حصل موقع تلفزيون سوريا على معلومات تفصيلية وحصرية من غرفة القيادة الموحدة "عزم" حول هيكلية إحدى أكبر خلايا تنظيم الدولة، بناء على المعلومات التي حصلت عليها من 3 عناصر قبضت عليهم ونشرت اعترافاتهم يوم الأربعاء الفائت.
واعترف عناصر التنظيم بمشاركتهم بالرصد والاستطلاع في عملية محاولة اغتيال مراسل تلفزيون سوريا بهاء الحلبي مطلع العام الجاري، ليتبين لتلفزيون سوريا أن مَن أطلقوا الرصاص على مراسلنا معتقلون منذ منتصف تموز الفائت لدى الشرطة في مدينة الباب، ما سيفتح باب التحقيق مجدداً معهم، وتوسيع لائحة الاتهامات لتشمل اغتيال الحلبي وغيرها من القضايا.
ونشرت غرفة القيادة الموحدة "عزم" التابعة للجيش الوطني السوري، في الـ 29 من أيلول الفائت اعترافات لعناصر من تنظيم الدولة في ريف حلب الشمالي والشرقي، وينشطون بعمليات الاغتيال والتفجير والتفخيخ، إضافة للخطف مقابل الحصول على الفدية أو للمبادلة بأسرى التنظيم فيما بعد.
ووصفت "عزم" المجموعة المُلقى القبض عليها بأنها "أخطر الخلايا الإرهابية لتنظيم داعش في ريف حلب الشمالي"، واعترف أفرادها باغتيال عدة شخصيات عسكرية ومدنية، منهم الصحفي حسين خطاب، فضلاً عن محاولة اغتيال مراسل تلفزيون سوريا في مدينة الباب شرقي حلب بهاء الحلبي.
تتبع موقع تلفزيون سوريا ملف الخلية المذكورة، وحصل على معلومات حصرية من "عزم" عن أفرادها وهيكلية الخلية التنظيمية، وأبرز الأعمال التي نفذتها، وآلية عملها، وكبار القادة المسيرين لها.
اعترافات أفراد من الخلية
تضمن الإصدار الذي نشرته "عزم" اعترافات ثلاثة أفراد من الخلية، وهم عبد الله رشيد الحزوري، وناجي عريان، ومحمود حامي زعيتر، وجميعهم ضلعوا بعمليات الاغتيال والخطف وزرع العبوات في مناطق متفرقة بريف حلب، وفقاً لاعترافاتهم.
وبايع عبد الله الحزوري تنظيم الدولة في عام 2016، عبر مكتب كان قد أنشأه التنظيم في بلدة أخترين بريف حلب، ومن ضمن الأعمال التي أكد مسؤولية التنظيم عنها، مراقبة بعض أصحاب مكاتب الصرافة والتحويل في مدينة الباب، وركن سيارة مفخخة أمام مقر للجيش الوطني، وقتل شخص يدعى "طه محمود النعساني" (الضبع)، وقتل الصحفي حسين خطاب، ومحاولة اغتيال مراسل تلفزيون سوريا بهاء الحلبي.
أما المدعو محمود حامي زعيتر، فقد ذكر أنه يعمل إدارياً عاماً للتنظيم في ريف حلب، كما نشط في إدلب لمدة ستة أشهر، التقى خلالها بالمدعو أبو سليمان الداغستاني - الذي كان يعمل ضمن تنظيم حراس الدين حسب الاعترافات - وأفراد آخرين في تنظيم الدولة.
من جهته اعترف ناجي عريان، بتفجير عبوة ناسفة برتل للجيش التركي في مدينة الباب، والمساهمة بقتل شخص يدعى ماجد الرجب، وقتل شرطي في بلدة صوران، وقتل الشرطيين عبد القادر الزين ومحمد مطر في الباب، وزرع عبوات ناسفة بسيارات لفصائل الجيش الوطني.
مكان وزمان القبض على الخلية ومعلومات حصرية عن أفرادها
تمكنت غرفة القيادة الموحدة "عزم" من إلقاء القبض على الخلية البالغ عدد أفرادها 6 في مدينة الباب شرقي حلب، بتاريخ 22 أيلول الماضي، بعد أيام من الرصد والمتابعة، بحسب تصريح المتحدث باسم "عزم" الرائد يوسف حمود.
وأفاد "حمود" في حديث لموقع تلفزيون سوريا، بأن أحد الأفراد يعد قيادياً في التنظيم، وآخر يعمل إدارياً عاماً، وينشطون في ريف حلب الشمالي والشرقي، منذ قرابة العامين، ونفذوا أكثر من 30 عملية، توزعت ما بين خطف واغتيال وتفجير وتشليح.
وفي معرض رده على سؤال حول عناصر الخلية، أكد "حمود" أن العضو الأول في المجموعة، هو محمود الزعيتر، تولد بلدة القورية بريف دير الزور الشرقي، ويشغل منصب الإداري العام في التنظيم لما يسمى "ولاية الباب".
