أعلن 5 أكاديميين أتراك عن بدء مشروع "حكاية مشتركة"، مدعوم من منظمة "مساحة من أجل الثقافة" التركية، ويتم تنفيذه بالتعاون مع عدد من الجمعيات والمنظمات في تركيا وخارجها، يستهدف الأطفال في مدينة غازي عنتاب. وسيتم اختيار 40 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و14 عامًا، من بينهم 20 كاتبًا و20 رسامًا، ممن يحبون القراءة والخيال والرسم والكتابة.
وسيعمل المشروع على تنمية مهارات أولئك الأطفال على طريقة صياغة القصة، وروايتها عبر الرسم أو القراءة، من خلال التدريب وورشات العمل والفعاليات التي ستُعقد عبر الإنترنت.
"حكاية مشتركة"
بعد ورشات العمل والأنشطة، سيكتب 20 طفلاً قصصاً قصيرة بطريقتهم الخاصة ضمن سياق يتم تحديده لاحقاً، ليشكلوا في النهاية كتاب قصص غني ومتعدد الألوان.
وستلهم تلك القصص الـ 20 طفلاً الآخرين المشاركين في المشروع، بخطوطهم وألوانهم وصورهم، وسيحيك الأطفال الأخيرون "حكاية مشتركة" بتلك الصور، ليتم نشر كتاب تحت عنوان "حكاية مشتركة" الذي سيساهم في إعداده الأطفال الـ40، كنص جماعي وعمل مصور باسم يتم تحديده بشكل مشترك أيضاً من قبل جميع الأطفال.
الطفل السوري ودوره في المشروع
منسقة المشروع، أسلي غوكغوز، تقول في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا: "فكرة المشروع جاءت من كوني أما لطفل أٌبْعِدَ عن الفعاليات والأنشطة بسبب جائحة كورونا، فقررت كتابة مشروع يبعث روح الحياة في الأطفال وتقديمه لمنظمة (مساحة من أجل الثقافة) التي تدعم المشاريع التي تهتم بالثقافة والأدب، مع زملاء أكاديميين لي، وتطورت فكرة المشروع لتكون قصة مشتركة يكتبها كل من الأطفال السوريين والأتراك في مدينة غازي عنتاب، ليضيف الطفل السوري الذي أصبح جزءا من هذه المدينة لونه الأدبي وروحه الفنية على المشروع".
وتضيف غوكغوز: "سيكون الطفل السوري جزءاً مهماً من المشروع، وسيجعل حكايتنا غنية أكثر، لأنه قدم من بيئة وثقافة مختلفة، وعاش في ظروف صعبة، كما أنه بات من الصعب تخيل مدينة غازي عنتاب بدون السوريين، بعد أن أصبحوا مكونا مهما وأساسيا في المدينة".
تفاصيل المشروع
وأوضحت المنسقة أن تسلم الطلبات "سيتم من خلال نموذج الطلب الموجود على موقعنا على الإنترنت من أجل تحديد الأطفال الذين سيتم قبولهم في المشروع. كما سيتم تقييم الطلبات المقدمة بعد الموعد النهائي لتقديم الطلبات، الذي ينتهي في يوم الثلاثين من الشهر الجاري، علماً أن طلب التقديم عبارة عن أسئلة لنستطيع اكتشاف مدى اهتمام الطفل المقدم في مجالي الفن والأدب".
ولفتت إلى أن "مدة المشروع 6 أشهر، يمر بعدة مراحل؛ وستكون المرحلة الأولى عبارة عن تنظيم أنشطة قراءة صوتية تفاعلية عبر الإنترنت وورش عمل للكتابة والرسم مع الكتاب والرسامين الضيوف حتى يتمكن الأطفال من اكتساب المعرفة والخبرة. قبل أن يبدؤوا بتشكيل قصصهم".
وأردفت: "سيكون للمشروع تأثير كبير على حياة الأطفال المشاركين. وسيستمر هذا التأثير طوال حياتهم، وسيؤثر كذلك في كل شخص يتعامل مع هؤلاء الأطفال أثناء فترة المشروع. وسيتم تحويل المشروع في نهايته إلى كتاب مطبوع ليكون دليلاً ملموساً على وجود الأطفال وما قاموا بإنجازه خلال هذه الفترة".
غازي عنتاب لوحة فسيفساء من السوريين والأتراك
وأشارت غوكغوز إلى أن الكتاب "سيتم نشره من خلال موقعنا على الويب وحساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً، كما سيتم تسجيل جميع الأنشطة التي سيتم تنفيذها في نطاق هذا المشروع، لتكون مصدر إلهام للأنشطة والدراسات الأخرى، وسنحاول العمل على مشاريع على نطاق أوسع في المرحلة القادمة في حال لاقى برنامجنا هذا نجاحا واسعا".
واعتبرت غوكغوز أن "مدينة غازي عنتاب أصبحت كلوحة فسيفساء"، مضيفة أن "السوريين مع الأتراك يشكلون هذه اللوحة، ونحاول من خلال المشروع الدمج بين الأطفال من المكونين، ليسمع أحدهم صوت الآخر، ويرى أنه لا فرق بينه وبين الطفل من الجنسية الأخرى، ونجمعهم ليصبحوا قادرين على كتابة قصة مشتركة بين المكونين، بعد فهم طريقة التفكير الخاصة بكل منهما".
الطلاب المشاركون في المشروع ستُمنح لهم مجموعة من الكتب لقراءتها، وقرطاسية كاملة من أجل عدم تحميل عائلتهم عبئاً مادياً إضافياً، كما "سينشر الكتاب النهائي بأسماء جميع الطلاب المشاركين على أنهم مؤلفو الكتاب، وسنقوم بتنظيم مؤتمر لتقديم ذلك الكتاب" بحسب غوكغوز.
تخطي حاجز اللغة برسم الصور
وقالت: "هدفنا من إضافة قسم الرسم والتلوين على المشروع، هو تخطي حاجز اللغة بين المكونين، حيث يمكننا التفاهم عبر لغة الصور، في حال واجهنا مشكلة في إيصال فكرة إلى الأطفال السوريين، وهذا يمكن أن يشعر الأطفال السوريين بالراحة في أثناء المشروع، ويزيل قلقهم وخوفهم، ومن الممكن أن يحفزهم هذا المشروع لتعلم اللغة التركية، ما يزيد من فرصة الاندماج بينهم وبين الأتراك. ولكوننا في فترة استقبال الطلبات حتى نهاية الشهر الحالي، نتمنى بالفعل أن يكون الإقبال كبيراً من الأطفال السوريين، كي لا تبقى حكايتنا ناقصة".
يذكر أن عدد السوريين المسجلين في تركيا بلغ ما مجموعه 3 ملايين و645 ألفا و557 شخصًا، بينهم 450.325 نسمة في مدينة غازي عنتاب، وبلغت نسبة الأطفال ما دون الـ 18 عاماً 47.5%، والأطفال تحت سن 10 سنوات 28,9% من العدد الإجمالي، وذلك حتى تاريخ 13 كانون الثاني 2021. كما تجاوز عدد الطلاب السوريين المسجّلين في تركيا المليون، منهم نحو 685 ألف طالب في المدارس التركية من جميع الصفوف، ويقدّر عدد المتسربين بنحو 318 ألفاً.