icon
التغطية الحية

خطأ في الحسابات تسبب بتصعيد الصراع بين إسرائيل وإيران

2024.04.19 | 17:06 دمشق

طهران
طهران ـ رويترز
The New York Times- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

كانت إسرائيل على بعد ثوان من تنفيذ الغارة الجوية التي قتلت في الأول من نيسان ضباطاً إيرانيين رفيعين داخل مبنى القنصلية الإيرانية في سوريا عندما أبلغت الولايات المتحدة عما سيحدث، وهذا ما فاجأ أشد دولة حليفة لإسرائيل.

وبسرعة أبلغ المعاونون جيك سوليفان مستشار الأمن القومي لدى الرئيس بايدن، كما أبلغوا جون فينير نائب مستشار الأمن القومي وبريت ماكغورك منسق شؤون الشرق الأوسط لدى الرئيس وآخرين، وكلهم رأوا بأن عواقب وخيمة ستترتب على تلك الغارة، بحسب ما ذكره مسؤول أميركي، أما أمام الناس، فقد أعلن المسؤولون الأميركيون عن دعمهم لإسرائيل، ولكنهم بالسر عبروا عن غضبهم من القيام بعمل عدواني كهذا ضد إيران من دون التشاور مع واشنطن.

أخطأ الإسرائيليون في حساباتهم إلى حد بعيد، إذ اعتقدوا بأن إيران لن ترد، بحسب ما ذكره عدد من المسؤولين الأميركيين الذين شاركوا في مناقشات على أعلى المستويات بعد الهجوم، وشاطرهم الرأي مسؤول إسرائيلي كبير. إذ يوم السبت الماضي، أطلقت إيران وابلاً انتقامياً ضم أكثر من ثلاثمئة مسيرة وصاروخاً على إسرائيل، في رد واسع النطاق خالف كل التوقعات، لكنه لم يخلف سوى أضراراً طفيفة.

أوضحت تلك الأحداث القواعد غير المكتوبة للاشتباك في نزاع بقي يغلي لمدة طويلة بين إسرائيل وإيران، إذ تبين بأن تلك القواعد قد تغيرت جذرياً خلال الأشهر القليلة الماضية، بما يصعب على كلا الطرفين التنبؤ بنوايا الطرف الآخر وردود فعله.

منذ عملية "طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول الماضي، وما تلاه من قصف إسرائيلي لقطاع غزة، ظهر تصعيد تلو التصعيد، كما ظهرت أخطاء في الحسابات تترى، مما زاد المخاوف تجاه تشكل حلقة للانتقام يمكن أن تتحول إلى حرب شاملة.

الجميع خرج "منتصراً"

وحتى بعد أن اتضح بأن إيران سوف تنتقم، اعتقد مسؤولون أميركيون وإسرائيلون في البداية بأن حجم الرد سيكون محدوداً نسبياً، قبل أن يتهافتوا على مراجعة تقييمهم المرة تلو المرة، والآن أصبح التركيز على ما ستفعله إسرائيل بعد ذلك، وكيف سترد إيران عليها.

يعلق على ذلك علي فايز مدير مجموعة الأزمات الدولية لدى إيران، فيقول: "إننا في وضع بوسع الجميع فيه أن يدعي الانتصار، إذ يمكن لإيران أن تزعم بأنها أخذت بالثأر، فيما يمكن لإسرائيل أن تدعي بأنها تغلبت على الهجوم الإيراني، وبوسع الولايات المتحدة أن تقول بإنها نجحت بردع إيران والدفاع عن إسرائيل، ولكن إن خضنا جولة أخرى من عملية العين بالعين، فإن الأمور يمكن أن تخرج عن السيطرة بسهولة، ليس فقط بالنسبة لإيران وإسرائيل، بل بالنسبة لبقية المنطقة والعالم بأسره".

خرجت تلك السردية بعد أسابيع متوترة تخللتها مقابلات مع مسؤولين أميركيين، بالإضافة إلى مسؤولين إسرائيليين وإيرانيين وغيرهم من المسؤولين في الشرق الأوسط، وجميعهم اشترطوا عدم ذكر أسمائهم لأنهم تحدثوا عن مسائل حساسة لا يحق لهم كشفها للعلن.

بدأ التخطيط للغارة الإسرائيلية على سوريا قبل شهرين، حسبما ذكر مسؤولان إسرائيليان، وكان المستهدف محمد رضا زاهدي، وهو قائد ميليشيا فيلق القدس في سوريا ولبنان وهذا الفيلق يتبع للحرس الثوري الإيراني.