والشخص الثاني هو عبد الخالق طه عريان، ينحدر من حي باب النيرب في حلب، ويسكن بمدينة الباب، ويعمل كعنصر رصد، فيما ينحدر العضو الثالث عمر عبد العزيز الجفال من بلدة محكان شرقي دير الزور.
وكشف الرائد يوسف حمود أن العناصر البقية هم أحمد عبد الجبار وسوف، من مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، وعبد الله رشيد الحزوري من مدينة حلب، وناجي عريان من حلب أيضاً.
قيادة الخلية وبقية الأفراد
ورد في فيديو الاعترافات التي نشرته عزم قبل أسبوع أسماء وألقاب عدة قادة وأفراد في تنظيم الدولة، مثل (أبو عائشة الأحوازي - أبو إبراهيم السفراني - عبد الغفور العراقي - أبو عبد الرحمن العراقي - همام - أبو صلاح - أبو محمد - السبع - شاكر - أبو يزن - أبو محمد الحمصي - صلاح - أبو أيمن).
وعند سؤاله عن المدعو، أبو عائشة الأحوازي، وعمله في التنظيم ومصيره، قال الرائد يوسف حمود: "بعد المتابعة من قبل قوى الشرطة والأمن في مدينة اعزاز، وبالتنسيق مع قوى الشرطة في الباب والجيش الوطني السوري، وعقب إلقاء القبض على شخصين يعملان لصالح تنظيم داعش، داهمت القوى الأمنية بتاريخ 28 أيار الماضي أحد أوكار الإرهاب في مدينة الباب شرقي حلب، وبعد اشتباكات دامت لأكثر من ساعة استشهد عنصران من الجيش الوطني وآخر من قوى الشرطة وأصيب سبعة آخرون، وحينذاك قُتل شخصان من الخلية الإرهابية التي تتبع لتنظيم داعش، أحدهما مسؤول الاغتيالات بالتنظيم أبو عائشة الأحوازي، حيث قام بتفجير نفسه بواسطة حزام ناسف".
وبخصوص بقية الأسماء، ذكر "حمود" أن أبو إبراهيم السفراني، كان أمير التنظيم في مدينة الباب، وعندما كُشف أمره هرب باتجاه المناطق الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
في حين أن كل من عبد الغفور العراقي، وأبو عبد الرحمن العراقي، وأبو صلاح الحمصي وأبو محمد الحمصي، والسبع، فهم يعملون لصالح التنظيم لكنهم ليسوا في "المناطق المحررة"، وربما يكونون من يخطط ويأمر بتنفيذ العمليات.
محاولة اغتيال بهاء الحلبي.. الخيوط تتكشف
في التسجيل المصور الذي بثته عزم قبل أسبوع ، اعترف المدعو "الحزوري" بمحاولة كلٍ من، أبو يزن، وأبو أيمن، اغتيال مراسل تلفزيون سوريا بهاء الحلبي، بإطلاق وابل من الرصاص عليه أمام منزله في شارع الكورنيش بمدينة الباب.
ووفقاً للمعلومات التي حصلنا عليها من الناطق باسم "عزم"، فإن "أبو يزن"، هو محمد الفرخة ويعمل فني تخدير ضمن التنظيم، أما "أيمن" (وليس أبو أيمن كما ورد في فيديو الاعترافات)، فهو محمد نور العبد الله.
وكشف حمود لموقع تلفزيون سوريا أن المدعوين يقبعان في سجن الشرطة المدنية في مدينة الباب، إلى جانب المدعو مالك حميدي (الملقب همام)، حيث ألقي القبض عليهم منتصف تموز الفائت، بتهمة الانضمام إلى تنظيم الدولة.
وأكد مصدر أمني لموقع تلفزيون سوريا أن المدعوين الفرخة والعبد الله مسجونان فعلاً لديهم بتهمة الانضمام للتنظيم، لكنه لفت إلى أن الفرخة والعبد الله لم يذكرا من ضمن اعترافاتهما للشرطة المدنية بتورطهما في عملية اغتيال بهاء الحبلي.
وبالتالي سينتج عن المعلومات التي حصلت عليها "عزم" من أعضاء الخلية والتي أوصلها بدوره تلفزيون سوريا في فتح تحقيق جديد مع المتورطين في محاولة اغتيال مراسلنا بهاء الحلبي، وهو ما ستتوضح نتائجه لاحقاً.
والجدير بالذكر أن "عزم" تنسق مع شعبة مخابرات اعزاز التي يشرف عليها جهاز الاستخبارات التركية، في حين تشرف وزارة الداخلية التركية على أجهزة الشرطة المدنية.
وكان مراسل تلفزيون سوريا في مدينة الباب بهاء الحلبي تعرّض في بداية كانون الثاني 2021 لمحاولة اغتيال على يد ملثمين في أثناء خروجه من منزله وسط مدينة الباب شرقي حلب، أسفرت عن إصابته بطلقات نارية في ذراعه وكتفه وصدره، حيث تم استهداف سيارته حينذاك بنحو 15 رصاصة.
