شهدت أسواق محافظة حمص وسط سوريا، خلال الأيام القليلة الماضية، إغلاق العديد من محال بيع الفروج أمام المشترين، وذلك نتيجةً لارتفاع أسعار الفروج الحي من المداجن واقترابها من أسعار اللحوم الحمراء التي أصبحت هي الأخرى خارج دائرة اهتمام السوريين الذين يعانون ضائقة اقتصادية ومعيشية هي الأسوأ منذ عدّة عقود.
إغلاق مؤقت بسبب تراجع في المبيعات
حول هذا الموضوع قال (خليل إ)، صاحب أحد مسالخ الفروج في مدينة "تلبيسة" بريف حمص الشمالي، في تصريح خاص لـ تلفزيون سوريا، إنّ سبب الإغلاق يعود إلى ارتفاع سعر الفروج الحي في أرض المداجن واقترابه من سعر اللحوم الحمراء، حيث قفز سعر الكيلو غرام الواحد، خلال يومين فقط من 3200 إلى نحو 5 آلاف ليرة سورية، ليقترب بذلك من سعر كيلو لحم الخروف الحي "الواقف" الذي يبلغ سعره حالياً حوالي 6650 ليرة.
وأضاف "تجاوز سعر كيلو الشرحات 8 آلاف ليرة، بينما بلغ سعر كيلو السودة 6500 ليرة، وكيلو الأفخاذ 5 آلاف ليرة. بينما تخطى سعر صحن البيض عتبة 6 آلاف ليرة، حيث أصبحت عمليات شرائه في السوق المحليّة بالمفرق وبسعر 250 ليرة للبيضة الواحدة".
وأكدّ إبراهيم أنّ مبيعاته تراجعت بشكلٍ ملحوظ خاصة بعد الارتفاع الأخير في الأسعار، ما اضطره إلى تخفيف الكميات المذبوحة لديه يومياً. في حين أغلق بعض أصحاب المسالخ من زملاء مهنته أبواب رزقهم بشكلٍ مؤقت، بسبب هذا التراجع في المبيعات، لافتاً في الوقت نفسه إلى أنّ هذا الإغلاق ربما يكون مؤقتا أو أنّه سيستمر إلى حين استقرار الأسعار.
ماذا يقول أصحاب المداجن؟
ولمعرفة أسباب ارتفاع لحوم الدجاج أفاد أحد مربي الدواجن في ريف حمص لتلفزيون سوريا، أنّ الارتفاع في سعر الفروج يرتبط بصورة عامة بأسعار مستلزمات إنتاجه وتربيته من أعلاف وأدوية؛ والتي ترتبط بدورها بسعر صرف الليرة المتذبذب أمام الدولار، بالإضافة إلى الأمراض ونسبة الوفيات وأجور الطبابة.
وبيّن المصدر أنّ الأعلاف تشكل نحو 75% من كلفة المنتج، وجميعها مستوردة وبالأخص الذرة الصفراء العلفية والكسبة وفول الصويا، في ظل عجزٍ حكومي عن توفير كميات كافية من الأعلاف وبأسعار مناسبة للمربين، وقيام بعض تجّار الأعلاف الكبار باحتكار مادة العلف ليتحكموا بأسعارها في الأسواق المحليّة.
وألمح المصدر ذاته إلى وجود عمليات تهريب كبيرة تجري من وقتٍ لآخر لأمهات الدجاج إلى لبنان، مما يؤدي إلى خلل في سوق الفروج، وبالتالي نقص أعداده المعروضة في السوق، الأمر الذي ينعكس سلباً على سعر الفروج الحي.
استغناء ومقاطعة
يُشكل اللحم الأبيض "الفروج" أحد أهم الأطباق الرئيسية على موائد السوريين، لا سيما في ظل الظروف المعيشية المتردية وتراجع مستوى الدخل لغالبية الأسر، فضلاً عن ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء التي باتت حلماً صعب المنال بعد أن تجاوز سعر الكيلو الواحد منها 17 ألف ليرة.
وتعقيباً على ذلك قالت السيدة (عفاف، ش) وهي موظفةٌ حكومية وربة أسرةٍ مكونةٍ من خمسة أفراد، وتقطن في مدينة حمص، لـ تلفزيون سوريا، إنّ غالبية العائلات في حمص تمتنع في هذه الأيام عن شراء لحوم الدجاج؛ فالأسعار "ما عادت تُطاق". حسب تعبيرها.
اقرأ أيضاً.. قطاع الدواجن في حمص.. إحجام عن التربية وخسائر متزايدة
وقبل فترة الغلاء الأخيرة؛ كان الفروج حاضراً على موائد الأسر مرة في الأسبوع على الأقل، ولكن بعد ارتفاع سعره أصبح مكلفاً جداً، بما لا يتماشى مع دخل الفرد. وتضيف عفاف "شراء فروج بوزن كيلوغرامين ونصف أصبح يكلف جيبة المواطن حوالي 8 آلاف ليرة، وقد تحتاج بعض الأسر التي تعتمد بشكلٍ رئيس على لحوم الدجاج في غذائها إلى دجاجتين أو أكثر".
وبحسب عفاف فإنّ سعر لحم الفروج ارتفع بصورة مفاجئة وفي غضون أيامٍ قليلة، وذلك بنسبة تقدر بحوالي 50 بالمئة؛ ما أجبر الأهالي إمّا على الاستغناء نهائياً عن لحوم الفروج في أطباقهم أو شراء قطعٍ من الفروج فقط مدفوعين بعدم قدرتهم على شرائها كاملة ومجاراة لأسعار السوق".
غياب للحلول.. ومبررات حكومية لا تحل الأزمة
وكانت "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" في حكومة النظام أصدرت الأحد الفائت، قراراً يقضي بتشكيل لجانٍ لتحديد الأسعار بالمحافظات، بالنسبة للمنتجات الغذائية وغير الغذائية.
في حين قال علي ونوس مدير الأسعار في الوزارة إنّ التذبذب بالأسعار ليس جديداً خاصة بما يخص مادتي الفروج والبيض، والذي يتحكم فيها هو العرض والطلب، ويجري تزويد المؤسسات بنشرة شبه أسبوعية من "وزارة الزراعة" والتكاليف الأساسية لهذه المادة مرتفعة. حسب وصفه.
اقرأ أيضاً.. أطنان من العظام وبقايا الدجاج مُعدة للبيع "كباباً" في ريف دمشق
ويلعب سوق محافظة حمص دوراً أساسياً في تحديد سعر الفروج في سوريا، لاحتوائه على أعدادٍ كبيرة من المداجن التي تستمر بتربية الدجاج حتى في أيام فصل الشتاء، في وقتٍ تتوقف فيه أغلب مداجن المحافظات المتبقية عن العمل بسبب زيادة تكاليف التدفئة، مما يسمح لمربي الدواجن فيها بتصدير الفروج إلى أسواق دمشق ودرعا ودير الزور ومناطق شمال شرق سوريا الخاضعة لسيطرة "قوات سوريا الديموقراطية"، وبالتالي فإنّ ارتفاع الأسعار في المحافظة ينعكس على باقي المحافظات خلال يومين كحدٍ أقصى.