إن الوقت والفراغ اللازمين لإنشاء مادة فنية بغض النظر عن شكلها أو أسلوبها، يمثلان ترفاً صعب المنال، عندما يكون البقاء على قيد الحياة هو التحدي بذاته، هذه الرسالة التي أرادها المخرج ديفيد هنري غيرسون، لفيلمه الوثائقي "القصة لا تموت".
الفيلم يروي خلال 83 دقيقة، قصة 9 فنانين سوريين يستخدمون فنهم للبقاء وتخليد الثورة، ويعكس المخرج من خلال حواراتهم معركتهم من أجل السلام والعدالة وحرية التعبير.
الفيلم الذي حاز على جائزة أفضل إخراج من مهرجان لوس أنجلوس للأفلام الوثائقية عام 2021، سيكون فيلم افتتاح أيام الوثائقيات السورية في العاصمة كوبنهاغن، التي تنطلق فعاليته في السابع من أيلول الجاري، وتستمر حتى الحادي عشر من الشهر نفسه.
عاصم سويد منظم المهرجان، قال لموقع تلفزيون سوريا، إن المهرجان سيعرض 7 أفلام طويلة و4 قصيرة، وتم اختيارها عبر فتح باب التقديم بداية شهر فبراير الماضي وحتى نهاية مارس الماضي.
وأضاف: "قامت لجنة مختصة بالإضافة لإدارة المهرجان باختيار وتقييم الأفلام المرسلة من حيث الجودة والأهمية". لافتاً إلى أن العرض سيكون ضمن ثلاث صالات عرض في كوبنهاغن هي "سينماتيك، غراند ثياتر، وهوسيل بيوغراف".
وفي رده حول أيام المهرجان وطبيعة العروض والفعاليات، أوضح سويد أن "فترة المهرجان في الحقيقة مضغوطة، ولكنها كافية، حيث سيتم عرض كل فيلم طويل مرتين على الأقل، إضافة إلى عروض إضافية لبعض الأفلام في مدينة أورهوس الدنماركية ومدينة مالمو السويدية".
ويحمل شعار المهرجان هذا العام عنوان "قصة" ويكتبها بعدة لغات إلى جانب اسم المهرجان، وبحسب سويد فإن المغزى من هذا الشعار، حتى لا ينسى العالم القصة السورية، وأضاف: "يأتي المهرجان ليعطي رسالة تأتي من عنوان فيلم الافتتاح "القصة لا تموت"، وأنه لابد من التحول نحو العدالة والديمقراطية في سوريا حتى يبدأ المجتمع بإعادة البناء والسير في ركب الحضارة العالمية من جديد، فالقصة السورية قصة الثورة والمهجرين والمعتقلين والشهداء ما تزال تدور، ولم تصبح من الماضي كما يروج لها".
من جانبها، أوضحت دارو هانسن المدير الفني للمهرجان، لموقع تلفزيون سوريا، أن هناك تعاوناً مع مهرجان كوبنهاغن للأفلام الوثائقية، وخاصة في الدعوة للأفلام السورية، وأضافت: "يعرض مهرجان أيام الوثائقيات السورية بعض الأفلام في مدن أسكندنافية أخرى، ويجري العمل على نسخ الفكرة وتطبيقها في عاصمتين أوروبيتين العام القادم". لافتة إلى أن جوائز المهرجان تقتصر حالياً على جائزة الجمهور للأفلام الطويلة.
وقالت إن "ميزانيتنا محدودة هذا العام، ولكن لدينا خطة لتطوير الأمر العام المقبل وتوسيع الجوائز، علماً أننا نقوم بدراسة لدعم المشاريع الصغيرة وسنبدأ بها قريباً". ونوهت هانسن إلى أن المهرجان يدعم حرية الكلمة والإبداع، ومن واجباته إيصال هذه الأعمال إلى الجمهور الإسكندنافي ودعم العاملين في هذه الصناعة.
