خلال يومي الـ18 والـ19 من نيسان الحالي، تعرضت مكاتب لـ "المجلس الوطني الكردي" المنضوي تحت مظلة الائتلاف الوطني السوري، في مدينة المالكية/ ديريك بمحافظة الحسكة، للحرق من قبل مجهولين، مع مكاتب أخرى تابعة لـ "الحزب الديمقراطي الكردي"، و"الحزب الديمقراطي الكردستاني - سوريا" المنضوي ضمن تشكيلة "المجلس الوطني الكردي" بمدينة الدرباسية شمالي الحسكة.
وجرت عدة محاولات لحرق مكتب حزب "يكيتي" (ضمن المجلس الوطني الكردي أيضاً) في عامودا، وفق ما أوضح بيان للمجلس. وجاءت هذه الهجمات بعد تقرير لموقع "نورث برس"، عن جهود أميركية لإعادة إحياء الحوار الكردي- الكردي في سوريا، المتوقف منذ أكثر من عام.
الموقع نقل عن مصدر أميركي لم يسمِّه، أن ممثل الخارجية الأميركية في شمال شرقي سوريا، ماثيو بيرل، يسعى إلى إعادة إحياء الحوار بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية التي يقودها حزب الاتحاد الديمقراطي "PYD" الذي يشرف على "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا، مشيراً إلى أن السفير الأميركي يسعى إلى إنهاء المفاوضات باتفاق نهائي بين الطرفين.
لكن، حتى قبل الحديث عن الجهود الأميركية، نظم حزب الاتحاد الديمقراطي وقفات ومسيرات وخطابات ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحزب الرئيسي في كردستان العراق، بحجة التواطؤ مع تركيا ضد "حزب العمال الكردستاني/ PKK" في شمال العراق، والإقليم هو الداعم الأساسي "للمجلس الوطني الكردي".
كما نشطت الإدارة الذاتية مؤخراً في عقد ندوات وجلسات في مناطق سيطرتها من أجل إنجاز ما تقول إنه "عقد اجتماعي" ينظم مناطق سيطرتها، وكانت الإدارة الذاتية شكلت "لجنة موسعة لصياغة العقد" تضم عشرات الممثلين في نهاية العام الماضي، ما يمثل قفزة للأمام على أي حوار.
دعوة أميركية يقابلها عدم التزام من "PYD"
عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني عن "المجلس الوطني" عبد الله كدو، أكد وجود دعوة أميركية لإحياء مسار الحوار بين المجلس الوطني الكردي في سوريا، وحزب الاتحاد الديمقراطي "PYD"وشركائه، مؤكداً أن أميركا دعت لاستئناف الحوار ولكنها لم تمارس ضغوطاً كما تحدثت بعض المصادر.
ويضيف "كدو" في حديثه لـ موقع تلفزيون سوريا، أنه رغم تواصل اللقاءات مع الممثلين الأميركيين في شرق الفرات وغيره، و تأكيدهم على دعم ذلك الحوار، فإنه ما زال متوقفاً بسبب عدم جدية حزب "الاتحاد الديمقراطي" في إنجاح الحوار، مؤكداً أن الحزب "لم يلتزم بقواعد و مرتكزات الحوار ووقف انتهاكات حقوق الإنسان في المنطقة ومنها، خطف الأطفال واستمرار التجنيد الإجباري والتعليم الأيديولوجي الفاشل وغير المعترف به، والتضييق على عوائل بيشمركة روج التابعة للمجلس الكردي، إضافة إلى استمرار تحكم كوادر حزب العمال الكردستاني (PKK) في مفاصل إدارة المنطقة وفق أجندتها الحزبية الخاصة، إضافة إلى استمرار المصير المجهول للمعتقلين لديهم والمغيبين".
"العمال الكردستاني" وراء التصعيد
وعن التطورات الأخيرة في الحسكة، حمّل "كدو" حزب العمال الكردستاني مسؤولية التصعيد، قائلاً إنه بخصوص "حرق مكاتب المجلس الكردي والحزب الديمقراطي الكردستاني- سوريا، منذ صبيحة الإثنين الماضي، فإن إعلام (الاتحاد الديمقراطي) وجموع متظاهريه يتهمون -زوراً- المجلس الكردي ومقاتليه (بيشمركة روج) بمساعدة الجيش التركي في ملاحقة مسلحي (العمال الكردستاني) في إقليم كردستان العراق، إضافة إلى قيام منظمة (جوانين شورَشكَر/ الشبيبة الثورية) التابعة للاتحاد الديمقراطي، بحرق مكاتب المجلس الكردي كلما شعر الحزب بأن الحوار دخل مراحل مهمة واقترب من الإنجاز" معتبراً أن قيادة "العمال الكردستاني في قنديل مستاءة من إشراك المجلس الكردي في إدارة المنطقة، لكن الاتحاد الديمقراطي لا يريد أن يُتهم بذلك، ويضغط لدفع المجلس الكردي للانسحاب من الحوار".
ولفت السياسي الكردي إلى أن إصرار حزب "الاتحاد الديمقراطي" على كتابته "العقد الاجتماعي" وإجراء الانتخابات من دون انتظار لنتائج الحوار مع المجلس الوطني الكردي، دليل على أنه لا يأبه بالحوار ونتائجه، إضافة إلى أنه غير جادٍّ في الحوار، ويعتبره عملاً تكتيكياً وليس هدفاً استراتيجياً.
محاولة تجميل
إبراهيم الحبش مدير موقع الخابور المحلي المهتم بتغطية أخبار المنطقة الشرقية، يرى أن المحاولة الأميركية لإحياء الحوار الكردي هي محاولة تجميلية لقوات "قسد" وإدارتها الذاتية.
ويقول "الحبش" لـ موقع تلفزيون سوريا، إن الولايات المتحدة فشلت في المرة السابقة حين حاولت أن تضفي على الفرع السوري من "العمال الكردستاني" صفة السورية حين أطلقت على قواته اسم "قوات سوريا الديمقراطية"، في إشارة إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، معتبراً أن الدعوة الأميركية لإحياء مسار الحوار هي بمثابة الشرارة التي أشعلت النار بمكاتب "الوطني الكردي" والأحزاب المنضوية فيه لأنها أعادت التذكير بمنافس مقبول من واشنطن يجب انتزاعه.
ويشير إلى أن الحديث عن حوار كردي ومحاولة إدخال المجلس الوطني الكردي في هذه المنظومة يندرج في إطار تصوير "إدارة قسد" على أنها طرف سوري يمكن التفاهم معه، ولكن حقيقة الأمر مختلفة فالمتحكم الأساسي هو "العمال الكردستاني" وهو لن يقبل بمشاركة أحد بإدارة المناطق التي تسيطر عليها "قسد" وهو يستخدم مواردها المادية والبشرية في معارك خارج الحدود مع تركيا ويمكن أن نلحظ ذلك من خلال تنظيم المظاهرات والندوات وحملات التواقيع التي تطالب بإطلاق زعيم حزب العمال الكردستاني، عبد الله أوجلان المسجون في تركيا.
وقال "الحبش" إن "إدارة قسد" بدأت بعد بضعة أشهر من توقف جولات الحوار الكردي بالعمل على "صياغة عقد اجتماعي" هو بمثابة دستور لمناطق سيطرتها، في محاولة لاستباق أي عودة للمفاوضات مع "الوطني الكردي" أو حتى نظام الأسد، بهدف ترسيخ وضع قائم عبر مزاعم أنها لا تمثل الأكراد فقط بل كل مكونات المنطقة.