فوجئ بسام القاضي (58 عاماً) باتصال من أحد موظفي فرع الهجرة والجوازات التابع للنظام السوري في دمشق، يُخبره بضرورة دفع 50 ألف ليرة سوريّة كي يحصل على جواز سفر ابنه المقيم في دبي، وذلك بحجة النقص في مواد طباعة الجواز وعدم توفّرها.
هذا الاتصال جاء بعد ثلاثة أيام، من إعلان وزارة الداخلية في حكومة النظام السوري، تأجيل تسليم جوازات السفر لمدة شهرين، لكل مَن سجّل على المنصة وتقدّم بأوراقه للحصول على جواز سفر عادي.
يقول "القاضي" لـ موقع تلفزيون سوريا إنَّ "موظف الهجرة والجوازات خيَّره بين الدفع واستلام الجواز أو الانتظار لأكثر من شهرين، رغم أن موعد استلام جوازه كان في (5 أيار الجاري)"، مضيفاً أنه اختار الدفع واستلام جواز سفر ابنه لحاجته الملحة له، بعد أكثر من سبعة أشهر على تقديم الطلب وانتظار الحصول عليه".
"تعاون بين السماسرة وموظفي الهجرة"
وبحسب مصادر محلية فإنّ سكّان العاصمة دمشق يعانون من صعوبة استخراج جواز السفر العادي نتيجة فشل تسجيلهم على منصة حجز جواز السفر التابعة لـ"الداخلية"، التي تؤجل بين الحين والآخر موعد تسليم الجوازات، ما أتاح المجال أمام انتشار سماسرة متعاونين مع موظفين في الهجرة للحصول على الجواز بأقل وقت ممكن، مقابل كلفة عالية.
وتصل كلفة استخراج جواز السفر العادي داخل سوريا إلى 65 ألف ليرة سوريّة، والمستعجل إلى 100 ألف ليرة (لكنه متوقّف حالياً)، بينما الفوري تصل كلفته إلى مليون و 5 آلاف ليرة، وهذه الخدمة تُقدّم من دون حجز دور على المنصة الإلكترونية الخاصة بجوازات السفر، ويجري تسليم الجواز لصاحب العلاقة في اليوم ذاته.
اقرأ أيضاً.. طريقة إلكترونية للحصول على جواز السفر السوري |فيديو
وكانت "داخلية النظام" قد رفعت، في وقت سابق من العام الجاري، رسوم الحصول على جواز السفر الفوري داخل سوريا إلى أكثر من الضعف، إذ ارتفعت كلفته من 500 ألف إلى مليون، وجواز السفر العادي من 65 ألفاً إلى 100 ألف ليرة، في حال الحجز عن طريق مكتب سياحي.
أما خارج سوريا، فتصل كلفة الجواز العادي إلى 300 دولار أميركي والفوري إلى 800 دولار، فضلا عن استيفاء مبلغاً قدره 50 دولارا أو ما يعادله باليورو كغرامة فقدان أو تلف جواز سفر، كما هو محدّد في "رسوم منح وتجديد جوازات السفر" على موقع وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للنظام.
"تأجيل استلام جواز السفر"
أشارت المصادر إلى أنّ تأجيل تسليم جوازات السفر لمدة شهرين، تسبّب في تعطيل مصالح وأشغال العديد من السوريين، خاصةً مَن لديه سفر أو لم شمل أو موعد سفارة في بيروت، وهذا ما حصل مع فاديا، حيث خسرت فرصة عملها في ألمانيا من جراء تأخير حصولها على جواز سفرها إلى 25 آب المقبل بدلاً من 25 أيار الجاري.
وتقول "فاديا" لـ موقع تلفزيون سوريا: إنّها "تقدمت للحصول على جواز السفر في شهر تشرين عام 2022، على أمل الحصول عليه خلال المدة المحددة"، مردفةً:"التأجيل دمّر حياتي".
وأوضحت أنّها "لم تعد قادرة على السفر والعمل في ألمانيا (موعد سفرها خلال شهر حزيران المقبل)، بعد سنوات من الدراسة والتعب في كلية الطب اختصاص أورام خبيثة، فضلا عن تكاليف دراسة اللغة الألمانية في دمشق".
وأشارت إلى أنّها "ستحاول الاعتراض لدى فرع الهجرة والجوازات في دمشق، بناء على الوثائق التي تُثبت كلامها وحقها في تأمين مستقبلها وخطيبها الذي ينتظرها في ألمانيا منذ سنوات".
اقرأ أيضاً.. أزمة جواز السفر السوري.. النظام يربح الأموال والسوريون ينتظرون
حال الطبيبة فاديا يكاد ينسحب على سوريين كثيرين ممن لديهم ملفات سفر ولم شمل ومواعيد في سفارات الدول ببيروت وينتظرون حصولهم على جواز السفر للبدء بحياة جديدة، إذ يُشكّل الحصول على الجواز معضلة للسوريين داخل البلاد وخارجها، من جراء سياسات حكومة النظام وإجراءاتها غير الثابتة.
وبحسب المصادر، فإنّ هذه السياسات، إضافةً إلى إعلان سفارات النظام في بلدان عدة عن توقف إصدار جوازات سفر حتى إشعار آخر، نشّطت عمل السماسرة والمتعاونين مع موظفي "الهجرة والجوازات"، مستغلّين هذه الأزمة في الحصول على مبالغ مالية من المتقدّمين لاستخراج جواز السفر، مقابل تسليمهم الجواز فوراً.
ويطلب السماسرة مقابل استخراج جواز السفر مبلغ 800 دولار من داخل سوريا، و1450 دولارا من سفارة النظام السوري في بيروت، على أن يكون التسليم خلال 5 أيام فقط.