بعد أن سيطرت "حكومة الإنقاذ" أواخر العام 2017 على المؤسسات المدنية والمجالس المحلية في المناطق الخاضعة لسيطرة هيئة تحرير الشام، بدأت تتغلغل في جميع القطاعات الخدمية والتجارية والصناعية وإدارة المعابر، وتحديداً بعد سيطرة الهيئة على معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا وانتهاء هجومها على حركة أحرار الشام التي كان المعبر تحت سيطرتها.
ويرى ناشطون ومتابعون للأوضاع في إدلب، أن "حكومة الإنقاذ" هي الذراع المدني لهيئة تحرير الشام، وذلك بحسب ظروف تشكيل "الحكومة" والشخصيات المشاركة فيها وفي مجلس الشورى العام الذي انبثقت "الحكومة" عنه، ومساندة هيئة تحرير الشام للإنقاذ في السيطرة على المجالس المحلية ومباني المؤسسات الخدمية والمدنية.
اقرأ أيضاً: "الإنقاذ" تدهم نقابة المهندسين بإدلب.. ما سبب الخلاف بينهم؟
ولا تقتصر رؤية هذا التيار للإنقاذ على ذلك، بل تطولها الاتهامات باحتكار التجارة والاستيراد للمواد الغذائية المستهلكة يومياً ومواد البناء والمعادن والمحروقات عبر شركة "وتد" التي تعرف عن نفسها بأنها شركة خاصة.
اقرأ أيضاً: ارتفاع أسعار المحروقات في إدلب للمرة الثالثة و"وتد" تبرر
وطالت حكومة الإنقاذ العديد من الانتقادات والتهم حول تدخلها بشؤون المنظمات الخيرية التي تؤمن حاجة المخيمات عبر محاصصتها وفرض رسوم دخول أي مواد عبر معبر باب الهوى، ومما زاد من حدة الشكاوى والانتقادات، الضرائب التي طالت أصحاب رؤوس الأموال والصرافين، أو ما تسميها "حكومة الإنقاذ" "رسوم التأمين والزكاة".
والتقى موقع تلفزيون سوريا بصاحب مركز للصرافة وبيع الذهب في ريف إدلب في محاولة لفهم وجهة نظر هذه الفئة من التجار بالمبالغ المفروضة عليهم. وقال التاجر الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية: إن "حكومة الإنقاذ طالبتنا بمبالغ سنوية، وفرضت ذلك علينا تحت تهديد القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية لديها، وقد رأينا وسمعنا بمحال عدة تم إغلاقها بالشمع الأحمر لرفض أو عجز أصحابها دفع تلك المبالغ، ورغم إظهار حكومة الإنقاذ نفسها على أنها جهة مدنية فإننا لم نشعر خلال تعاملنا معها إلا بتعاملنا مع قوة أمنية بحتة".
وقسم كبير من الصرافين لا يقتنعون بأسباب فرض هذا النوع من المبالغ عليهم، والشائع بينهم أن تلك المبالغ الضخمة التي استحوذت عليها حكومة الإنقاذ، تقوم بتشغيلها لتعود عليها بالأرباح.
اقرأ أيضاً: صرافو إدلب يوقفون التعامل بالليرة السورية
اقرأ أيضاً: دخول كميات كبيرة من العملة التركية إلى إدلب (صور - فيديو)
ويتابع الصراف حديثه عن مدى تأثره بهذه الرسوم بالقول: "أنا بوصفي صرافاً مصنفاً (في الدرجة الأولى) أعاني من قلق دائم بشأن إيداعي لمبلغ 50 ألف دولار بوصفه رسم تأمين، وينتابني الخوف من أي متغيرات عسكرية أو سياسية قد تحول بيني وبين استطاعتي على استرجاع هذا المبلغ الضخم، وزادت مخاوفي عندما رفعت الحكومة المبلغ المفروض من 12 ألف دولار إلى 50 ألفاً على صرافي الدرجة الأولى ليشمل ذلك 75% من كامل رأس المال المُسجل لديهم، ونحن - الصرافين - لا مانع لدينا من وضع قوانين حماية ولكن بشرط أن يكون مدروساً ومرضياً لجميع الأطراف.
وفي سياق متصل أكد تجار لموقع تلفزيون سوريا، أن "الإنقاذ" تفرض مبالغ سنوية على أصحاب رؤوس الأموال بالعموم تحت مسمى الزكاة.
اقرأ أيضاً: مشكلات خلّفتها "حرب العملات" شمال غربي سوريا.. ما الحلول؟
حكومة الإنقاذ توضّح الأسباب
وتواصل موقع تلفزيون سوريا مع صلاح قطران مسؤول العلاقات العامة في حكومة الإنقاذ ليوضح تفاصيل وتداعيات فرض هذا النوع من الرسوم.
وقال قطران: "قمنا بفرض مبالغ تأمينية على أصحاب مراكز الصرافة، وذلك لتمييز الصراف الحقيقي وصاحب المهنة عمن يتعدى عليها، وأيضاً لتصنيف الصرافين ضمن ثلاث فئات يمكنهم مزاولة العمل وفق قدرتهم المالية على النحو الآتي:
- فئة أولى وهي فئة الشحن والحوالات والصرافة، ويحق لهذه الفئة استرداد المبلغ المودع بوصفه أمانة من مؤسسة النقد بعد مضي ستة أشهر من تاريخ الترخيص.
- فئة ثانية وهي الحوالات والصرافة بدون الشحن، وأيضاً يمكن لمزاول هذه المهنة استرداد المبلغ المودع بوصفه أمانة بعد مضي المدة نفسها إلا أن المبلغ المودع يكون أقل من الفئة الأولى.
- فئة ثالثة وهي للصرافة فقط، وبإمكان أصحاب هذه الفئة الترخيص عن طريق رهن عقار إن لم يكن بحوزتهم المال الكافي.
وينفي مسؤول العلاقات العامة في حكومة الإنقاذ كل ما يشاع عن أن حكومة الإنقاذ تأخذ ضرائب أو تفرض على الشعب إتاوات، ويؤكد أنه ليس لها أي تدخل بشؤون الصرافين أو مراكز الصرافة، وإن عمل مراكز الصرافة هو عمل حر بين أصحابه وبين مؤسسة النقد التابعة لحكومة الإنقاذ وهذا العمل "وُضعت له أسس وقوانين ونظام تخص مزاولة هذه المهنة".