عادت الكهرباء إلى كل من مدن مارع وصوران وعفرين بعد انقطاع استمر لخمسة أيام تكبدت خلاله القطاعات التجارية والصناعية والزراعية في ريف حلب الشمالي خسائر فادحة، والتي شهدت احتجاجات متصاعدة نتيجة سياسة الشركة السورية - التركية للطاقة الكهربائية (STE)، في رفع تسعيرة الكهرباء بشكل متواصل، وزيادة ساعات التقنين اليومية، وغياب دور المجالس المحلية، التي تتحمل جزءًا من المسؤولية.
ورغم تضرر آلاف المستهلكين المنزليين من جراء انقطاع التيار الكهربائي ولجوئهم إلى الطاقة الشمسية والمولدات الكهربائية لإنارة منازلهم، بات المستهلكون التجاريون والصناعيون والزراعيون الأكثر تضرراً نتيجة توقف الكهرباء دون سابق إنذار لمدة أيام ما تسبب بخسائر كبيرة في التخزين والإنتاج والري.
ويشتكي معظم العاملين في القطاع الصناعي والتجاري والزراعي من سوء خدمة الكهرباء وعدم استقرار أسعارها، وغيابها الكلي في الأيام الماضية، الذي تسبب في توقف المعامل والمصانع وورشات نجارة الحديد والخشب، وخياطة الملابس، ومراكز تجارة المواد الغذائية ومنتجات اللحوم والأجبان التي تحتاج إلى تبريد في ظل ارتفاع درجات الحرارة، إضافة إلى تأثيره على ري المحاصيل الزراعية.
تضرر القطاع التجاري
تسبب انقطاع التيار الكهربائي في عرقلة أعمال المراكز التجارية ومراكز التخزين التي تعتمد اعتماداً كلياً على الكهرباء التركية الواردة إلى ريف حلب الشمالي، وبدأ العاملون في قطاع التجارة، يشتكون من خساراتهم التي أعقبت انقطاع الكهرباء.
وقال عدي المحمد، صاحب مركز لبيع اللحوم في مدينة مارع بريف حلب الشمالي، خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا: "إنه خسر كميات كبيرة من اللحوم المخزنة في ثلاجة محله التجاري، نتيجة انقطاع الكهرباء لمدة طويلة، دون علم مسبق، ما دفعه إلى شراء ألواح الطاقة الشمسية، رغم أنه ليس بحاجة لها في وقت سابق لكون اعتماده التام على الكهرباء".
وأضاف: "أن سياسة التقنين التي اتبعتها الشركة قبل الانقطاع تسببت بفساد لحوم الدجاج ولحوم الأغنام المخزنة لديه" مشيراً: "إلى أنه اعتمد خلال تلك الفترة على المولدة الكهربائية التي اشتراها مؤخراً بعدما استغنى عنها عندما اشترك في الكهرباء قبل عامين".
كما تضرر أصحاب متاجر المواد الغذائية، في المناطق التي انقطع عنها التيار الكهربائي، ومن بينهم حسين عيسى صاحب متجر لبيع المواد الغذائية في منطقة أخترين بريف حلب الشمالي، قال خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "إن عددا من المواد المحتاجة للتبريد فسدت كالمثلجات والمشروبات، والألبان والأجبان التي يبيعها في متجره، ما دفعه إلى إغلاق المحل لمدة أيام"، وأضاف: "أن انقطاع التيار الكهربائي المتواصل اضطره إلى شراء منظومة طاقة شمسية، وهي ذات كلفة مرتفعة تبلغ نحو 1000 دولار أميركي، وهذا المبلغ يحمله أعباء إضافية على عمله".
تضرر القطاع الصناعي
وتضرر القطاع الصناعي في ريف حلب، نتيجة انقطاع الكهرباء بشكل كامل لمدة تفوق الخمسة أيام على التوالي، ما تسبب بتوقف العديد من المصانع والمعامل الصغيرة والكبيرة وورشات الخياطة والحدادة والنجارة، والبناء، دون وجود استجابة فعلية من قبل الجهات المسؤولة.
وقال محمد حسين النايف، صاحب معمل بلوك (طوب) في مدينة أخترين بريف حلب الشمالي خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "إنه خسر عشرات الزبائن، وما يزيد على 1000 دولار أميركي نتيجة تأخره في تسليم الطلبيات، لكونه استغنى عن المولدة الكهربائية التي كان يعتمد عليها مع اشتراكه بالكهرباء الواصلة إلى مدينة أخترين".
وأضاف: "أن أزمة الكهرباء الحالية دفعته إلى شراء مولدة كهربائية لتشغيل معمل البلوك الخاص به، ووضع تكاليف مالية كبيرة على عاتقه نتيجة انقطاع التيار الكهربائي"، ويحمل النايف خسائره على شركة الكهرباء والمجالس المحلية التي لم تلق بالاً للضرر الحاصل في القطاع الصناعي على حد وصفه.