ومنتصف كانون الأول الماضي قُتل الإعلامي حسين خطاب المعروف باسم "كارة السفراني"، على يد مجهولين أطلقوا النار عليه في أثناء قيامه هو وزميله بتجهيزات لتصوير تقرير حول "كورونا" في مخيم ضيوف الشرقية عند مدخل مدينة الباب الشمالي، حيث أطلق ملثمون عليه خمس رصاصات من مسدس، استقرت إحداها في رأسه والباقي في صدره، ما أدى إلى وفاته مباشرة.
30 عملية اغتيال وتفجير
أكد الرائد يوسف حمود، أن الخلية نفذت أكثر من 30 عملية بين خطف وقتل وتفجير وتشليح بحق المدنيين في "المناطق المحررة" شمالي سوريا.
ومن العمليات التي نفذتها الخلية، اغتيال الصحفي حسين خطاب، في مدينة الباب، ومحاولة اغتيال مراسل تلفزيون سوريا بهاء الحلبي، واستهداف موظف تركي يعمل في منظمة آفاد التركية، واستهداف حاجز للشرطة قرب سوق الهال في الباب، وتفجير سيارة مفخخة في الكلية التابعة لفرقة الحمزة في الباب أيضاً، واغتيال عنصرين من الشرطة.
ويضاف لذلك، زرع عبوة في سيارة لفيلق الشام في الباب، وعبوة أخرى قرب حاجز لفصيل الفرقة 51، وعبوة قرب مقر فرقة الحمزة بمدينة الباب، تسببت بمقتل ضابط من الجيش التركي، واستهداف كتيبة الهندسة التابعة للشرطة في الباب، ومحاولة اغتيال الصيدلاني حميد الساير وعائلته في الباب، واستهداف رتل عسكري تركي قرب مقر قيادة فرقة أحرار الشرقية في الباب بجانب مزرعة الشهابي، وقتل صاحب مكتب عقاري معروف باسم "الضبع"، وقتل الشاب يوسف الرجب، ومحاولة اختطاف موظف المحاسبة لمستشفى الفارابي، واستهداف مدرعة تركية قرب تل بطال بريف الباب، ومراقبة ورصد الإعلاميين.
أفراد للخلية ينشطون في إدلب
اعترف المدعو محمود زعيتر خلال الفيديو، بتواصلهم مع أفراد في إدلب، مثل، أبو سليمان الداغستاني -كان يعمل ضمن تنظيم حراس الدين ثم تنظيم الدولة- وأبو شامل الفرنسي (ألقي القبض عليه في أطمة)، وأبو محمد الداغستاني (قُتل في تلعادة).
تواصل موقع تلفزيون سوريا مع "جهاز الأمن العام" العامل في إدلب، للحصول على معلومات حول الشخصيات المذكورة، وأعمالها، وفيما إذا كان نشاطها محصوراً في إدلب فقط، أو ريف حلب الشمالي أيضاً، لكن الجهاز اعتذر عن تقديم معلومات في الوقت الحالي.
بدورها نفت حسابات تابعة لتنظيم "حراس الدين" أن يكون المدعو "أبو سليمان الداغستاني" يعمل في صفوفها، حيث نقلت تلك الحسابات عن شخص وصفته بالمسؤول العسكري في التنظيم قوله: "تابعت كما تابع غيري على وسائل الإعلام خبر اعتقال خلية تابعة لجماعة الدولة، وأن أحد أفراد الخلية كان يتعامل مع أحد جنود الحراس ويدعى، أبو سليمان الداغستاني، وقد طار إعلام الجولاني الرديف فرحاً بهذا الخبر لكي يعزز حربه الإعلامية ضد الجماعة، وأنا العبد الفقير منذ بداية تأسيس الجماعة وإلى الآن أول مرة أسمع بهذا الاسم، ولا يوجد في الجماعة شخص بهذا الاسم سواء كان جندياً عادياً أو كادرا".
ويوم السبت الفائت اشتبكت قوة أمنية مع أشخاص مجهولين بعد محاصرة منزلهم في حي وادي النسيم في مدينة إدلب، ولم يصدر أي توضيح حينها عن نتائج الاشتباك وتفاصيله، إلا أن مصدراً عسكرياً خاصاً كشف لموقع تلفزيون سوريا أن الأفراد الذين تمت مداهمة منزلهم متهمون بالتبعية لتنظيم الدولة، وأشار إلى أن هذه العملية السرية جاءت بناء على معلومات من الخلية التي ألقت "عزم" القبض عليها.
يتربع ملف خلايا تنظيم الدولة في مناطق سيطرة الجيش الوطني على رأس قائمة الأولويات لدى السلطات المحلية وتركيا على حد سواء، وتشهد المنطقة تفجيرات وعمليات اغتيال بين حين وآخر، ونشطت الخلايا في عملها في العامين 2019 و 2020 وتحديداً بعد خسارة التنظيم مناطق سيطرته شرقي سوريا على يد التحالف الدولي و"قسد".
واستغل التنظيم حالة الفلتان الأمني التي ظهرت واحة تلك الفترة، إلا أن العام الجاري شهد انخفاضاً لافتاً في عدد التفجيرات وعمليات الاغتيال بعد جهود أمنية عديدة قامت بها السلطات العسكرية والأمنية واعتقال عدد من خلايا التنظيم.