icon
التغطية الحية

حرب أوكرانيا زادت من عمق العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية وإيران

2022.11.08 | 19:02 دمشق

صورة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية في كوريا الشمالية لمسابقة في إطلاق نيران المدفعية أقيمت في شهر تشرين الثاني عام 2021
صورة نشرتها وكالة الأنباء الرسمية في كوريا الشمالية لمسابقة في إطلاق نيران المدفعية أقيمت في شهر تشرين الثاني عام 2021
The Guardian - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تنذر عملية شراء روسيا للسلاح من إيران وكوريا الشمالية بزيادة في حالة التقارب بين موسكو وهاتين الدولتين المنبوذتين على صعيد المصالح العسكرية والدبلوماسية.

إذ وسط تجدد اتهام واشنطن لروسيا بمحاولتها شراء كميات كبيرة من ذخائر المدفعية من بيونغ يانغ إلى جانب الصواريخ والمسيرات الانتحارية التي سبق أن اشترتها من إيران، سلطت هذه الحملة الروسية السريعة لشراء السلاح الضوء على المشكلات اللوجستية المتزايدة التي ظهرت في حرب فلاديمير بوتين على أوكرانيا.

مواكبة الإنتاج

بحسب ما ذكره أحد الخبراء الذين أجرت معهم صحيفة الغارديان مقابلة، فإن روسيا قد تسعى لترسيخ استقرار إنتاجها وتوريدها لقذائف المدفعية الأساسية خلال الشتاء القادم وذلك عبر طلب الذخيرة من كوريا الشمالية وغيرها، وذلك حتى تسمح لمصانعها بمتابعة الإنتاج ومواكبته.

إن الجهود الحثيثة المتواصلة التي يبذلها الكرملين لجلب السلاح تشي بأن روسيا تتوقع أن يمتد القتال ويستمر في أوكرانيا لفترة طويلة خلال السنة القادمة، على الرغم من سلسلة النكسات التي منيت بها القوات الروسية مؤخراً في ساحة القتال وذلك في شرقي منطقة الدونباس وجنوبي أوكرانيا.

تواطؤ شرق أوسطي

ظهر أحدث تقييم استخباري أميركي حول المساعي الروسية لجلب وشراء ذخيرة المدفعية من كوريا الشمالية يوم الأربعاء الماضي، حيث تبين بأن بيونغ يانغ قد تحاول تمويه ما تورده من سلاح عبر تمريرها من دول موجودة في الشرق الأوسط وغيره من المناطق.

وحول هذا الموضوع علق جون كيربي الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي في مؤتمر صحفي بالقول: "تشير معلوماتنا إلى أن كوريا الشمالية تزود الحرب الروسية بعدد كبير من قذائف المدفعية وبأن ذلك يتم بالسر، وبأنها تقوم بالتعتيم على الوجهة الحقيقية لشحنات الأسلحة عبر محاولة جعلها تبدو وكأنها موجهة نحو دول في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا".

كوريا الشمالية: ترسانة روسيا السوفييتية

على الرغم من أن كيربي لم يسم دول العبور تلك، إلا أن كوريا الشمالية تمد إيران بالأسلحة، في حين تسهم دولتان أخريان بتطوير الصواريخ.

تبدو كوريا الشمالية جذابة جداً بعين روسيا بوصفها مصدراً للصواريخ والقذائف، كونها تنتج العيار نفسه من الأسلحة التي تنتمي للنظم التي تعود للحقبة السوفييتية، كما تحتفظ بترسانة كبيرة من السلاح.

وقد شرح جوزيف ديمبسي وهو باحث عضو في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في مطلع هذا العام بأن كوريا الشمالية: "قد تمثل أكبر مصدر وحيد لما يوافق روسيا من وديعة لذخيرة المدفعية يقع خارج روسيا، ويشمل ذلك مصانع إنتاج محلية تعمل على تزويدها بالإمدادات".

إلى جانب الطرق القديمة لتوريد السلاح عبر الشرق الأوسط، هنالك أيضاً خطوط سكك حديدية جيدة تربط بين كوريا الشمالية وروسيا عبر الشرق الأقصى، وذلك من خلال الطريق الذي يربط بين مدينة تومانغانغ الشمالية بمدينة خاسان عبر الحدود.