وقبل أسبوع من الغارة، وتحديداً في الثاني والعشرين من آذار، وافقت حكومة الحرب الإسرائيلية على العملية بحسب سجلات داخلية لوزارة الدفاع لخصت الاستعدادات لتنفيذ الغارة اطلعت عليها صحيفة نيويورك تايمز، بيد أن الجيش الإسرائيلي لم يعلق على التقييم الداخلي.

حددت تلك السجلات أيضاً حدود الرد الإيراني الذي توقعته الحكومة الإسرائيلية، ومن بين تلك الردود المتوقعة هجمات على نطاق ضيق تشنها قوات وكيلة تابعة لإيران، وهجمة على نطاق ضيق تشنها إيران، أي أن تلك التقييمات لم تتوقع في أي منها الرد الإيراني الذي حدث في الواقع.

منذ اليوم الذي نفذت فيه الغارة، تعهدت إيران بالانتقام سواء علناً أم عبر القنوات الدبلوماسية، كما أرسلت رسائل في السر أعلنت فيها بأنها لا تريد حرباً موسعة مع إسرائيل، كما أنها لا تريد أيضاً أن تدخل في أي حرب ضد الولايات المتحدة، وانتظرت إيران 12 يوماً قبل أن تشن هجومها.

ألفى المسؤولون الأميركيون أنفسهم في وضع غريب ومقلق، إذ لم يصلهم أي خبر عن عملية مهمة من حليفتهم المقربة إسرائيل، حتى عندما أعلنت إيران التي تعتبر دولة عدوة منذ أمد بعيد عن نواياها مسبقاً، أي أن الولايات المتحدة وحلفاءها أمضوا أسبوعين وهم يبذلون جهوداً دبلوماسية مكثفة، ويحاولون منع الهجوم الإيراني المضاد في المقام الأول، كما صاروا اليوم يسعون لكبح شهوة إسرائيل للانتقام والرد بالمثل.

وعندما انتهت الأمور إلى ما أفضت إليه ليلة يوم السبت الماضي، أتى استعراض إيران لقوتها مهماً، بيد أن إسرائيل والولايات المتحدة وغيرهما من الحلفاء اعترضوا تقريباً جميع الصواريخ والمسيرات، كما لم يخلف ما وصل منها إلى هدفه سوى أضرار طفيفة، ولهذا أعلن مسؤولون إيرانيون بأنهم ضبطوا أمور الهجمة حتى لا تخلف سوى أضرارا محدودة.

وهنا أصبح المسؤولون الأميركيون يقولون لقادة إسرائيل إن عليهم اعتبار هذا الدفاع الناجح نصراً، وألمحوا إلى أنه لا حاجة للرد، وإن كان لابد فليكن الرد ضئيلاً. ولكن على الرغم من الدعوات الدولية لخفض التصعيد، يرى مسؤولون إسرائيلون أن الهجوم الإيراني يستدعي رداً آخر، لتأتي إيران وتقول بإنها سترد بقوة أكبر، وهذا ما جعل الأمور أشد تقلباً.

تقول دانا سترول التي شغلت في السابق منصب أهم مسؤول بالنسبة لسياسة الشرق الأوسط لدى البنتاغون، وأصبحت اليوم عضواً في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: "السؤال الآن هو كيف سترد إسرائيل بطريقة تمنع إيران من إعادة كتابة قواعد اللعبة ومن دون الدفع نحو ظهور حلقة جديدة من عنف دولة تجاه دولة أخرى".

يقول مسؤولون إسرائيليون إن قادة إسرائيل كادوا أن يصدروا أوامرهم بشن غارات موسعة على إيران في الليلة التي هاجمتهم فيها إيران.

أسفرت الغارة الجوية الإسرائيلية على دمشق عن مقتل سبعة ضباط إيرانيين، ثلاثة منهم جنرالات وبينهم زاهدي، فقد قتلت إسرائيل في السابق مقاتلين إيرانيين وقادة وعلماء نوويين، من دون أن تتمكن الغارات الإسرائيلية من القضاء على هذا العدد الكبير من القيادات العسكرية الإيرانية دفعة واحدة.

وبحلول شهر آذار، أصبحت العلاقة بين الإدارة الأميركية وإسرائيل في أقصى حدود التوتر والشحن، إذ انتقدت واشنطن هجوم إسرائيل على غزة ووصفته بالمدمر والفتاك بصورة لا داعي لها، وبأنه "مفرط وغير مناسب" كما جاء على لسان الرئيس بايدن.

