icon
التغطية الحية

حملة لحزب معاد للسوريين في تركيا تفشل وتكشف عن ضعفه الكبير في الحشد السياسي

2021.11.11 | 05:06 دمشق

ssylb.jpg
إسطنبول - صالح عكيدي
+A
حجم الخط
-A

بعد سنوات من الضخ الممنهج لخطاب الكراهية والخوف ضد الوجود السوري في تركيا في جميع المنصات المتاحة، بدأ اليمين المتطرف التركي ممثلاً بحزب "ظفر"، منذ ما يقارب الأسبوعين، بمحاولات الحشد الجماهيري المباشر عبر حملة تواقيع أطلقها لـ "دعم إرسال السوريين إلى سوريا". لتبوء الحملة بالفشل، كاشفةً عن ضعف هذا التيار في الشارع التركي.

شهدت السنوات الماضية في تركيا، ظهور تيار يسعى لتحقيق مكاسب سياسية عبر محاولات الحشد ضد الوجود السوري، وذلك بتحميل السوريين كل مشكلات البلاد الاقتصادية والاجتماعية، بل وحتى عرضهم للرأي العام كـ "تهديد للأمن القومي".

نتج عن هذا التيار تأسيس حزب "ظفر" التركي على يد السياسي التركي المعروف ببثه خطاب الكراهية ضد السوريين "أوميت أوزداغ".

ورغم ما يثيره نوع الخطاب الذي يتبناه هذا التيار المتطرف من قلق، يبقى السؤال الأهم يدور حول شعبية هذا الخطاب وقدرته على الحشد والتأثير في الشارع التركي.

منذ أسبوعين، وبعد آلاف منشورات التواصل الاجتماعي ومئات ساعات البث التلفزيوني التي تضخ رسائل الخوف والكراهية، أطلق حزب "ظفر" التركي حملة جمع تواقيع لدعم ترحيل السوريين عبر الإنترنت -ألحقها بحملة محلية لجمع التواقيع من الشارع، آملا أن يجمع التواقيع بـ "الملايين".

حملة جمع تواقيع عبر الإنترنت

أطلق الذي أسس على معاداة الوجود السوري في تركيا، يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر الماضي حملة جمع تواقيع تهدف لدعم هدفه المتمثل بترحيل السوريين لسوريا، وذلك عبر موقع change.

وجاء في نص حملة جمع التواقيع الرقمية أن السوريين وباقي الأجانب في تركيا يشكلون "تهديدا" لرفاه واستقرار ووحدة أراضي البلاد. وأنهم قد "أرسلوا" إلى البلاد ليسوقوها إلى حرب داخلية. كما حذر نص الحملة من "الكارثة" الأكبر في التاريخ، والتي ستحل في البلاد في حال لم يرحّل السوريون.

وتطرق كذلك لحملة "الموز" التي "استفز السوريون فيها الأتراك الذين يعيشون بظروف صعبة" في حين تصرف الدولة "80 مليار دولار" عليهم.

 

Picture1.png
(نص حملة جمع التواقيع الرقمية التي أطلقها الحزب)

         

 

نتيجة خجولة

لاحظ الحزب بعد يومين من إطلاق الحملة فشلها حتى في الاقتراب من "الملايين" التي كانوا يأملون فيها. ليطلق خطة بديلة تكمن في جمع التواقيع من الشارع مباشرة. ويبدأ الحزب بالحشد عبر منصاته للاجتماع في منطقة "كزلاي" في مدينة أنقرة بحضور رئيس الحزب "أوميت أوزداغ"، لترد ولاية أنقرة بمنع هذا الاجتماع وإرسال قوات الشرطة لتطبيق القرار – لأسباب تتعلق بحفظ الأمن والسلام العام - بحسب مصادر لموقع تلفزيون سوريا.   

حاول "أوزداغ" استغلال المنع لإظهار نفسه وحزبه ضحية "مؤامرة" تمنعه من "إنقاذ البلاد"، ليذهب رغم المنع إلى مكان الاجتماع برفقه مؤيديه، الذين لم يتجاوز عددهم العشرات بحسب مقطع الفيديو الذي نشره الحزب نفسه.