كما واجه أصحاب المعامل والمصانع في ريف حلب ضرراً، ومن بينهم أحمد محمد الخطيب، صاحب معمل أكياس نايلون في منطقة مارع بريف حلب، فوجئ الرجل بانقطاع التيار الكهربائي، لفترة طويلة، لكونه اضطر إلى دفع رسوم مالية للشركة مقابل إيصال الكهرباء إلى معمله، قبل عامين، لكنه الآن اضطر إلى تشغيل المولدة الكهربائية التي اشتراها مؤخراً.
وقال خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "إن الشركة بدأت في البداية رفع أسعار الكهرباء على القطاع الصناعي، ورغم ذلك تحملنا التكاليف التي انعكست على أسعار الإنتاج، ولاحقاً بدأت تزيد ساعات التقنين اليومية لتصل إلى الانقطاع الكامل ما تسبب بخسائر كبيرة، ونحن بغنى عنها، لذلك يبدو أننا أخطأنا في الاعتماد على الكهرباء التركية".
وأضاف: "إن استغلالنا من ناحية الكهرباء أمر غير محمود لكوننا بتنا نضطر إلى رفع أسعار المنتجات التي باتت ثقيلة على المواطن لذلك أصبحنا نستخدم المولدات الكهربائية وأتوقع أنني لن أعود إلى الكهرباء بأسعارها المرتفعة، في حال عادت مجدداً".
بينما واجه محروس عبد الرحمن من مدينة حلب ـ ويملك شبكة إنترنت في مدينة عفرين تضرراً نتيجة انقطاع الكهرباء، وقال خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "إن انقطاع التيار الكهربائي، اضطرنا إلى تشغيل المولدات الكهربائية، التي تسببت بتعطيل عدد من أجهزة الإنترنت المخصصة لبث الإنترنت، ما زاد في خسائرنا".
وأضاف: "تعرضت لمشاحنات كبيرة من قبل الأهالي الذين بدؤوا يراجعون مركز الإنترنت، نتيجة استيائهم من سوء الخدمة التي تسبب بها انقطاع التيار الكهربائي ناهيك عن تخلي بعض المشتركين عن خدماتنا، ما يعني أن خسائري أصبحت كبيرة بعد تخلي الزبائن عن الإنترنت وتكاليف تأمين الكهرباء البديلة".
تضرر القطاع الزراعي
تضرر القطاع الزراعي مثله مثل القطاعين التجاري والصناعي، ولحق ضرر كبير بالمزارعين الذين يستخدمون الكهرباء في ري محاصيلهم الزراعية في مناطق مارع وأخترين وصوران وعفرين بريف حلب الشمالي، نتيجة مضي أيام على انقطاع التيار الكهربائي.
ويقول محمد عباس، وهو مزارع يملك مشروعاً زراعياً في منطقة عفرين بريف حلب خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "إن انقطاع الكهرباء منعه من ري محصول البطاطا التي تحتاج إلى ري مكثف خلال هذه الأيام، ويخشى المزارع أن يتسبب انقطاع التيار الكهربائي بتراجع إنتاج البطاطا لهذا الموسم".
وأضاف: "أن استمرار انقطاع الكهرباء عن مشروعه الزراعي دفعه إلى استئجار منظومة طاقة شمسية مخصصة للمشاريع الزراعية لري محصول البطاطا والخضار، الذي يحتاج إلى ري بشكل متواصل خلال الصيف لاستمرار الإنتاج".
كما تأثر أصحاب مراكز التبريد الخاصة بالفواكه والخضر، وغيرهم من الذين يعتمدون على الكهرباء في معظم أعمالهم، حيث قال محمد أسامة، الذي يملك براداً لتخزين الخضراوات في مدينة مارع، قال خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": إن انقطاع التيار الكهرباء تسبب في فساد كميات كبيرة من الخضراوات، لا سيما أن درجات الحرارة مرتفعة ونحن خلال فصل الصيف،
وأضاف: "أن الشركة لم تحدد المدة الزمنية لانقطاع الكهرباء، وإنما بقي الأمر مجهولا لذلك لم نأخذ الاحتياطات التامة، ما تسبب في خسائر الخضراوات المخزنة في البراد، ونحمل الجهات الإدارية وشركة الكهرباء المسؤولية التامة عن خسائرنا لكن في الواقع لن يكون هناك أي تجاوب في حال حاولنا المطالبة بتعويضنا".
وفي 3 حزيران – يونيو من الشهر الجاري شهدت مدن عفرين وجنديرس وصوران ومارع وأخترين بريف حلب الشمالي، احتجاجات شعبية ضد ممارسات الشركة التعسفية في رفع سعر الكيلوواط المنزلي إلى 2.45 ليرة تركية للكيلوواط الواحد ضمن الشريحة الأولى بكمية 40 كيلوواط، بينما يصبح سعر الشريحة الثانية 3.5 ليرات تركية لكل كيلوواط خلال الشهر، أما الكيلوواط الصناعي والتجاري فيبلغ 4.5 ليرات تركية، ونتيجة ارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء، تخلى العديد من العاملين في هذه القطاعات عن الكهرباء التركية واستخدم المولدات الكهربائية والطاقة الشمسية عوضاً عنها.