نشر التلفزيون السويدي أمس الأربعاء، تحقيقاً صحفياً كشف عن تلاعب في جواز سفر سوري أدى إلى تقديم الحكومة السويدية مبلغ 840 ألف كرون كـ "تعويض" للاجئ سوري شاب مُدان بجريمتي اغتصاب.
ونقل موقع "الكومبس" عن التلفزيون السويدي أن الشاب السوري الذي أدين بارتكابه جريمتي اغتصاب وحكم بالسجن لمدة 4 أعوام ونصف العام؛ قدّم "دليلاً" أقنع من خلاله المحكمة بأنه "قاصر". فقضت بتخفيض عقوبته على ضوء القانون السويدي، ومنحه تعويضاً بلغ 840 ألف كرون كونه قضى في السجن فترة أطول من الحكم المخفّض.
القصة بدأت بارتكاب الشاب اللاجئ جريمتي اغتصاب في مدينة مالمو عام 2017، تمثّلت الأولى في اختطاف امرأة واغتصابها، ليعود بعد مدة قصيرة ويختطف مع شقيقه امرأة أخرى ويغتصباها. وبعد القبض عليهما، حُكم على الشقيق الأصغر بالسجن 4 سنوات ونصف -كرجل بالغ- بعد أن أقدمت المحكمة على فحص عمره.
إلا أن الأخير استأنف الحكم أمام المحكمة العليا، مقدماً دليله الذي تمثّل في جواز سفر سوري استطاع من خلاله أن يثبت للمحكمة بأنه كان قاصراً خلال ارتكابه جرم الاغتصاب، ما دفع الحكومة لدفع التعويض المذكور بعد تخفيض مدة حكمه.
أثار الحكم الصادر في صيف العام الماضي، والقاضي بتخفيض المدة وما ترتب عليه من تعويض، ضجة كبيرة في السويد.
صلاحية غير صحيحة
وأمس الأربعاء، أظهر التحقيق الصحفي الذي نشره التلفزيون، وجود تلاعب في جواز السفر يكشف تناقضاً ملحوظاً في الوثيقة. وذكر التحقيق أن مصلحة الهجرة حذّرت الشرطة بالفعل خلال التحقيق الأولي من أن جواز السفر غير صحيح. حيث يتبيّن في الجواز أنه قد صدر حين كان عمر المدان 12 عاماً، ومدة صلاحيته أربع سنوات، وهو أمر غير ممكن في سوريا.
من جهتها، قالت "أنيكا إرنر" المختصة في مراجعة الوثائق بـ مصلحة الهجرة: "إذا كان الشخص تحت سن 18 عاماً، يحصل عادة على جواز سفر صلاحيته ست سنوات، لكن إذا كان سيبلغ الـ18 عاماً في غضون هذه السنوات الست، فإنه يحصل على مدة صلاحية تنتهي ببلوغه الـ18"، ما يعني أن المدان إذا كان صغيراً كما يدعي، فيجب أن تكون صلاحية جواز سفره مختلفة.
وأضاف التحقيق أن صحفيين من التلفزيون السويدي اتصلوا بموظف في الهيئة التي تصدر جوازات السفر في دمشق. وقال إنه يحدث أحياناً أن يصدر موظفون جوازات سفر غير قانونية مقابل رشوة، لكنهم يحمون أنفسهم بوضع معلومات غير صحيحة في الجواز، وفي حال حصلت مشكلات فإنهم يقولون إن الجواز مزور بدليل أنه يحوي معلومات مغلوطة.
كما نقل التحقيق عن رئيس تحرير شبكة "كلنا شركاء" السورية، الصحفي أيمن عبد النور، قوله إن فترة الصلاحية هي الخطأ المقصود الأكثر شيوعاً في الجوازات المزورة.
وعلى ضوء التشريعات الحالية في سوريا، لا يوجد سبب لإصدار جواز للمدان بصلاحية أربع سنوات، والخيار المتاح هو سنتان أو ست سنوات حصراً. ما قد يشير إلى أن المدان دفع رشوة للحصول على الجواز، وبالتالي فإنه لا يمكن الوثوق في معلومات العمر المذكورة فيه.
وثائق تخلو من الصور
أثناء إجراءات المحاكمة، قدّمت مصلحة الطب الجنائي تقييمين مختلفين لسن الشاب، استناداً إلى الأدلة نفسها. الأول أشار إلى أنه كان في الـ18 من عمره أو أكثر وقت ارتكاب الجريمة، بينما رجّح التقييم الثاني أن يكون تحت سن الـ18 عاماً بقليل. وفي الحالتين، أخذت المحكمة بتقييم الطب الجنائي.
ورأت "مصلحة الهجرة" أن الوثائق الأخرى التي قدمها الشاب كدليل لإثبات سنه "غير قوية"، كالشهادات المدرسية وشهادات الميلاد من سوريا، لأن الوثائق تفتقر إلى الصور.
ويعتقد والد الشقيقين أن العائلة "تعرضت للعنصرية وسوء المعاملة من قبل السلطات السويدية"، وينفي جميع التهم الموجهة إلى ابنه الذي جاء إلى السويد عام 2014.