أفلام المهرجان
ويعرض المهرجان خلال أيامه الخمسة، إلى جانب فيلم الافتتاح "القصة لا تموت" 6 أفلام طويلة هي:
"سوريا المجهولة" لمخرجيه علي الإبراهيم ولورين انس براون، ويتتبع الفيلم قصة مزور غير قانوني يعمل متخفياً في استخراج وثائق رسمية لمهجرين سوريين لا يملكون أي إثبات ولا يستطيعون إخراج أي وثيقة، كما يتتبع الفيلم محنة أربع عائلات تعيش من دون هوية في البلدان المضيفة.
"هروب"، لمخرجته كاتيا جرجورة، يدخل الفيلم في تفاصيل قصة خمس فنانات سوريات متناثرات في عواصم مختلفة، ليولد الفيلم انعكاساً حول الشعور بالانتماء ودور الفن في إعادة استثمار حياة جديدة.
"جمهورية الصمت"، لمخرجته ديانا الجيرودي، هذا الفيلم الطويل الذي يمتد على 183 دقيقة، هو لوحة فريسكو تمتد لأكثر من عقد من الزمن، تتشابك فيها الحياة اليومية لوجود رتيب في برلين، مع ذكريات الوقت الضائع، حيث تخترق الجيرودي الفيلم بأسلوب الذكريات، من خلال المقتطفات، والأصوات، والأجساد التي يسكنها الماضي، في بعض الأحيان تبدو وكأنها تهمس، أو ربما تظل صامتة.
"كباتن الزعتري"، لمخرجه علي العربي، ويروي الفيلم قصة صديقين محاصرين بطموحاتهما داخل مخيم الزعتري للاجئين في الأردن، حيث يحلم كل منهما باحتراف لعبة كرة القدم، وتقترب أحلامهما من التحقق حينما تزور أكاديمية رياضية مشهورة المخيم الخاص بهما بحثاً عن المواهب.
"أتمنى لو كان العالم طائرة ورقية"، للمخرجة كاميلا بيلسو، والفيلم تجربة في التعاطف والتسامح تقود مشاركين شباباً من سوريا والدنمارك في عمل ورشة مسرحية لمدة أسبوعين، إلى فهم جديد لأنفسهم، وبعضهم البعض.
"آيس كريم أسود"، العمل هو نتاج جهد مجموعة من المتدربين ضمن البرنامج التدريبي لمعهد الفيلم السوري مشروع "خطوة أولى" الذي أقامه المعهد في الشمال السوري، ويتناول الفيلم قصة حسن ذي الثلاثة عشر ربيعاً الذي يقطع يومياً عشرات الكيلومترات ليبيع الآيس كريم في منطقة تتم فيها عمليات تكرير النفط.
وثائقيات قصيرة
ويعرض المهرجان أيضاً خلال أيامه 4 أفلام قصيرة، هي:
"هل ستلعب الدور مرة أخرى؟" للمخرج عمار عبيد، ويروي الفيلم قصة مضر وهو ممثل سوري، سافر إلى ألمانيا بتأشيرة دخول من بيروت، يبحث في رحلات اللاجئين الذين جاؤوا على أقدامهم، من أجل عرضه المسرحي، ويستكشف التجارب الحقيقية التي عاشها المهاجرون على طول طريقهم.
"بين الحياة والموت"، للمخرج بادي خليف، وثائقي يتحدث عن الثورة السورية التي بدأت في 2011، ويسلط الضوء على عدة مراحل، بما في ذلك سيطرة داعش على مناطق شمالي سوريا، وعن المظاهرات التي انطلقت في مدن سوريا، ورحلة اللجوء التي كانت الخيار الوحيد لمئات الآلاف من السوريين.
"جوهر الذكريات"، للمخرجة ميلاني غوبي، ويروي الفيلم قصة عبد القادر فتوح، وهو لاجئ سوري يعيش في فرنسا، ويسعى لتحقيق حلمه ليصبح صانع عطور.
"في حقائب الغرباء"، للمخرج رائد الكور، يروي قصة شاعر سوري يعيش في المهجر، ويكتب الشعر ليظهر الدعم للثورة في بلده، وكيف أثرت الثورة في كتاباته الأدبية.