بالرغم من أن مبيعات الأسلحة القادمة من كوريا الشمالية مشمولة بالعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، والتي تدعمها موسكو نظرياً، إلا أن بيونغ يانغ نجحت في مواصلة توريد الأسلحة.

وحول ذلك يقول جاك واتلينغ وهو أحد كبار الباحثين الأعضاء لدى المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "يتم نقل الأسلحة من كوريا الشمالية بكل تأكيد، وهنالك طرق مخصصة لذلك عبر إيران، فقد نفد ما لدى الروس في عدة مجالات أساسية وعلى رأسها ذخيرة المدفعية من عيار 122 ملم، بيد أنه لدى كوريا الشمالية ترسانة مهمة من تلك الذخائر، وعليه فإنه من المنطقي جداً أن تصل تلك الذخائر لروسيا ومن المحتمل أن تمر عبر طرق مختلفة.. بيد أن ما تحاول روسيا أن تفعله هو أن ترسخ استقرار توريد الذخائر  لها طوال فترة الشتاء وذلك لتسد الفراغ الحاصل إلى أن تتمكن قاعدتها الصناعية من بدء العمل بقوة من جديد" وأضاف هذا الرجل بأن الجهات الروسية التي تقوم بتصنيع السلاح واجهت حالة توقف خطيرة بالنسبة لإنتاج المواد الكيماوية وذلك بالنسبة للمواد شديدة الانفجار.

مصالح كورية-روسية متبادلة

في الوقت الذي تم فيه وبشكل جيد توثيق التقارب في المصالح الروسية الإيرانية، والتي يأتي على رأسها دعمهما العسكري المشترك لنظام بشار الأسد في سوريا، أصبحت كوريا الشمالية اليوم أقرب لذلك المحور.

إذ بعدما أصبحت بيونغ يانغ واحدة من قلائل الدول التي اعترفت بمحاولة موسكو لضم أربع مناطق أوكرانية بطريقة غير قانونية في ظل الاحتلال الروسي الجزئي للبلاد، استعانت روسيا بدورها بحق النقض في مجلس الأمن لعرقلة القرار الساعي لفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية في مطلع هذا العام.

وفي بداية هذا العام، ارتأت مراكز أبحاث في آسيا كانت تتكهن بزيادة التعاون بين موسكو وبيونغ يانغ بأنه بالإضافة إلى الاستفادة من الحوالات النقدية الآتية من روسيا، قد تسعى كوريا الشمالية للحصول على التقانة والمواد اللازمة لبرامج الصواريخ البالستية لديها بما أنها خاضعة للعقوبات.

وفي التصريحات العلنية لكل من بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم يونغ أون، عبَّر كل منهما عن رغبته بتوسيع "العلاقات الثنائية البناءة والشاملة".

ومن نتائج تمتين هذه العلاقة، بعيداً عن الجبهات في أوكرانيا، زيادة إحساس كوريا الشمالية بإفلاتها من العقاب، بما أن بيونغ يانغ واصلت تصعيد التوتر خلال هذا الأسبوع عبر إطلاق مجموعة من الصواريخ التي هزت كلاً من جارتيها كوريا الجنوبية واليابان.

ولهذا لا يشك البعض بأن هذه العلاقة لابد وأن تتعمق، بعدما تبين لهم حجم المشكلات الكبيرة التي تعاني منها روسيا والتي تعيق مواصلتها لحربها على أوكرانيا.

وفي إحاطة قدمها للصحفيين، أكد فيدانت باتيل نائب الناطق الرسمي باسم الخارجية الأميركية في أيلول الماضي على ذلك المسار، عندما قال: "تشير عملية شراء الأسلحة تلك إلى أن الجيش الروسي ما يزال يعاني نقصاً حاداً في الإمدادات في أوكرانيا، ويعود أحد أسباب ذلك للقيود المفروضة على الصادرات وكذلك بسبب العقوبات، ولذلك نتوقع لروسيا أن تحاول شراء المزيد من المعدات العسكرية من كوريا الشمالية، مع مواصلة شراء كل ذلك أيضاً".

المصدر: The Guardian