ثم أتت الغارة الإسرائيلية على دمشق، فلم ينتظر الإسرائيليون حتى الدقيقة الأخيرة ليبلغوا الولايات المتحدة عنها فحسب، بل أيضاً عندما أبلغوها، أتى ذلك عبر إشعار على مستوى متدن نسبياً بحسب ما ذكره مسؤولون أميركيون، كما لم يورد الإسرائيليون أي إشارة لمدى حساسية الهدف.

ثم اعترف الإسرائيليون فيما بعد بأنهم أخطأوا في الحكم على عواقب تلك الغارة، وذلك بحسب ما أعلنه مسؤولون أميركيون وإسرائيليون.

القوات الأميركية في خطر!

اشتكى من ذلك وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، مباشرة لوزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، في مكالمة هاتفية جرت في الثالث من نيسان، بحسب ما ذكره مسؤولون أميركيون، فأكدوا بذلك ما ورد في تقرير سابق نشرته صحيفة واشنطن بوست، إذ ذكر الوزير أوستن بأن الهجوم عرض القوات الأميركية في المنطقة للخطر، وبأن عدم تنبيه أميركا لذلك حرمها من الوقت الكافي لتعزيز دفاعاتها، بيد أن الوزير غالانت لم يعلق مباشرة على الموضوع.

اتضح مدى ضعف الآلاف من الجنود الأميركيين الموجودين في الشرق الأوسط خلال فترة سابقة من حرب إسرائيل على حماس، وذلك عندما أطلقت ميليشيات مدعومة إيرانياً نيرانها عدة مرات على تلك القوات، فقتلت ثلاثة جنود أميركيين وجرحت أكثر من مئة منهم، بيد أن تلك الهجمات انقطعت في بداية شهر شباط بعد رد انتقامي من الولايات المتحدة وتحذيرات مخيفة وجهتها لإيران.

وليلة الغارة على القنصلية الإيرانية في دمشق، استدعت وزارة الخارجية الإيرانية السفيرة السويسرية في طهران لتنقل غضب إيران إلى واشنطن، إلى جانب رسالة تفيد بأن إيران ترى بأن الولايات المتحدة مسؤولة عن الهجوم بما أنها أهم داعم لإسرائيل.

وعبر الاستعانة بعُمان وتركيا وسويسرا كوسطاء، بما أن العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين إيران والولايات المتحدة مقطوعة، أوضحت الولايات المتحدة لإيران بأنها لم تتورط في الهجوم وبأنها لا تريد الحرب.

ومضت الحكومة الإيرانية في حملة دبلوماسية علنية وموسعة غير معهودة، فنشرت إشاعة مفادها بأنها تعتبر الهجوم بمثابة اعتداء على سيادتها وهذا الاعتداء يستلزم رداً انتقامياً.

إيران لا تريد الحرب

كما نشرت الحكومة بأنها تبادلت رسائل مع الولايات المتحدة وبأن وزير خارجيتها، حسين أمير عبد اللهيان، قد تحدث إلى ممثلي دول في المنطقة، ومسؤولين أوروبيين رفيعين وقادة لدى هيئة الأمم المتحدة.

وفي السابع من نيسان الجاري، التقى عبد اللهيان في مسقط بنظيره العُماني، بدر البوسعيدي، إذ تعتبر عُمان من أهم الوسطاء بين طهران والغرب، فكانت رسالة إيران خلال ذلك الاجتماع بحسب ما لخصها أحد الدبلوماسيين تفيد بأنه يتعين على إيران أن ترد، لكنها ستحتوي هجومها، لأنها لا تسعى لإشعال فتيل حرب إقليمية.

وقبل الاجتماع وبعده، قامت زوبعة من الاتصالات الهاتفية بين الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة، ووزير الخارجية أنطوني بلينكن والرئيس بايدن والوزير أوستن، والمستشار سوليفان ونظرائهم في إسرائيل والصين والهند والعراق والدول الحليفة في حلف شمال الأطلسي، وغيرها بحسب ما ذكره مسؤولون.

لم يخامر إدارة بايدن أي ظن بأن بوسعها ثني إيران عن الهجوم، بحسب ما ذكره مسؤول أميركي، ولكن الإدارة الأميركية كانت تتمنى أن تحد من حجم ذلك الهجوم.

تحدث الوزير بلينكين إلى أرفع أعضاء الحكومة الإسرائيلية وأكد لهم بأن الولايات المتحدة ستساهم في الدفاع عنهم أمام الهجوم الإيراني، وحثهم على عدم الانجرار إلى ضربة مضادة متهورة من دون حساب جميع الاعتبارات.