 

 

بعد منعهم من تطبيق خطتهم البديلة، عاد الحزب لخطته الأولية متمثلة بحملة جمع التواقيع الرقمية، معطياً إياها جل اهتمامه وتركيزه، لحشد أكبر عدد ممكن من الموقعين.

ورصد موقع تلفزيون سوريا منذ تاريخ منع حملة التواقيع في الشارع، قيام رئيس الحزب "أوميت أوزداغ" بإعادة نشر رابط حملة التواقيع الرقمية -عبر منصته التويتر فقط- عشر مرات خلال مدة لا تتجاوز 5 أيام! هذا ما عدا منصاته الأخرى، منصات الحزب المختلفة، ومنصات أعضاء الحزب.

وأرفق "أوزداغ" في كل مرة أعاد فيها نشر الرابط عبر حسابه في منصة تويتر، والذي يضم ما يقارب مليون متابع، مواد داعمة تتراوح من فيديوهات لأكاديميين يؤيدون الحملة، إلى أخبار عنوانينها مثل "سوري يسبب العمى لعين طفل تركي".

رغم كل جهودهم المستندة إلى بث خليط الكراهية والخوف، واستغلالهم لكل أبعاد الجدل المرافق للوجود السوري، لم ينجح الحزب بعد أكثر من عشرة أيام من إطلاق الحملة -التي وضع فيها جميع إمكانياته، من تجاوز سقف التسعة آلاف موقّع. رقم لم يصل حتى إلى 0.01% من الرقم الذي وعد به "أوزداغ" والبالغ عشرة ملايين توقيع!

ولذا كشفت هذه الحملة عن قدرة الحزب -شبه الغائبة- في الحشد والتأثير في الشارع التركي، والتي لا تكفي حتى لمنافسة اللجان الطلابية في الجامعات التركية. هذا قبل أن يقوم موقع change بتوجيه صفعة أخيرة لجهود الحزب، بإزالة الحملة من منصته لـ "مخالفتها معايير المجتمع" التي يتبناها الموقع.

 

 

Picture3.jpg
(آخر صورة رصدها موقع تلفزيون سوريا لحملة التواقيع قبل ساعات من إزالتها، تظهر وجود 8509 تواقيع فقط)

 

ناشط سوري وراء إزالة الحملة من الموقع

جاءت إزالة الحملة بعد أكثر من عشرة أيام من إطلاقها عبر منصة change -الشهيرة والرائجة بين جميع الفئات الراغبة في التغيير في العالم. وتبيّن موقع تلفزيون سوريا أن ناشطاً سورياً تواصل مع موقع change  وطلب منهم إزالة الحملة وقدم من أجل ذلك كثيراً من التوضيحات، في جهد ومبادرة فردية.

وقال الناشط السوري -الذي طلب عدم ذكر اسمه- أنه لاحظ إطلاق الحملة منذ بضعة أيام على منصةٍ تعرف "بدعمها لمبادرات التغير الإيجابي" ليقوم بالتواصل مع الموقع لـ "يحذرهم من الحملة التي تخالف قوانين المجتمع" التي يتبنونها، والتي بدورها تشدد على منع كل أشكال الكراهية خاصة "الفئوي" منها.

وتظهر نصوص البريد الإلكتروني التي زود الناشط السوري موقع تلفزيون سوريا بها، قيامه بشرح سياق ومحتوى حملة حزب "ظفر" لمسؤولي الموقع، واصفا الحملة بـ "آثار بقيت من عصر النازية والفاشية". ليقوم الموقع بالاستجابة وإزالة الحملة.

لن يتعب متبنو خطاب الكراهية الذي يحرض على السوريين في تركيا خلال المستقبل القريب، فالاستثمار بكل الموارد يجعل الانسحاب أمراً صعباً، لكن يبدو أن استثماراتهم تبقى بعيدةً عن تحقيق أي مكاسب فعلية.

فبعد سنوات من الجهود المركزة يظهر أن "أوميت أوزداغ" و"إيلاي أكسوي" وغيرهما من مناصري "كراهية السوريين"، لم ينجحوا إلا بتحقيق صدى بين السوريين فقط، مع شبه غياب للتأثير المباشر والحقيقي في الشارع التركي.