مع خروج القوافل التي تُقل مقاتلي تنظيم الدولة وعوائلهم من مخيم اليرموك جنوبي دمشق إلى البادية السورية وشمال إدلب، بدأت قوات النظام بالانتشار في المخيم ونشر الصور والفيديوهات التي تُظهر دماراً هائلاً لم يسلم منه أي مبنى في المنطقة.
وكانت مئات الغارات الجوية من طيران النظام وروسيا، بالإضافة إلى آلاف قذائف المدفعية وصواريخ الراجمات والصواريخ المختلفة من نوع أرض – أرض كفيلة بأن تدمّر المنطقة الواقعة جنوب دمشق البالغة مساحتها أكثر من 5 كم مربع، وكفيلة بأن تمسح ملامح مخيم اليرموك الذي عاش فيه اللاجئون الفلسطينيون منذ عام 1957، مسحاً كاملاً.
كما تُظهر صوراً ملتقطة من نفس المكان انهيار أبنية كاملة خلال أيام تفصل بين التقاط الصورتين.
ويشير ناشطون إلى رغبة النظام وإيران تحديداً على مسح مخيم اليرموك بالكامل، وذلك لجعل المنطقة القريبة من المزارات الشيعية المهمة لإيران مستعمرة إيرانية بامتياز تقيم عليها إيران مشاريع اعمار جديدة ضمن مشروعها الأهم الذي يُطلق عليه "الحزام الشيعي" حول العاصمة دمشق واستمرارها بتجنيد ميليشيات محلية وأخرى أجنبية لضمان سيطرتها على أهم مراكز سوريا الثقافية والسياسية، وتحسباً لأي اتفاق دولي قد تكون روسيا إحدى اطرافه ولا يُرضي رغبات إيران في سوريا والمنطقة.
وانتشرت صور وفيديوهات صوّرها عناصر من قوات النظام للحافلات التي أقلت مقاتلي التنظيم نحو البادية السورية، والقافلة التي أقلت عائلاتهم والمدنيين إلى إدلب، وذلك بعد غموض لفّ عملية التفاوض منذ يومين، في ظل صمت مطبق من التنظيم والنظام على حد سواء حول انسحاب مقاتلي التنظيم من جنوب دمشق.
ويعزو محللون الأمر إلى جعل عملية النقل تحدث بهدوء دون الاعلان عن تفاصيلها وذلك خوفاً من استهداف طيران التحالف الدولي للقافلة التي تقل مقاتلي التنظيم كما حصل في وقت سابق.
ويريد النظام الذي خسر قرابة الألف عنصر وضابط في المعارك الأخيرة أن ينتهي من ملف مخيم اليرموك ويعلن نصره بالسيطرة الكاملة على محيط العاصمة دمشق للمرة الأولى منذ بداية الحراك المسلح عام 2011.
وأصبح واضحاً سبب مقاومة التنظيم في مخيم اليرموك لمدة تقارب الشهر، وذلك بغية الضغط على النظام والحصول على اتفاق يناسبه، في الوقت الذي أصبحت اوراق التنظيم في سوريا شبه معدومة، وسطيرته الضعيفة على منطقة محدودة من البادية السورية الشاسعة شمال شرق سوريا قرب الحدود السورية العراقية.
وبسيطرة النظام على مخيم اليرموك وحيي التضامن والحجر الأسود جنوب دمشق، تصبح دمشق وريفها بالكامل تحت سيطرة النظام وحلفائه، بعد معارك استمرت في المنطقة بدون توقف منذ منتصف نيسان الماضي، وبعد تهجير الغوطة الشرقية والقلمون الشرقي وبلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، وما سبقها من تهجير للغوطة الغربية ومدينة داريا.