ورقة توت طال انتظارها

تعاونت أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية عن كثب بمساعدة الأردن ودول أخرى في الشرق الأوسط وذلك لمعرفة نوايا إيران، وأبلغ الوسطاء والحلفاء الولايات المتحدة وإسرائيل بأن إيران تخطط لضرب مقرات عسكرية وليس أهدافا مدنية، بحسب ما ذكره مسؤولون أميركيون وإسرائيليون أكدوا أيضاً بأن رسالة إيران تفيد بأنها ستخفف هجومها حتى لا تدفع إسرائيل للرد بغارة مضادة، ولكن إيران كانت توسع مخططات هجومها في الواقع كما ذكر مسؤولون إسرائيليون، ولهذا كان كل ما تريده هو أن تتمكن بعض أسلحتها على الأقل من اختراق الدفاعات الإسرائيلية.

في البداية، توقع الجيش والمخابرات الإسرائيلية من إيران أن تطلق على إسرائيل صواريخ أرض أرض لا يزيد عددها عن عشرة، وصاروا يصفون هذا الهجوم بأنه ورقة توت متأخرة، ولكن بحلول منتصف الأسبوع الماضي، أدركوا بأن إيران تخطط لشيء أكبر بكثير، فزاد الإسرائيليون على أعداد الصواريخ لتصل إلى ما بين ستين وسبعين صاروخاً، بيد أنهم اكتشفوا في النهاية بأن هذا العدد الذي خمنوه كان أقل بكثير من الواقع.

وفي يوم الأربعاء، أكد الرئيس بايدن على الملأ ما قاله وكرره هو ومعاونوه وهو أنه على الرغم من التوتر تجاه بنيامين نتنياهو، تلتزم أميركا بكل صرامة بالدفاع عن إسرائيل أمام الهجمات.

ومع ذلك ضاعفت إدارة بايدن جهودها الدبلوماسية لمنع وقوع مواجهة، إذ ذكر مسؤولون إيرانيون بأن حكومة بلدهم تلقت اتصالات من آسيا وأوروبا وأفريقيا خلال الأسبوع الماضي تحثها على ضبط النفس، ووصفوا تلك الجهود بالمسعورة.

أما تركيا التي نقلت رسالة إيران فقد أبلغت الولايات المتحدة بأن الهجوم الإيراني سيتناسب مع الغارة على دمشق بحسب ما ذكره مصدر دبلوماسي تركي، فيما أعلن وزير الخارجية الإيراني عبداللهيان عبر محطة تلفزيونية في اليوم الذي أعقب الهجوم الإيراني بأن إيران حذرت دول الجوار من هذا الهجوم قبل 72 ساعة، على الرغم من عدم توضيحها لتفاصيل ذلك التحذير.

فيما أعلن مسؤولون إسرائيليون بأنهم كانوا على اطلاع جيد بالأهداف والأسلحة الإيرانية ويعود الفضل في ذلك للتعاون الدولي، ولهذا أخلت القوات الإسرائيلية العائلات من بعض القواعد الجوية ونقلت الطائرات بعيداً عن الضرر.

نسق الجيش الأميركي جهود الدفاع الجوي مع إسرائيل والقوات البريطانية والفرنسية والأردنية، بما أن الأردن تقع بين إيران وإسرائيل، ولهذا يعتبر موقعها الأخطر بين البقية. إذ بقيت الولايات المتحدة وإسرائيل تتعاونان بالسر طوال سنوات مع دول عربية صديقة على تطوير منظومة دفاع جوي إقليمية ومشاركة حالات الكشف والتنبيهات، وقد اكتسبت تلك الجهود زخماً بعد عدة هجمات نفذتها مسيرات على مرافق نفطية سعودية في عام 2019.

انتشرت أخبار الدفعة الأولى من الهجوم الإيراني يوم السبت، وضمت تلك الدفعة 185 مسيرة بطيئة نسبياً، وذلك قبل ساعات من وصول أي منها إلى إسرائيل، ثم أطلقت إيران ثلاثين صاروخ كروز أو يزيدون، وتلك الدفعة كانت أسرع، ولكن التحدي الأكبر تمثل بالصواريخ الباليستية الإيرانية التي تنطلق بسرعة الصوت، وقد أطلقت إيران 110 صاروخاً منها ليمثل ذلك أول وأهم امتحان لمنظومة الدفاع المضاد للصواريخ الباليستية لدى إسرائيل.

