم إنتاج المعامل وورديات عمله لبضع ساعات في الأسبوع فقط، مع تسريح آلاف العمال.
مشكلة متفاقمة
أكد أحد تجار سوق الحميدية لموقع تلفزيون سوريا مفضلاً عدم ذكر اسمه أن "القطاع النسيجي يحتضر، ولا توجد أي منافذ لتصريف البضائع المكدسة لا محلياً ولا خارجياً، ففي الداخل القدرة الشرائية للمواطن انخفضت وباتت بالكاد تغطي تكاليف معيشته الأساسية فقط مع اختصار الكثير من الضروريات مثل اللحوم وغيرها، بينما قضت أزمة كورونا على حبل النجاة الأخير الذي كانت تعيش عليه المعامل".
وأضاف "قبل كورونا كان هناك بعض المغتربين يأتون في الصيف لقضاء الإجازة، وبعض اللبنانيين والعراقيين والإيرانيين الذين ينعشون السوق نوعاً ما في فترة الصيف والحج، إضافة إلى أن التصدير متوقف إلى الأردن بسبب إغلاق المعبر مراراً وتكراراً، وتعنت الأردنيين ضد استقبال البضائع السورية منذ العام الماضي، إضافة إلى تشديد العقوبات الأميركية التي عرقلت التصدير أكثر".
وتابع "الصناعات السورية النسيجية لم تعد قادرة على منافسة باقي البضائع التركية والمصرية والصينية المنتشرة بكثرة، كون المعامل السورية تحتاج إلى كثيرٍ من الوقت لتعود لمواكبة العصر، إضافة إلى ارتفاع تكاليفها بشكل كبير ما رفع سعرها وجعلها أغلى أو بنفس سعر منافسيها في الجودة".
وبحسب تقارير رسمية صادرة عن النظام، فإن خسارة القطاع النسيجي في سوريا، خفّضت حصته في الاقتصاد السوري من 40 في المئة قبل الحرب إلى 2 في المئة فقط، وساهمت خسارته أيضاً بزيادة معدل البطالة 40 في المئة نتيجة توقف المعامل عن العمل أو تخفيض الإنتاج بعد أن كانت تلك المعامل والورش تؤمن العمل لنحو 60 في المئة من الأيدي العاملة.
يؤكد بعض الصناعيين أن انخفاض قيمة الليرة مقابل ارتفاع سعر صرف الدولار رسمياً، ساهم بشكل جنوني برفع كلف الإنتاج على المواطن السوري، كون المواد الأولية من خيوط وأصبغة ومكنات وقطع صيانة مستوردة بالدولار، إضافة إلى أن رفع الدولار الجمركي ساهم برفع الأسعار أكثر، وبالتالي باتت غير منطقية.
ورفع المصرف المركزي سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي لعمليات تمويل قائمة المستوردات، وسعر تسليم الحوالات الواردة من الخارج بمختلف أنواعها الشخصية والأممية ونشرة الجمارك والطيران، حيث أصبح سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي 1256 ليرة سورية بعد أن كان 700 ليرة، ما انعكس سلباً على كل السلع بالأسواق السورية وتأثر بها المواطن بشكل كارثي.
اقرأ أيضا: في دمشق.. أفران خبز مغلقة وطوابير ذل وسوق سوداء منتعشة