رد أحد خبراء الزلازل الأتراك على المخاوف التي يعيشها سكان إسطنبول الواقعة قرب صدع شمال الأناضول، عقب الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبي تركيا وشمال غربي سوريا، قائلا "إن مخاطر حدوث زلزال ضخم في إسطنبول لم ترتفع".
وأوضح البروفسور دوغان كالافات مدير مركز رصد وتقييم الزلازل التابع لمرصد كانديلي في إسطنبول، أن "المخاطر لم ترتفع في المدينة الأكبر سكاناً لأننا نتحدث عن أنظمة مختلفة تماماً" إذ وقع الزلزال الأخير بقوة 7,8 درجات على صدع آخر هو صدع شرق الأناضول، وفق وكالة "أ ف ب".
إسطنبول والزلزال
لكن هل المدينة الكبرى الممتدة على قارتين والتي شهدت مباني سكنية وناطحات سحاب ترتفع في سمائها في السنوات الأخيرة، جاهزة لزلزال عنيف؟
يجيب كالافات "بودي أن أقول ذلك، لكنها ويا للأسف مدينة كبيرة جداً فيها كثير من المباني المشيدة بشكل سيئ" مندداً باستخدام إسمنت رديء النوعية وبناء أحياء كاملة على "تربة لينة".
وشدد خبير الزلازل على أنه بانتظار احتمال وقوع زلزال بالغ الشدة "علينا أن نحسن استخدام الوقت، علينا أن نبني منازل مقاومة للزلازل على تربة صلبة. هذا أهم تدبير احترازي يتعين اتخاذه"، مستذكرا زلزال آب 1999 المدمر الذي أوقع ألف قتيل في إسطنبول.
ويعمل 110 علماء في مرصد كانديلي الذي أقيم عام 1868، بينهم 25 في المركز الذي يديره كالافات، في مبنى من طابقين مطل على البوسفور شيد "على تربة صلبة" على ما أوضح البروفسور.
وفي الطابق الأرضي، يتناوب علماء الزلازل كل ثماني ساعات أمام صف من شاشات الكمبيوتر لمراقبة الهزات الارتدادية في تركيا بعد الزلزال العنيف الذي أوقع أكثر من 43 ألف قتيل في البلد.
أمامهم، على جدار لا يقل ارتفاعه عن خمسة أمتار، تمتد شاشة عملاقة تنقل البيانات الصادرة بصورة آنية عن محطات الرصد الزلزالي الـ260 الموزعة في أرجاء البلاد، على شكل بيانات تخطيط القلب.
وقال كالافات "وقعت تسعة آلاف هزة ارتدادية في تركيا منذ 6 شباط" ما يوازي عدد الهزات التي تسجل "خلال سبعة إلى ثمانية أشهر في الظروف الطبيعية".
صدع شمال الأناضول
وعلى أحد المكاتب، وضعت خريطة لصدع شمال الأناضول الذي يعبر نهر مرمرة على مسافة "15 إلى 17 كلم" فقط من ضفاف جنوب إسطنبول، بحسب الخبير.
وقدر خبير الزلازل في 2001 بعد سنتين من زلزال بقوة 7,4 درجات أوقع أكثر من 17 ألف قتيل في شمال غربي تركيا، أن هناك احتمالا بنحو 64% أن يضرب زلزال بقوة تفوق 7 درجات المنطقة ذاتها التي تشمل إسطنبول قبل العام 2030.
ويصل هذا الاحتمال إلى 75% على خمسين عاماً و95% على تسعين عاماً.
وأوضح العالم أن "هذه الإحصاءات لا تزال صحيحة" مشيراً في المقابل إلى أنه "حتى باستخدام التكنولوجيا المتوافرة اليوم، من المستحيل التكهن بوقوع زلزال".
وتابع "يمكننا القول بهامش خطأ معين أين يمكن أن يقع زلزال وما يمكن أن تكون قوته، لكن لا يمكننا أن نعرف متى سيحصل".
إنذار مبكر
وطور مرصد كانديلي نظام إنذار مبكر يهدف إلى التنبيه لوقوع هزات قبل أن تحصل "لكن إسطنبول قريبة من خط الصدع" إلى حد لا تكون هذه الأنظمة فعالة.
وعلى أحد المكاتب وضع هاتف أسود بين شاشتين عليه ملصقان أحمران يحملان اسم "آفاد" وهي الوكالة العامة لإدارة الكوارث، يسمح بتوجيه إنذار في حال وقوع زلزال قوي.
والإنذار المبكر يسمح بكسب "سبع أو ثماني ثوان على أبعد تقدير"، وهي مهلة غير كافية ليتمكن السكان من الاحتماء.
بالمقارنة، يسمح مثل هذا النظام بكسب أكثر من 45 ثانية في منطقة توهوكو اليابانية الواقعة على مسافة أبعد من صدع زلزالي والتي شهدت الزلزال العنيف والتسونامي المدمر في 11 آذار 2011.
وقال الخبير "هناك يمكنهم توجيه رسالة تنبيه إلى السكان، لكننا هنا ليس لدينا هذه الإمكانية".