icon
التغطية الحية

حادثة زولينغن تثير جدلاً حول دور السوريين في ارتفاع معدلات الجريمة في ألمانيا

2024.09.16 | 14:11 دمشق

5432
الشرطة الألمانية تقتاد المشتبه به بارتكاب الجريمة إلى قاضي التحقيق (رويترز)
 تلفزيون سوريا - إسطنبول
+A
حجم الخط
-A

ملخص:

  • جدل حول الهجرة والجريمة: حادثة مقتل ثلاثة أشخاص في زولينغن أثارت الجدل حول علاقة تزايد أعداد المهاجرين السوريين بارتفاع معدلات الجريمة في ألمانيا، حيث يعتبر البعض أن هناك صلة بينهما.

  • إحصاءات وحقائق: إحصاءات عام 2023 أظهرت زيادة في عدد المشتبه بهم الأجانب، إلا أن الأرقام قد تكون مضللة، حيث تشمل انتهاكات قانون الهجرة.

  • الدور الفعلي للسوريين: رغم أن نسبة المشتبه بهم من السوريين تبدو مرتفعة، إلا أن نسبتهم بين المشتبه بهم أقل من المتوسط العام للأجانب.


أعاد حادث مقتل ثلاثة أشخاص في مدينة زولينغن الألمانية الجدل حول قضية الهجرة، حيث يرى البعض أن تزايد أعداد المهاجرين، وخاصة السوريين، يساهم في ارتفاع معدلات الجريمة.

وسلط موقع DW الألماني الضوء على هذا الجدل الدائر مؤخرا في ألمانيا، لافتا إلى أنّ السلطات تعتقد أن منفذ الهجوم، عيسى الحاج، كان عضوا في تنظيم الدولة الإسلامية. والذي جاء إلى ألمانيا كطالب لجوء وحصل على حماية فرعية بعد انتهاء الفترة المسموح بها لإعادته إلى بلغاريا وفقا للائحة دبلن.

وأشار الموقع إلى أن الحكومة الألمانية تتعرض الآن لضغوط متزايدة لفرض تدابير أكثر صرامة تحد من دخول طالبي اللجوء السوريين والأفغان، أو تسهيل ترحيل السوريين والأفغان الذين يرتكبون جرائم خطيرة. 

وتستند هذه الدعوات إلى افتراض أن طالبي اللجوء السوريين والأفغان أكثر عرضة لارتكاب جرائم عنيفة. ولكن، ما هي الحقائق؟ وهل هناك فعلاً صلة مباشرة بين الهجرة ومستويات الجريمة؟

بحسب DW، فإن التقارير الإعلامية وبعض السياسيين يشيرون إلى أن "الجريمة المرتبطة بالأجانب" أصبحت مشكلة متزايدة. ووزيرة الداخلية نانسي فايزر ورئيس وزراء الولاية التي شهدت الهجوم، هربرت رويل، أكدا على ضرورة مناقشة هذه القضية. 

وأشارت فايزر إلى أن زيادة الهجرة قد ساهمت في ارتفاع معدلات الجريمة.

كما جاءت هذه التصريحات بعد أن أصدرت وكالة التحقيقات الجنائية الفيدرالية (BKA) بيانات أظهرت زيادة في أعداد المشتبه بهم الأجانب.

في عام 2023، سجلت الشرطة الألمانية 2.3 مليون مشتبه به جنائيا، وهو أعلى رقم منذ عام 2016، منهم أكثر من 920 ألفا غير ألمان. 

لكن هذه الأرقام قد لا تعكس عدد المدانين الفعليين، ولا تشمل بعض أنواع الجرائم مثل التهرب الضريبي، وتتضمن أيضا انتهاكات لقانون الهجرة التي ترتبط أساسا بالأجانب.

بحسب وكالة الأنباء الكاثوليكية الألمانية (KNA)، فإن عام 2023 شهد زيادة في عدد المشتبه بهم من الألمان وغير الألمان. من بين 2.3 مليون مشتبه به، كان نحو 1.3 مليون منهم من المواطنين الألمان، بزيادة بنسبة 1% مقارنة بالعام السابق. أما بالنسبة للمشتبه بهم غير الألمان، فقد زاد عددهم بنسبة 17.8%، ليصل إلى أكثر من 920 ألف شخص. يمكن تفسير هذا الارتفاع جزئيا بالنمو المستمر في عدد المقيمين في ألمانيا الذين لا يحملون الجنسية الألمانية.

