نشر مركز "جسور للدراسات" تقريراً تحدث فيه عن الجولة 17 من "مسار أستانا" حول سوريا، موضحاً اربع مؤشرات يمكن قراءتها من هذه الجولة.
وعُقدت الجولة 17 من مسار "أستانا"، يوم الثلاثاء الماضي في العاصمة الكازاخية نور سلطان، وبحضور وفود الدول الضامنة (تركيا وروسيا وإيران)، ووفدي النظام والمعارضة، وبمشاركة وفود من الأردن والعراق ولبنان كمراقبين، وممثلين عن الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر.
وتضمن البيان الختامي للجولة 18 نقطة، لم تختلف بمعظمها عن بيانات الجولات السابقة، مثل التأكيد على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقلالها، ومحاربة الإرهاب ودعم الحل السياسي؛ لا سيما مسار اللجنة الدستورية، كما أعاد بيان هذه الجولة من جديد ما تضمنته بيانات الجولتين السابقتين 15 و16 بذكر "الإصلاح الدستوري" بدلاً من عبارة "كتابة دستور جديد".
وقال "جسور للدراسات" إن بيان الجولة الأخيرة "تميز عن البيانات السابقة بمطالبة المجتمع الدولي والمنظمات الدولية بالمساعدة في عملية التعافي المبكر في سوريا، وإشارته إلى التوطين المحلي، التي يُقصد بها المصالحات، باعتباره الأسلوب الأنجح في استعادة الأمن والاستقرار".
وتُعد هذه الجولة هي الأولى في جولات "أستانا" التي لم يسبقها تصعيد روسي بقصف مناطق سيطرة المعارضة، وعادة ما كانت مشاهد قصف المدنيين تشكل ضغوطاً وحالة استفزاز لوفد المعارضة قبل أي جولة مفاوضات.
ووفق المركز، فإنه سُبقت هذه الجولة، كما هي العادة، بخطوة لتبادل الأسرى في معبر أبو الزندين، بإشراف الجانب التركي والروسي، وتمرير المساعدات الإنسانية عبر الخطوط بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام من معبر سراقب، مع تقدير أن إجراءات إطلاق سراح المعتقلين وتمرير المساعدات ما تزال شكلية أو رمزية، وفي حدودها الدنيا.
وأشار "جسور للدراسات" إلى أنه يمكن قراءة أربع مؤشرات في جولة "أستانا 17"، وهي:
- بات مسار "أستانا" يعبر أكثر من قبل عن تلازُم المسار السياسي والميداني، وأصبح تقييم عمل اللجنة الدستورية وتحديد الجدول الزمني لعقد جولاتها في جنيف يُقرر بين دول "أستانا" الثلاث، وبشكل أدق بين تركيا وروسيا مع المراقبة الحذرة من إيران، وهو ما يعني مزيداً من انزياح العملية السياسية نحو مسار "أستانا".
- تحاول روسيا ومن خلال منصة "أستانا" إعادة تعريف عمل اللجنة الدستورية، وحصره بالعمل على الإصلاح الدستوري، وليس كتابة دستور جديد، وإعادة الترويج إلى المصالحات على أنها النموذج الأنجح في تحقيق الاستقرار.
- تتجه منطقة شمال غربي سوريا في المرحلة القادمة إلى مزيد من الاستقرار النسبي، رغم بقاء بعض الملفات العالقة وأهمها فتح الطريق الدولي "M4" أمام الدوريات المشتركة والحركة التجارية، وعزل الفصائل المعتدلة عن المتطرفة، وهي ملفات من شأنها أن تحافظ على استمرار وقف إطلاق النار، وإن بشكل قلق ومؤقت.
- لا تبتعد مخرجات "أستانا"، في تأكيد دعم الاستقرار ووقف إطلاق النار وإجراء عملية التعافي المبكر وتخفيف الحصار الاقتصادي عن النظام، عن التفاهمات الروسية - الأمريكية بخصوص التعاطي مع الملف السوري.
وختم المركز تقريره بالقول "يبدو أن الهدف الرئيسي لهذه الجولة من مسار "أستانا" هو مجرد الحفاظ على المسار واستمرار جولاته، مع تأكيد المتفق عليه كخطوط عريضة، وترحيل التفاصيل الخلافية بين الضامنين، مع حرص روسيا على تثبيت بعض المكتسبات السياسية وإن كانت غير متفقة على تعريفها، والحفاظ على استمرارية مسار اللجنة الدستورية وفتح فرصة لجولة جديدة لها في جنيف.