أسقطت الطائرات الحربية الأميركية والبريطانية والفرنسية والإسرائيلية والأردنية ومنظومات الدفاع الجوي معظم المسيرات والصواريخ قبل أن تصل إلى إسرائيل، ولم يدخل منها سوى 75 صاروخاً إلى المجال الجوي الإسرائيلي، وهناك جرى إسقاط معظمها أيضاً بحسب ما ذكره مسؤولون إسرائيليون، وهكذا لم يسفر الهجوم سوى عن ضرر طفيف لحق بإحدى القواعد الجوية وعن إصابة بليغة واحدة.

طوال تلك الغارة، أبقى وزير الخارجية الإيراني والحرس الثوري الخط الساخن مفتوحاً مع الحكومة العُمانية، وذلك لاستقبال الرسائل الأميركية والرد عليها بحسب ما ذكره مسؤولون إيرانيون.

وعند الساعة الثالثة صباحاً، استدعيت السفيرة السويسرية إلى طهران من جديد، لا إلى مقر وزارة الداخلية بل إلى مقر تابع للحرس الثوري بحسب ما ذكره مسؤولان أحدهما إيراني والآخر أميركي، وطُلب من السفيرة أن تنقل رسالة مفادها أنه يتعين على الولايات المتحدة أن تبقى بعيدة عن القتال، وفي حال رد إسرائيل، فإن إيران ستضرب من جديد بشكل أقسى ومن دون أي تحذير.

إيران تحسب خطواتها بدقة

ألقت إيران وابلها على إسرائيل ضمن عمل محسوب ومبرر ولهذا لا ينبغي أن يتسبب هذا العمل بأي تصعيد، وعنه قال اللواء حسين سلامي قائد أركان الحرس الثوري عبر تلفزيون الدولة: "نفذنا عملية محدودة تساوي الأعمال الشريرة للنظام الصهيوني من حيث الدرجة والتناسب، أي كان بوسع هذه العمليات أن تكون أكبر بكثير".

وفي مكالمة هاتفية أبلغ بايدن نتنياهو بأن الدفاع الإسرائيلي الناجح أظهر مدى تفوق إسرائيل على المستوى التقني بحسب ما ذكره جون كيربي الناطق الرسمي باسم مجلس الأمن القومي، وقال: "حث الرئيس رئيس الوزراء على التفكير بمدى النجاح الذي عبر عن نفسه أمام بقية دول المنطقة".

وفي مقابلات أجريت مع مسؤولين إسرائيليين، وصف هؤلاء الهجوم بأوصاف شنيعة، ويعود ذلك لنطاقه الواسع، وأكدوا على أن دولة ذات سيادة هاجمت إسرائيل من أراضيها مباشرة وليس عبر وكلائها المنتشرين خارج أراضيها.

إسرائيل سترد

أمرت حكومة الحرب الإسرائيلية الجيش بوضع مخططات لسلسلة من الغارات الموسعة لتستهدف مقرات في إيران في حال تنفيذ إيران لهجوم موسع ضد إسرائيل، وبعد ورود أنباء عن الهجوم الإيراني يوم السبت الماضي، أعلن قياديون إسرائيليون من خلف الأبواب المغلقة بأنه يجب على إسرائيل أن ترد على الفور، وذلك لأن الانتظار سيسمح للضغط الدولي بأن يتزايد ويدفع إسرائيل لضبط نفسها، كما سيجعل إيران تعتقد بأنها وضعت قواعد أساسية جديدة للنزاع، وهذا أمر غير مقبول أبداً بالنسبة لإسرائيل، ومن بين القيادات الذين قدموا تلك الحجة بيني غانتز وغادي أيزنكوت القائد السابق لأركان الجيش والذي انضم اليوم للكتلة البرلمانية المعارضة لحكومة نتنياهو اليمينية، وهذان الشخصان يعتبران أقل تشدداً من غيرهما، لكنهما انضما إلى حكومة الحرب في الخريف الماضي.

كانت القوات الجوية الإسرائيلية على استعداد لتنفيذ الأوامر، لكن تلك الأوامر لم تصلها أصلاً، إذ عشية يوم السبت، بعد حديث بين نتنياهو وبايدن، وبسبب محدودية الأضرار، أرجأت حكومة الحرب قرارها، وأعقب هذا التأجيل تأجيلات أخرى، بيد أن العالم ما يزال يترقب ليعرف ما الذي ستفعله إسرائيل.

المصدر: The New York Times