تكشف الكاتبة هيلين بينيديكت، وهي أستاذة جامعية أميركية من أصول بريطانية، وإياد عواد عونان، وهو كاتب ولاجئ سوري، في كتاب ظهر في الوقت المناسب، الظروف المريعة السائدة في مخيمات اليونان المكتظة بالبشر، والتي يعيش فيها مَن فروا من لظى الحروب أو بسبب الاضطهاد والظلم أو بسبب الفقر والعنف، إذ يُحتجز اللاجئون هناك ويحرمون من أبسط حقوقهم التي يكفلها القانون تحت رقابة الغرب وسمعه.
ونتيجة للاتفاق الذي أبرمه الاتحاد الأوروبي مع تركيا، عام 2016، تحوّلت اليونان إلى "مصيدة" للمحتجزين في المخيمات، حيث ينتظر كل منهم دوره بالحصول على صفة لاجئ أو يُعاد إلى تركيا، إلا أن تلك العودة ليست آمنة برأي كثيرين، إذ منذ عام 2020، أصبح آلاف من اللاجئين يعيشون في حيرة في تلك الدولة التي لم تعد ترغب بوجودهم ولم يعد بوسعها تأمين أبسط المتطلبات التي يحتاجون إليها.
التقت الكاتبة هيلين بالكاتب إياد قبل أربع سنوات في جزيرة ساموس، وشرعا بإجراء مقابلات مع اللاجئين، ولذلك تتضمن هذه الرواية خمس قصص مؤلمة، أولها قصة حسان الذي هرب من تنظيم الدولة في سوريا، ولكن الأصفاد وضعت بيديه بمجرد أن وصل إلى اليونان، إذ تم استجوابه واتهامه بتهريب البشر لأنه ساعد في توجيه دفة القيادة على القارب الذي حمله إلى بر الأمان، ثم صدر بحقه حكم مع وقف التنفيذ، إلا أنه لم يعد قادراً على الرحيل عن اليونان، وبقي كذلك طوال ثلاث سنوات.
تدور القصة الثانية حول أسمهان، وهي سورية تبلغ من العمر أربعين عاماً، تعرضت للاعتقال وهي حامل في شهرها السادس، وخلال الوقت الذي أمضته في مخيم موريا سيئ الصيت في جزيرة ليسبوس، أدلت بشهادتها وقالت: "إن الناس يقتلون أنفسهم... وتلك المشاهد تجعلك تكره الحياة بكل معنى الكلمة".
أما إيفانز فقد تبرأت أسرته منه، وتعرض للظلم في نيجيريا بسبب مثليته الجنسية، في حين فرّ كالفن من الكاميرون بعد تعرضه للتعذيب والسجن على يد القوات الموالية للمعارضة في بلاده، وقد وصف هذان الشابان العنصرية وحالة الارتياب التي يعاملان بها بوصفهما لاجئين من أفريقيا.
في حين سافرت مورسال، 23 عاماً برفقة أسرتها من أفغانستان لتستقبل بصورة عدائية مماثلة لما جرى مع غيرها هنا، وتلخص تلك الفتاة مأساتها بالقول: "أجل، إننا مشردون، ولكننا لسنا بعاجزين! إننا مغمورون، لكننا لسنا بضعفاء! ولو كنا غير نظيفين فذلك لأننا ننام في الغابات والشوارع والخيام، إلا أن قلوبنا نظيفة. وإن كانت جريمتنا هي المطالبة بحقوقنا وحريتنا، فإننا مجرمون".
يذكر أن أكثر من 100 مليون شخص يعيشون حالة النزوح في مختلف بقاع العالم، إلا أن هذا الكتاب يحتفي بالطريقة التي يتأقلم بها البشر ويتكيفون مع واقعهم مع بقائهم قادرين على أن يحلموا من دون أن يفارقهم الأمل، ولذلك يدعو هذا الكتاب للتسامح إلى أبعد الحدود.
المصدر: غارديان