فيما يخص نسبة الأجانب بين المشتبه بهم، بلغت هذه النسبة أكثر من 41% في عام 2023. وبعد استبعاد انتهاكات قانون الهجرة، انخفضت النسبة إلى 34.4%، حسب رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي هولجر مونش. وقد شهد عدد المشتبه بهم الأجانب زيادة ملحوظة في جرائم مثل السرقة والسطو والتهديد والاعتداء الجسدي ومقاومة الاعتقال، بالإضافة إلى الجرائم المتعلقة بالمخدرات.

لكن هل زيادة نسبة الأجانب بين المشتبه بهم تعني بالضرورة زيادة في الجريمة؟ يقول هولجر مونش إن الظروف المعيشية والتعليم والوضع الاقتصادي تلعب دورا كبيرا في مستويات الجريمة.

وأوضح في مقابلة أن الجريمة عادة ما تكون أعلى في المناطق الفقيرة والمحرومة اجتماعيا، حيث يتركز عدد أكبر من الأجانب. وأكد أن الافتراض بأن الأشخاص من بلدان أخرى "أكثر إجراما من حيث المبدأ" غير دقيق.

ويشير علماء الجريمة إلى أن هناك عوامل أخرى تعقد تفسير هذه الأرقام. على سبيل المثال، الإحصاءات تشمل فقط الجرائم التي تم الإبلاغ عنها. بعض الجرائم، مثل اقتحام المتاجر أو السرقة حيث يكون الضحية مؤمنا، من المرجح أن يتم الإبلاغ عنها أكثر من العنف المنزلي. كما أن الجرائم التي تحدث في الأماكن العامة، مثل مراكز طالبي اللجوء، يتم استدعاء الشرطة لها بشكل أكبر من الجرائم التي تحدث في الأماكن الخاصة.

مفهوم "الأجنبي" نفسه يساهم في تشويه الصورة. فمصطلح "غير ألماني" لا يشمل فقط طالبي اللجوء واللاجئين، بل يمتد ليشمل الأشخاص الذين يمرون عبر ألمانيا، والمقيمين بشكل غير قانوني، أو الذين يأتون خصيصا لارتكاب جرائم، مثل المتاجرين وأعضاء العصابات الإجرامية. يتضمن هذا التعريف أيضا الطلاب والسياح.

هل السوريون مسؤولون عن ارتفاع معدلات الجريمة في ألمانيا؟

أما فيما يتعلق بالسوريين، فإنه على الرغم من أن نسبة المشتبه بهم من هذه الجنسية تبدو مرتفعة، إلا أنه يجب الأخذ في الاعتبار نسبتهم العالية بين السكان بشكل عام.

وتشير وكالة الأنباء KNA إلى أنه عند تحليل الأرقام حسب الجنسية، فإن نسبة المشتبه بهم من السوريين والأفغان والعراقيين كانت أقل من المتوسط العام للأجانب. في المقابل، كان العدد النسبي للمشتبه بهم من الجزائر والمغرب وتونس وجورجيا أعلى.

وفيما يتعلق بالضحايا، فإن الألمان هم الأكثر تعرضا للعنف من حيث العدد الإجمالي. فقد سُجِّلت نحو 1.25 مليون ضحية للجرائم في عام 2023، وكان ثلاثة أرباع هؤلاء من المواطنين الألمان. ولكن، من حيث النسب المئوية، فإن الأجانب أكثر عرضة للوقوع ضحايا للجرائم. فوفقا للإحصاءات، كان 25% من الضحايا في العام الماضي من الأجانب، وهو ما يزيد بشكل ملحوظ عن حصتهم التي تبلغ نحو 15.5% من إجمالي سكان ألمانيا.

لذا، يبدو أن الربط المباشر بين زيادة الجريمة والهجرة، وخاصةً هجرة السوريين، يتطلب تحليلًا أكثر دقة وموضوعية. من المهم التركيز على العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تلعب دورا في هذه القضية، بدلاً من الاعتماد على افتراضات غير مدعومة بالكامل بالحقائق، وفقا لـ DW.