صدرت حديثاً الترجمة الأولى لكتاب "جريمة اغتيال الكونت فولك برنادوت" عن دار "سامح" للنشر، وهو من تأليف الكاتب السويدي يوران بورين وترجمه للعربية سامح خلف.
اغتيل الكونت فولك برنادوت ومعه عقيد فرنسي كان يرافقه في السيارة، في الـ17 من أيلول 1948، وذلك حين أطلقت على موكبه النار في أثناء المرور في شارع عام داخل منطقة تخضع للسيطرة اليهودية في القدس.
ونُفّذ الهجوم من قبل عصابة شتيرن الصهيونية المتطرفة بقيادة إسحاق شامير الذي أصبح فيما بعد رئيساً لوزراء إسرائيل، من دون أن يُحاسب أحد على ارتكاب جريمة الاغتيـال. ونـأت الحكـومة الإسرائيلية المـؤقتـة بنـفسها عن هـذا الفـعل آنذاك، إلا أن الوقائع قدّمت العديد من الدلائل التي تؤكد تورطها بشدة في جريمة الاغتيال.
ويعد الكتاب (عنوانه الأصلي: Mordet på Folke Bernadotte) الصادر عام 2012، من أهم المراجع حول قضية الاغتيال هذه، والتي اعتبرت واحدة من أبشع جرائم الاغتيال السياسي.
ويحتوي على تفاصيل دقيقة ووافية حول الظروف والأحداث التي سبقت حادثة الاغتيال، وما تبعها من تحقيقات وشهادات تلقي الضوء أيضاً على الكثير من تفاصيل ما جرى في فلسطين آنذاك. ويبحث الكتاب أيضاً في الأسباب والدوافع الظاهرة والعميقة التي أدّت إلى انحياز الرأي العام السويدي، والغربي عموماً، إلى الجانب الإسرائيلي على حساب الطرف العربي الفلسطيني.
برنادوت ودوافع اغتياله
اختارت منظمة الأمم المتحدة ابن العائلة المالكة في السويد الكونت فولك برنادوت، بعد انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين، ليكون وسيطاً بين العرب واليهود. واستطاع أن يحقق الهدنة الأولى في فلسطين في الـ11 من حزيران 1948، كما تمكن بعد مساع لدى الجانبين العربي والإسرائيلي من الدعوة إلى مفاوضات رودس التي جرت نهاية ذلك العام.
وفي الـ 27 من حزيران 1948، قدم برنادوت عدة اقتراحات للأمم المتحدة أغضبت الجانب اليهودي وكان من أهمها:
- ينشأ في فلسطين بحدودها التي كانت قائمة أيام الانتداب البريطاني الأصلي عام 1922 -وفيها شرق الأردن- اتحاد من عضوين أحدهما عربي والآخر يهودي.
- يعمل الاتحاد على تدعيم المصالح الاقتصادية المشتركة وإدارة المنشآت المشتركة وصياغتها بما في ذلك الضرائب والجمارك، وكذا الإشراف على المشروعات الإنشائية وتنسيق السياسة الخارجية والدفاعية. ولكل عضو حق الإشراف على شؤونه الخاصة بما فيها السياسة الخارجية وفقاً لشروط الاتفاقية العامة للاتحاد.
- تكون الهجرة إلى أراضي كل عضو محدودة بطاقة ذلك العضو على استيعاب المهاجرين، ولأي عضو بعد عامين من إنشاء الاتحاد الحق في أن يطلب من مجلس الاتحاد إعادة النظر في سياسة الهجرة التي يسير عليها العضو الآخر.
- كل عضو مسؤول عن حماية الحقوق المدنية وحقوق الأقليات، على أن تضمن الأمم المتحدة هذه الحقوق. كما تقع على عاتق كل عضو مسؤولية حماية الأماكن المقدسة والأبنية والمراكز الدينية، وضمان الحقوق القائمة في هذا الصدد.
- لسكان فلسطين إذا غادروها بسبب الظروف المترتبة على النزاع القائم الحق في العودة إلى بلادهم من دون قيد، واسترجاع ممتلكاتهم. ووضع الهجرة اليهودية تحت تنظيم دولي حتى لا تتسبب في زيادة المخاوف العربية.
- بقاء القدس بكاملها تحت السيادة العربية مع منح الطائفة اليهودية في القدس استقلالا ذاتيا في إدارة شؤونها الدينية.
تلك المقترحات بالإضافة إلى مقترحات أخرى لا تقل عنها أهمية، أثارت حفيظة الجانب اليهودي، فاتفقت منظمتا أرغون برئاسة مناحيم بيغن، وشتيرن برئاسة إسحاق شامير، على اغتياله في الـ17 من أيلول 1948.